زنقة 20 ا عبد الرحيم المسكاوي
فجرت التصريحات الأخيرة المنسوبة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، موجة غضب شعبي على مواقع التواصل الإجتماعي وفي صفوف الشباب، والمتعلقة بقضية توظيف مستشاره عبد الوهاب رفيقي المعروف بأبي حفص في مباراة المنتدبين القضائيين رغم تجاوزه السن القانونية للتوظيف، مؤكدًا في المقابل أنه تقدم بطلب إلى رئيس الحكومة لمنحه حالة الاستثناء ووافق عليها.
وقال وهبي، حسب ماسرب، في اجتماع لجنة العدل وبمجلس النواب إنه “قام بـ“حسنة” بتوظيف رفيقي لإنقاذ وضعه الاجتماعي، لأنه أب لثلاثة أبناء، وأضاف “الصحافة تكتب على واحد يمكن أن ينقذ اجتماعيا ويحل مشكله الاجتماعي، حتى الحسنة ما خلاوناش نديروها، نديرو غي السيئة إذن، نعتقلوه ثاني، رغم أنه دوز 10 سنوات في السجن”.
تصريحات الوزير وهبي عوض أن تكون مسؤولة تراعي مشاعر آلاف الشباب لم تتح لهم الفرص لولوج الوظيفة العمومية وتجاوزا السن القانونية للتوظيف بسبب ظروفهم المعيشية أو بسبب حظهم السيء في اجتياز مباريات التوظيف، اختار (الوزير) استفزاز الشباب المعطل وإعطاء انطباع حسب المثل الشعبي أنه “لعندو مو في العرس عمر ما يتخص”، بالإضافة إلى “استفزازه” للراسبين في امتحاني المحاماة والمنتدبين القضائيين، وذلك على إثر دفاع وهبي من داخل قبة البرلمان على توظيف عبد الوهاب رفيقي.
ويبدو أن الوزير وهبي تناسى أن عبد الوهاب رفيقي ليس الوحيد الذي استفاد من عملية المراجعة الفكرية التي قادتها الدولة داخل السجون لتغيير الفكر الجهادي لدى العديد من المعتقلين.. بل وغالبيتهم استفادوا من العفو الملكي ومنهم من يحمل شواهد عليا ودبلومات تحصلوا عليها في سنوات السجن وتجاوزا سن التوظيف، وبالتالي أصبح من حقهم التوظيف على شاكلة عملية توظيف عبد الوهاب رفيقي.
هذه الموجة من الغضب الشعبي ضد وهبي بسبب هذه التصريحات التي تجتاح مواقع التواصل الإجتماعي وبابت حديث الناس، يقارنها المغاربة مع السلوك الأمثل الذي اختاره المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف حموشي من خلال واقعة معبرة تلك التي حصلت مؤخرا خلال الترحم على ذكرى رحيل فقيد الأمة المغربية، المغفور له الملك محمد الخامس بالرباط.
فالمدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف حموشي و خلال خروجه من الضريح ، تقدم إليه شخص مسن لطلب تشغيل ابنه في سلك الأمن ، ليرد عليه مدير الأمن الوطني : ” لا.. خاصو يدوز الإمتحان و إيلا نجح مرحبا بيه”.
الشخص الذي طلب من الحموشي إيجاد فرصة عمل لابنه قال أنه من المشاركين في المسيرة الخضراء ، و صرح للصحافة أنه استغل حضور الحموشي ليطلب منه إيجاد عمل لابنه في سلك الشرطة.
رد الحموشي على طلب الشخص المذكور ، نال إعجاب كثيرين ، واعتبروه ردا صارما من مسؤول سام في الدولة يرفض ما بات يعرف في الإدارة المغربية بـ”باك صاحبي”.
واعتبر متتبعون أن هناك فرق كبير بين سلوك عبد اللطيف حموشي العادل بين أبناء الوطن وبين سلوك وزير العدل المنحاز للعاطفة أكثر من المهنية.
وفي سياق متصل، قال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي على صفحته بالفايسبوك، ”
“في وقت لا يتجاوز 24 ساعة ارتكب عبد اللطيف وهبي أخطاء فادحة وغير مبررة من وزير يحمل صفة العدل، والمصيبة أن تلك الأخطاء ارتكبت أمام ممثلي الأمة بمجلسي البرلمان.
الخطأ الأول، هي زلة اللسان بلجنة العدل والتشريع حينما قال وهو يتحدث عن موكله “والله دين مو لا دخل باقي للمكتب ديالي”، هذه الزلة غير مسبوقة في قاموس مناقشة مشاريع القوانين، والواقع أن هذا الخطأ حمل إساءة للمؤسسات وللدستور وللمنصب الاعتباري الذي يشغله كحافظ للأختام كما ينعت وزراء العدل”.
الخطأ الثاني، يضيف الشرقاوي “حينما علق على نجاح مستشاره عبد الوهاب رفيقي في مباراة المنتدبين القضائيين، قائلا بمجلس المستشارين “درت حسنة و ما خلاوناش نديروها”. هذا الخطأ أصاب في مقتل مبادئ الدستور القائمة على المساواة أمام القانون والشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، وأصاب إصابة بليغة قانون الوظيفة العمومية وأطلق النار على مصداقية ونزاهة مباراة المنتدبين”.
وتابع الشرقاوي “لا أحد يشكك في أن وهبي سياسي جريء وراكم تجربة طويلة في العمل السياسي، لكن إذا كانت قوة وهبي في لسانه فإن نهايته السياسية بشكل مأساوي في لسانه أيضا”.
وقال أحد المعلقين بالفايسبوك على الواقعة “شفتو علاش كنهضر ليكم على الحموشي حيث مسؤول ديال بصح … وهبي قاليكم وضفتوا حيث عندو وليدات وباش نقد والوضع ديالو لإجتماعي ، والحموشي قاليه يدوز لإمتحان ولنجح مرحبا بيه ، شفتو الفرق بين مسؤول حاطو ملك البلاد لأنه عارف اشنو حاط و مسؤول وصل على ظهر الشعب وبداكشي ديال البرامج لإنتخابية… ياربي بغينا بزاف من الحموشي في جميع القطاعات”.
وقال عبد الوهاب السحيمي، عضو تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، وعضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم، “السيد وهبي.. اللي تيدير حسنة تيديرها من ماله الخاص. وأنت تبارك الله وكما سبق أن صرحت بأنك شخص لباس عليك، وعندك مكتب محاماة كبير. وبالتالي، كان عليك أن تخصص منصب للمعني بالأمر داخل مكتبك”.
وأضاف “من غير المعقول نمنعوا أبناء الفقراء من المشاركة في مباراة التعليم بمبرر تجاوزهم 30 سنة، وبالمقابل نوظف شخصا تجاوز 49 سنة لأنه مستشار وصديق وزير العدل”.