زنقة 20. الرباط
تكشف وزيرة الإسكان الإسبانية السابقة، ماريا تروخيو، في هذا الحوار الذي خصت به جريدة Rue20 بالنسخة الإسبانية، عن رأيها بخصوص التأثير المحتمل لنتائج الإنتخابات الجهوية والإقليمية وكذا الإنتخابات البرلمانية المقبلة في إسبانيا على العلاقات مع المغرب، فضلاً عن التركيبة السياسية المحتملة للحكومة المقبلة.
●حاورها اسماعيل الخوجة
– بصفتك وزيرة سابقة في حكومة خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، كيف تحللين نتيجة الانتخابات الجهوية والبلدية الأخيرة؟
فعلا، كان شيئًا متوقعًا وأيضًا غير متوقعا في نفس الوقت. أي ملاحظ مهتم بالشأن الداخلي، أو مواطن عادي، أو مناضل عادي من اليسار “كان يعلم” أن الأمور لم تكن تسير على ما يرام. الإشعاع الدولي والصورة الوطنية شيء، والواقع شيء آخر. إسبانيا بلد مستقطب.
نتيجة للعديد من الأخطاء الجسيمة، انقسمت البلاد: المغتصبون ضد الضحايا (مثل قانون “نعم تعني نعم”) ( la Ley del sólo sí es sí)، أرباب العمل ضد المستأجرين (قانون الإسكان الأخير)، مرتكبي الأعمال الإرهابية ضد الضحايا (لوائح بيلدو BILDU)، النساء، الناشطات النسائية الاشتراكيات، ضد بقية الأجناس (حالة قانون الترانس) Ley) trans).
باختصار، كثيرة هي الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الإجراءات المرتبطة بالسياسة الخارجية، التي قسمت البلاد إلى طرفين.
– هل كنت تتوقعين انهيار اليسار؟
نعم، كان أمرا متوقعا، لكننا لم نكن نتوقع انهيارا بهذا الحجم. سقطت مجموعة من المعاقل التقليدية للحزب الاشتراكي، سواء في الجهات المستقلة أو البلديات. لحقت الخسارة العديد من السياسيين الذين كانوا يحظون باحترام الناخبين. قد أجريت هذه الانتخابات الوطنية تحت قيادة رئيس الحكومة وكأنها انتخابات عامة.
وكان التصويت على هذا النحو: بيدرو “نعم”، بيدرو “لا”. بأغلبية مطلقة، وفقط بفارق 900 من الأصوات مع اليمين، نجت جهة مستقلة واحدة، كاستيا لامانشا. والأسوأ من ذلك كله: حزب اشتراكي متدمر.
– هل تعتقدين أن انقسام اليسار أثر على الحزب الإشتراكي؟
وفقًا للقوانين الانتخابية العامة والجهوية، فإن الانقسام الذي يحصل داخل مختلف الأحزاب السياسية، سواء أحزاب اليسار أو أحزاب اليمين، يؤثر لا محال على االحزب الإشتراكي والحزب الشعبي.
هذا أمر لا مفر منه، وربما مرغوب فيه. كما صوت المواطنون أيضا لصالح أحزاب أخرى لها برامج انتخابية مختلفة. قامت كل من بوديموس (Podemos)، فوكس (VOX)، وثيودادانوس (Ciudadanos) وغيرها من الأحزاب الصغيرة من خطف الأصوات من القوى السياسية الكلاسيكية.
– هل تتفقين مع قرار بيدرو سانشيز بتعجيل الانتخابات العامة في 23 يوليوز؟
شخصيا، كنت قد أيدت سابقا تعجيل انتخابات ديسمبر 2022، ولم يكن الأمر كذلك. كنت آمل أن يتم إجراؤها مع الانتخابات الجهوية في ماي 2023. لكن لم يحصل ذلك. والآن تم تعجيلها فعلا بيأس وفي سباق مع الزمن. لم يتم أخذ القرار بشكل أفضل أو في وقت مناسب.
لم يتم القيام بذلك بأفضل طريقة لأنه في ظل الديمقراطية يبغي احترام الوقت. مثل هذا الأمر (تعجيل الانتخابات) لا ينبغي أن يتقرر بين عشية وضحاها، في دائرة لا يعرفها الجميع.
أولاً، هناك هزيمة وهناك انتصار يحتفل به، وهناك أجهزة الحزب يستمع لها وهناك تحاليل حول تلك الهزيمة.
ثانياً: ينبغي إعطاء المجال للمؤسسات المنتخبة لتتشكل وتثبت نفسها وتتوصل إلى اتفاقياتها ومواثيقها، لأن ذلك يتعلق باحترام إرادة المواطن التي انبثقت عن صناديق الاقتراع.
ثالثًا، يُسمح للحزب الاشتراكي أن يقول كلمته، كما كان سيفعل بعد ساعة من إعلان حل البرلمان…
التوقيت ليس مناسبا أيضًا. لم نشهد هذا من قبل في ظل ديمقراطية متقدمة وراسخة. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض القوانين الانتخابية الجهوية التي تمنع إجراء العمليات الانتخابية في الصيف.
كما أنه ليس من المناسب أيضا إجراء انتخابات عامة في الوقت الذي يتم فيه تشكيل المجالس البلدية والحكومات الجهوية المستقلة، بالتزامن مع حملة الانتخابات العامة. ما عدا إذا كان هذا الأمر عبارة عن تكتيك سياسي، وإلا فهو خطأ.
وأخيرًا، لا يبدو أن هذا هو أفضل توقيت أيضًا إذا علمنا أن بدء رئاسة الاتحاد الأوروبي سيكون في الأول من يوليوز، بمعنى أن هذا الشهر ستتزامن فيه الحملة الانتخابية مع بدء رئاسة الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، لن يتم تشكيل حكومة إسبانيا حتى أكتوبر، وحتى ذلك الحين، سنشهد حكومة تصريف الأعمال. كل ما كان متوقعًا في هذا النصف الثاني من العام الجاري ذهب أدراج الرياح.
– هل هناك احتمال أن يتكرر سيناريو عام 2007؟
نتائج الانتخابات الجهوية والمحلية متقاربة جدًا من حيث العدد والنسب بالنسبة للحزبين الرئيسيين، لكن تركيبة القوى السياسية كانت مختلفة تمامًا عن التركيبة الحالية.
لم يكن آنذاك لا بوديموس (Podemos) ولا ثيودادانوس (Ciudadanos) ولا فوكس (VOX)، على سبيل المثال لا الحصر. وفي عام 2008، شكل الحزب الاشتراكي الحكومة برئاسة ثاباتيرو للولاية الثانية. أنا شخصياً انتخبت نائبة في مجلس النواب عن كاسيريس (إكستريمادورا).
نتمنى أن يدرك رئيس الحكومة، خلال هذين الشهرين المتبقيين على إجراء الانتخابات العامة، إخفاقاته ويقوم بتقييم الجواب الذي قدمه المواطنون يوم الأحد الماضي بشأن إجراءاته الاجتماعية والاقتصادية وكذا الإجراءات المتعلقة بالسياسة الخارجية. هناك أشياء لم يتم معالجتها وتدبيرها بشكل جيد، مما جعل الناخبين يتنفسون بهذا الشكل.
– ما هو السيناريو الأفضل بالنسبة للمغرب في الانتخابات العامة المقبلة؟
يجب على المغرب أن يكون مرتاحا، على الرغم من وجود فرق كبير جدا بين المغرب وإسبانيا. المغرب لديه استراتيجية واضحة وثابتة في سياسته الخارجية، دائما فوق كل اعتبارات الأحزاب السياسية والحكومات المتناوبة على الحكم.
في المقابل، لا يحدث نفس الشيء مع إسبانيا. هناك دائما جدال بين الأحزاب حول السياسة الخارجية. ومن ثم، فإن المغرب يفكر فيما إذا كان هذا الحزب أو ذاك أفضل بالنسبة له. كما قلت سابقا، إذا حكم حزب الاشتراكي (PSOE)، سيسير على نفس النهج مع المغرب، أو أفضل بكثير، كما نأمل. وإذا حكم الحزب الشعبي (PP)، سيكون أفضل أيضا للمغرب، مثلما أكد ذلك باستمرار قادة اليمين.
– هل ستكون الحكومة المركزية المستقبلية للحزب الشعبي أفضل بالنسبة للمغرب؟
كما أشرت من قبل، على الرغم من أن التاريخ يُظهر أنه مع اليسار الأمور تسير بشكل جيد، إلا أنه يُظهر أيضًا أنه مع اليمين الأمور جيدة كذلك.
في السنوات الأخيرة، قام زعماء الحزب الشعبي، من مختلف الجهات المستقلة التي يحكمها هذا الحزب، بزيارة إلى المغرب. على سبيل المثال، الأندلس. هل يجرؤ شخص ما على القول بأن علاقات المغرب مع الأندلس سيئة لأن الحزب الشعبي يحكم هناك؟ أجرؤ على القول بأنها جد جيدة. خير دليل على ذلك الاتفاقيات المبرمة بين الجامعات الأندلسية والجامعات المغربية، وأيضا الاجتماعات رفيعة المستوى في المجال الاقتصادي، ومؤسسة الثقافات الثلاث (Fundación Tres Culturas)، إلخ.
باختصار، إسبانيا دولة تتمتع بالحكم الذاتي ومعظم الصلاحيات تتمتع بها الجهات المستقلة وليس الدولة.