تقرير: 23 ألف إصابة بالسيدا في المغرب و70% من النساء تعرض للعدوى في إطار العلاقة الزوجية

زنقة 20 | الرباط

في وقت يواصل فيه داء السيدا الانتشار في جميع أنحاء العالم، تظل مسألة الوقاية من هذا المرض ومكافحته واحدة من القضايا التي تطرح باستمرار.

في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة داء السيدا (1 دجنبر)، يجيب رئيس جمعية محاربة السيدا وائتلاف جمعيات محاربة السيدا بالمغرب، البروفيسور مهدي قرقوري، عن خمسة أسئلة حول طرق انتقال المرض، ويوضح مراحل تطور الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، وكذا العديد من الأفكار الخاطئة المتداولة في ما يتعلق بهذا المرض.

كما يسلط البروفيسور مهدي قرقوري الضوء على دور جمعية محاربة السيدا على مستوى الإخبار والتحسيس والوقاية من العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، مع إبراز الجهود التي يبذلها المغرب من أجل التكفل بالأشخاص الحاملين للفيروس.

1- تمر الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب بعدة مراحل. متى يمكننا الحديث عن الإصابة بالسيدا؟ وما هي طرق انتقال المرض؟

مرحلة الإصابة بالسيدا هي المرحلة الأخيرة من تطور الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، والذي يمر بثلاث مراحل متتالية في غياب العلاج:

– المرحلة 1: عدوى أولية تكون مصحوبة بأعراض قليلة غير محددة (حمى على سبيل المثال، إسهال، أو بدون أعراض مطلقا) والتي غالبا ما لا تلاحظ.

– المرحلة 2: مرحلة الكمون (أعراض عامة أو غياب الأعراض). خلال هذه المرحلة، يقوم الفيروس بتدمير الدفاعات المناعية للشخص.

– المرحلة 3: هي مرحلة السيدا، حيث تبدأ العدوى الانتهازية (البكتيريا والفطريات وبعض أنواع السرطان) في الظهور وتهدد حياة الشخص. هذا بالطبع في حالة عدم وجود علاج، لأن العلاج في الوقت المناسب يمكن من تفادي الوصول إلى مرحلة السيدا.

ينتقل فيروس نقص المناعة المكتسب بثلاث طرق فقط: عبر العلاقات الجنسية غير المحمية، وعن طريق الدم (على سبيل المثال، استخدام الأدوات الحادة)، ومن المرأة الحامل إلى جنينها. ومن المهم التأكيد هنا على أنه لا توجد طرق أخرى للعدوى (فكل ما يتعلق بالحياة اليومية، مثل المصافحة ، وتناول الطعام من نفس الصحن، والعمل في نفس المكتب ، والذهاب إلى الحمام الشعبي وغيرها).

2- أصبح من الممكن اليوم التعايش مع السيدا. هل يمكن القول إذن إن الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب يمكن أن يتمتع بصحة جيدة ؟

نعم بالتأكيد. فبفضل العلاج المعروف باسم “مضادات الفيروسات القهقرية” « antirétroviral » أو “العلاج الثلاثي” « trithérapie » (لأن الأمر يتعلق بمزيج من 3 أدوية)، يمكن للأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب الآن أن يعيشوا حياة طبيعية وأن يتمتعوا بصحة جيدة. غير أنه وجب التأكيد هنا على أن العلاج المضاد للفيروسات القهقرية لا يُمكن من القضاء على الفيروس، لكنه يتيح احتواءه ويحول دون تطوره، بحيث يجعله ضعيفا جدا ويصعب كشفه. أما إذا ما توقف العلاج، فإن العدوى تنطلق مجددا بطبيعة الحال، ويصبح الالتزام بالعلاج ضروريا للغاية.

عند الخضوع للعلاج، يصبح مستوى الفيروس في جسم الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب منخفضا لدرجة أنه لا يصبح معديا للآخرين، وهو ما يمثل تقدما مهما للغاية، ويسمح، على سبيل المثال ، للشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية من إنجاب أطفال غير مصابين بالفيروس، أو لزوجين (أحدهما مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب والآخر غير مصاب) بالعيش معا وحتى أن تكون بينهما علاقات جنسية غير محمية دون أي خوف من العدوى. وهو ما يدل على فعالية العلاج المضاد للفيروسات القهقرية. لكن، وجب التأكيد مجددا، على ضرورة تناوله بانتظام وبشكل مستمر.

3- ما هي الأفكار الخاطئة والمغلوطة التي ما تزال رائجة حول فيروس نقص المناعة المكتسب/السيدا ؟

هي دائما الأفكار المغلوطة نفسها والصور النمطية المتداولة في المجتمع بعد مرور أكثر من 40 عاما على ظهور الوباء: المعلومات الخاطئة حول طرق انتقال العدوى، تؤدي إلى رهاب ضد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب (الخوف من العدوى بسبب التواجد في نفس المكان الذي يوجد فيه الشخص المصاب، أو استخدام نفس الكأس أو الصحن، بل وحتى الخوف من المصافحة…) ، وهي أفكار خاطئة تماما لأننا نعرف الآن وبالضبط كيفية انتقال الفيروس.

هذه المعلومات الخاطئة تغذي الوصم وإقصاء الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب (…). هناك اعتقاد خاطئ آخر بأن الإصابة بهذا الفيروس هي عقوبة إلاهية لمعاقبة سلوك غير مقبول من طرف المجتمع والدين. ويكفي القول إن دراسة أجرتها وزارة الصحة كشفت أن ما يقرب من 70 في المائة من النساء المصابات بفيروس نقص المناعة المكتسب بالمغرب تعرضن للعدوى في إطار العلاقة الزوجية.

ووفقا لدراسة حول مؤشر وصم الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب أجرتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية سنة 2016، والتي شاركت فيها جمعية محاربة السيدا، فإن ما يقرب من 50,2 في المائة من المصابين كانوا ضحايا لمواقف تمييزية، وحوالي 41,2 في المائة قوبل طلبهم للعلاجات بالرفض. وقد أظهرت النتائج الأولية لدراسة مماثلة أجريت سنة 2022 أن ما يقرب من 19 في المائة من المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب، عاشوا تجارب وصم في أماكن الرعاية الصحية وحوالي 58 في المائة يعانون من الوصم الذاتي. لذلك يجب علينا القضاء على هذه الخرافات، التي تزيد من إقصاء الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب وتحد من فعالية جهود مكافحة داء السيدا.

4 – ما هو الدور الذي تقوم به جمعية محاربة السيدا وائتلاف جمعيات محاربة السيدا في الإخبار والتحسيس والوقاية من عدوى فيروس نقص المناعة المكتسب؟

تساهم جمعية محاربة السيدا، من خلال تغطيتها الواسعة للتراب الوطني (19 فرعا و 5 وحدات متنقلة للكشف والوقاية) بما يصل إلى 70 في المائة من الأهداف الوطنية من حيث الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسب/ السيدا التي تستهدف الفئات السكانية الأكثر عرضة للعدوى. نعمل في مجال الوقاية (الكشف، والاستشارات المتعلقة بالأمراض المنقولة جنسيا ، والحد من المخاطر في صفوف متعاطي المخدرات عن طريق الحقن ، والتوعية والتثقيف … )، ودعم التكفل (الوساطة العلاجية من أجل الخضوع للعلاج، ومرافقة الأشخاص الذين تم الكشف حديثا عن إصابتهم) ودعم الأشخاص المتعايشين مع الفيروس (الدعم النفسي والاجتماعي ، والدعم القانوني ، والحصول على الحقوق الأساسية ..).

خلال سنة 2021 ، وصلنا إلى 67.000 شخص ينتمون إلى الفئات السكانية المستهدفة من خلال إجراءات الوقاية ، وأجرينا 30.239 كشفا عن فيروس نقص المناعة المكتسب، و 10.103 كشفا عن مرض الزهري ، و 580 كشفا عن فيروس الالتهاب الكبدي و 8488 استشارة حول الأمراض المنقولة جنسيًا ، ووزعنا 638 اختبارًا ذاتيًا لفيروس نقص المناعة المكتسب على الأشخاص البعيدين عن مراكز الكشف أو الذين لا يستطيعون التوجه إلى هذه المراكز لإجراء اختبارات الكشف.

مكننا عملنا من الكشف عن 519 شخصًا مصابًا بفيروس نقص المناعة المكتسب، أي 32,4 في المائة من الحالات التي تم الكشف عنها بالمغرب سنة 2021 ، وقدمنا 19.300 خدمة لصالح 7000 شخص متعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب. وأخيرًا ، وفي ما يتعلق بالدعوة لتحسين بيئة التدخل ، قمنا بتنفيذ العديد من المبادرات من أجل إدماج جميع الفئات السكانية المستهدفة في التغطية الصحية الشاملة، وكذا العديد من المبادرات التحسيسية أيضا لفائدة القضاة ووكلاء الملك وضباط الشرطة القضائية والدرك الملكي والقوات المساعدة والساهرين على تنفيذ القانون حول سبل الوقاية من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب/ السيدا ومختلف العراقيل التي تحول دون ولوج الفئات السكانية المستهدفة إلى الرعاية الصحية.

وتجدر الإشارة إلى أن جمعية محاربة السيدا عضو مؤسس للائتلاف العالمي لمحاربة السيدا، وهو تحالف دولي للجمعيات العاملة في مجال مكافحة السيدا، والذي يعمل في ما يقرب من 50 دولة مع حوالي مائة جمعية شريكة بهدف تعزيز جهودها من أجل انخراط أفضل للمجتمعات المعنية في جهود مكافحة السيدا، ولتقديم خدمات متميزة وذات جودة للسكان المستهدفين وحتى تشارك بفعالية في تطوير السياسات الوطنية والإقليمية لمكافحة السيدا.

5- ما هي المقاربة التي يعتمدها المغرب للتكفل بالأشخاص الحاملين لفيروس نقص المناعة المكتسب؟

يتوفر المغرب على استراتيجية ممتازة لمكافحة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به كمنموذج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى سبيل المثال ، إذا استثنينا السنوات التي عرفت تفشي جائحة كوفيد-19 ، فإن المغرب كان البلد الوحيد تقريبًا الذي خفض عدد الإصابات الجديدة عامًا بعد عام (تم تخفيض عدد الإصابات الجديدة بنسبة 48 في المائة والوفيات المرتبطة بالسيدا بنسبة 58 في المائة منذ سنة 2010، في حين ارتفعت هذه المعدلات بشكل حاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال نفس الفترة). البرامج مبتكرة وفعالة نسبيًا. وهناك مشاورات على نطاق واسع بين مختلف المتدخلين، ولا سيما وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ، والمجتمع المدني ، والجهات المانحة الدولية… ومع ذلك، تظل الموارد المخصصة غير كافية ولدينا العديد من الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها، خاصة وأنه يتم تقليص التمويلات الدولية المخصصة لمكافحة السيدا، مما يطرح السؤال حول استدامة التمويل لمكافحة المرض.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد