عبد النباوي : جريمة غسل الأموال تسيئ إلى سمعة المغرب و السلطات حريصة على حماية الإقتصاد الوطني

زنقة 20 | الرباط

قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الرئيس الأول لمحكمة النقض،

و اضاف عبد النباوي ، في كلمته اليوم الإثنين بمناسبة افتتاح الدورة التكوينية حول تعزيز قدرات السادة القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال ،بشراكة مع رئاسة النيابة العامة وبتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، أن جهود المؤسسات الوطنية تتواصل في هدي السياسة الملكية الرشيدة، وتنفيذاً لبرامج التنمية الشاملة والحكامة المستنيرة وبناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية، التي يسهر الملك على تعميمها وترسيخها.

و ذكر أن” التأسيس لثقافة مكافحة غسل الأموال في بلدنا يتم وفق مقاربة تشاركية وتراكمية تنم عن دينامية حيوية تستجيب للمتطلبات الدولية مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لبلادنا”.

و أوضح أن ” هذه الرؤية التدريجية المتبصرة والمتفاعلة مع توصيات فريق العمل المالي، هي التي شكلت خلفية لمختلف التعديلات القانونية الموضوعية والشكلية التي أدخلت على قوانين مكافحة غسيل الأموال”.

و أشار إلى أنه “اضطلاعا من المجلس الأعلى للسلطة القضائية بدوره كعضو في المنظومة الوطنية لتنزيل خطة العمل المتفق عليها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتفعيلا لاختصاصاته الدستورية في صيانة الأمن القانوني وتحقيق النجاعة القضائية، فقد نظم دورات تكوينية حول غسل الأموال وشارك في أخرى”.

و أكد أن ” ملاءمة التشريع المغربي مع توصيات مجموعة العمل المالي والمعايير الدولية المنظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر إدخال تعديلات على مقتضيات القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، بموجب القانون رقم 12.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 8 يونيو 2021، يشكل مناسبة سانحة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية للاضطلاع بدوره التأطيري والتكويني للقضاة المعنيين بتطبيق هذا القانون. لاسيما بعدما تم توسيع دائرة الاختصاص المحلي للمتابعة والتحقيق والمحاكمة عن جرائم غسل الأموال، لتشمل إلى جانب المحكمة الابتدائية بالرباط، كلاًّ من محاكم الدار البيضاء ومراكش وفاس. وهو ما سيؤدي بلا شك إلى مزيد من النجاعة الأمنية والقضائية في مكافحة أشكال غسل الأموال، وحماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على نظافة الدورة الاقتصادية للمملكة”.

و أوضح عبد النباوي أن ” هذه الدورة التكوينية تأتي لأجل تجديد معارف القضاة المكلفين بقضايا غسل الأموال من جهة. وكذلك لدعم قدرات قضاة آخرين كُلِّفوا بالمحاكم التي استُحدِث بها هذا الاختصاص، للنظر في قضايا غسل الأموال. والذين سيشرعُون ابتداء من فاتح يناير 2022 في مباشرة الاضطلاع بتلك القضايا. وذلك في المحكمة الابتدائية بمراكش بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من مراكش وآسفي وورزازات وأكادير وكلميم والعيون. وبالمحكمة الابتدائية بفاس، بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من فاس ومكناس والرشيدية وتازة والحسيمة والناضور ووجدة. وبالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالدار البيضاء وسطات والجديدة وخريبكة وبني ملال. في حين سيصبح اختصاص المحكمة الابتدائية بالرباط – المختصة وطنياً في الوقت الراهن – مقتصراً على دوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالرباط والقنيطرة وطنجة وتطوان”.

عبد النباوي قال أن ” عمليات غَسل الأموال تقارب بما يقارب 2200 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 3% من الناتج الخام الدولي (المقدر حوالي 85000 مليار دولار).”

و اعتبر أن ” خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة إذا عرفنا أنها تقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار) وفرنسا (2775 مليار دولار) والهند (20716 مليار دولار). وتتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، كندا (1711 مليار دولار)، روسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار).”

“كما أن رقم المعاملات العالمي عن طريق غسل الأموال (2200 مليار دولار) يعادل معدل الناتج الداخلي الفردي لحوالي 200 مليون فرد من سكان العالم. وهو ما يكفي للقضاء على المجاعة بالعالم والتي يعاني منها حوالي 800 مليون شخص، يُتَوفى من بينهم 25000 شخص يومياً بسبب الجوع. بحيث إن اقتسامه بينهم يؤدي إلى حصول لكل واحد بين 800 مليون فقير على 230 دولاراً شهرياً، أي ثماني دولارات يوميا لكل فرد، وهو ما يكفي لمنع الموت بسبب الجوع” يضيف فارس.

و شدد المسؤول القضائي على أن ” السلطات المغربية حريصة على حماية الاقتصاد الوطني، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية وتداعيات ذلك على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية . ويتجلى هذا الحرص الوطني من خلال تبني المملكة لعدة تدابير إجرائية في مستويات متعددة تشريعية وتنظيمية وقضائية”.

وذكر أن ” مرور أزيد من عشر سنوات على تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقسيم الاختصاص القضائي الوطني بين أربع محاكم، يشكل هو الآخر مناسبة لتبادل الرؤى بين الممارسين والخبراء الوطنيين والدوليين، حول مختلف الجوانب التشريعية والتنظيمية والقضائية ذات الصلة”.

و أشار إلى ” إشكاليات من قبيل مدى الاستقلالية أو التبعية بين الجريمة الأصلية وجريمة غسل الأموال، والتمييز بين مؤشرات الاشتباه المعتمدة في التحري والبحت، وعند الاقتضاء المتابعة. وحدود السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقييم وسائل الإثبات. والاعتداد بالفعل الجرمي الأصلي حتى ولو ارتكب خارج الحدود، وحجية الأحكام الأجنبية أمام القضاء الوطني، وغيرها من المواضيع القانونية والعملية، لجديرة بأن تقام حولها الدورات التكوينية بما يُسهم في تبادل المعارف والآراء، وتعميق الفهم وتوحيده، بما يخدم العدالة والأمن القانوني. وهو رهان أساسي من رهانات هذه الدورة التكوينية التي ستكون فاتحة دورات تكوينية ولقاءات علمية أخرى حول جرائم الفساد المالي بصفة عامة”.

عبد النباوي أكد أن ” المجلس الأعلى للسلطة القضائية سيعمل على تتبع مخرجات هذه الدورات التكوينية وتفعيل توصياتها، قصد الرفع من النجاعة القضائية في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد