زنقة 20 | الرباط
تعتبر قضية استغلال سيارات الدولة بالمغرب ظاهرة غريبة لا تواجد في أي بلد آخر.
وبات استغلال سيارات الدولة خارج نطاق القانون ، يعرف فوضى عارمة بسبب ضعف المراقبة و تهاون السلطات المسؤولة عن محاصرة هذا النوع الجديد من تبذير المال العام.
و يستفيد المسؤولون الحكوميون والموظفون السامون و رؤساء الجماعات الترابية و موظفون بهذه الجماعات من مجموعة من الامتيازات والتعويضات من أبرزها (سيارات الدولة) والتي توضع تحت تصرفهم لتسهيل مهامهم وضمان الظروف الملائمة لقيامهم بها، على أن تتحمل الدولة نفقاتها من تأمين وصيانة ووقود، وفق المرسوم رقم 2.97.1051 الصادر بتاريخ 2 فبراير 1998 والمتعلق بمجموعة السيارات التابعة للإدارات العامة، والمنشور رقم 98/ 4 الصادر في 20 فبراير 1998 الخاص بتدبير وتسيير حظيرة سيارات الإدارات العمومية، والمنشور رقم 98/ 31 الصادر في 28 يوليو 1998 المتعلق بترشيد تدبير حظيرة سيارات المؤسسات العمومية.
غير أن استعمالات تلك السيارات وعملية اقتنائها وإيجارها من قبل المسئولين ورؤساء المجالس الترابية (مجالس جهوية، مجالس اقليمية و مجالس محلية) تعرف اختلالات كثيرة وتبذيرا مفرطا للمال العام.
و يتوفر المغرب على أزيد من 115 ألف سيارة بالقطاعات العمومية والجماعات الترابية حسب معطيات رسمية غير محينة، تخصص لها الحكومة المغربية 1.2 مليار درهم سنويا (100 مليار و200 مليون سنتيم ) تشمل نفقات التسيير والصيانة والمحروقات والشراء و الكراء بالإضافة الى 44 مليون درهم للتامين.
هذه الأرقام تبرز بالواضح الأموال الكبيرة المرصودة لسيارات الدولة و الجماعات المحلية والتي يتم عبرها استنزاف المال العام بدون حسيب أو رقيب.
ويتجلى ذلك في تجاوزات استخدام هذه السيارات ، فبدل ان يتم استعمالها لتسهيل مهام المسئولين و عمل الإدارة ، فهي تستعمل في مجالات لا علاقة لها بالمصلحة العامة وذلك من خلال استغلالها من لدن مسئولين، خارج أوقات العمل ولأغراض شخصية بل والسفر بها نحو مناطق بعيدة عن مقرات عملهم على حساب ميزانية الدولة التي تؤدي مصاريف الوقود والصيانة.
في الوقت الذي نجد القانون ينص في مرسوم 2014 ينص على أنه لا ينبغي نقل أفراد غير عاملين بالإدارة عبر السيارات الوظيفية وأن سائق السيارة يجب عليه ان يتوفر على وثائق تهم الوجهة وطبيعة الراكبين معه وعددهم ووظيفتهم ، و المهام التي سيقومون بها وهو الأمر نفسه بالنسبة لأي تزود بالبنزين أو الصيانة ، إلا أن سيارات الدولة وسيارات المصلحة الحاملة لعلامة “المغرب” بالأحمر و “ج” بالنسبة لسيارات الجماعات الترابية يمكن أن تصادفها خارج اوقات العمل والمهام الادارية في الشواطئ والمنتجعات السياحية والحمامات، خاصة في العطل المدرسية و الصيفية ، و امام الأسواق و المتاجر الكبرى وأمام أبواب المدارس والفنادق الفخمة وغيرها من الاماكن الخاصة.
و تحولت هذه السيارات إلى ريع سياسي واجتماعي بامتياز ، يجعل بعض النفوس الضعيفة لا تتورع عن استعمال المال العام لشراء سيارات فخمة من المال العام دون حياء او خجل و هذا ما يعتبر حسب حماة المال العام “فسادا كبيرا و خيانة للأمانة”.
وما يزيد في الطين بله ان العديد من الجماعات الترابية و المجالس الاقليمية و الجهوية و الوزارات تلجأ إلى كراء سيارات الخدمة بـأثمنة خيالية من شركات لكراء السيارات غالبا ما تكون باسم افراد من عائلاتهم عوض شرائها وتسديد ثمن اقتنائها في مدة وجيزة لتصبح بعد ذلك ملكا للإدارة او الجماعة.