زنقة 20 ا عبد الرحيم المسكاوي
أكد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، أن “برلمان البحر الأبيض المتوسط أصبح نموذجا فريدا للتعاون والحوار والتضامن خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة والمعقدة المطبوعة بالتحولات الإقليمية والدولية.
وأضاف ميارة في الجلسة الإفتتاحية لأشغال الجمعية العامة السابعة عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط ، اليوم الأربعاء، بمجلس المستشارين، أن “برلمان البحر الأبيض المتوسط أضحى نموذجا رائدا وفريدا للتعاون، وما أحوجنا إلى هذا الحوار والتضامن، لاسيما في هذه المرحلة الدقيقة والمعقدة المطبوعة بالتحولات الإقليمية والدولية والتحديات المتشابكة والمتعددة الأبعاد، وعلى رأسها الإكراهات الهيكلية والبنيوية التي تعيق بلورة نموذج للتعافي الاقتصادي والاجتماعي من جائحة كورونا وتجاوز تبعاتها السلبية، وإعادة تأهيل المنظومات الاقتصادية الوطنية، إضافة للأزمات الجيواستراتيجية، والحرب في أوكرانيا التي عمقت أزمة أسعار الطاقة والأغذية والسلع الأولية وسلاسل الإمداد والتوريد، وعرقلت النمو وتسببت في زيادة سرعة التضخم وضعف القدرة الشرائية، ناهيكم عن التحديات الإقليمية المرتبطة بعدم الاستقرار والتطرف والإرهاب واستفحال ظاهرة الهجرة، والهشاشة والبطالة، وتداعيات تغير المناخ والتصحر وإشكاليات تحقيق الأمن الغذائي والأمن المائي”.
وأوضح ميارة “إنه سياق يسائلنا اليوم بإلحاح كبير ويدعونا إلى التشخيص الدقيق والتقييم الموضوعي لهذا الوضع الإقليمي، من أجل تجاوز هذه المرحلة الاستثنائية، وذلك من خلال الحوار والتضامن والتنسيق والتشاور وتبادل الخبرات والمعرفة والتجارب في جميع القضايا الرئيسية المشتركة والعمل على بلورة التصورات والاستراتيجيات الإقليمية والوطنية الدامجة والبرامج التنموية الملائمة القمينة بتحقيق التنمية المستدامة المشتركة وضمان مستقبل الأجيال القادمة، وهذا بالتوازي مع مسار تعزيز السيادة الوطنية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والطاقية والغذائية والصحية. وهنا تأتي أهمية دورنا كبرلمانيين في العمل، من جهة، على سن التشريعات والقوانين الملائمة والكفيلة بتحقيق التنمية المستدامة بجميع أبعادها، ومن جهة أخرى، حث حكوماتنا قصد بلورة سياسات تنموية ناجعة وفعالة في هذا الصدد”.
وأكد رئيس مجلس المستشارين بالقول “إننا في مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، وانطلاقا من المكانة التي نوليها لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، على اعتبار أنها مكرسة في دستور المملكة ومن نهج السياسة الخارجية المغربية المبنية على أسس الالتزام بالعمل المشترك لتدبير التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون المثمر، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها، فإننا نعتزم مواصلة تعزيز الدور النشط لمجلس المستشارين في أعمال برلمان البحر الأبيض المتوسط منذ تأسيسه والمساهمة بشكل ملموس في مبادرات هذه المنظمة البرلمانية الرائدة وبرنامجها من أجل التنمية والاستقرار والسلام في المنطقة.
وتابع ميارة أن “المنظمة البرلمانية الإقليمية تسعى إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين بلدان المنطقة المتوسطية ومنطقة الخليج، بما يخدم السلام والاستقرار والتعايش والتنمية والازدهار لشعوب المنطقتين؛ وتعزيز القيم المشتركة لدول حوض المتوسط كنتاج لتلاقح الحضارات والثقافات عبر مختلف الأزمنة، وقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ ومد جسور التعاون الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المنطقتين وتعزيز الشراكات متعددة الأبعاد، في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والإنسانية وعلى مستوى القضايا الإقليمية والدولية”.
وزاد المتحدث ذاته أن “مجلس المستشارين يسعى إلى ترسيخ العمل المهيكل الذي أرسته برلماناتنا وتحقيق التراكم، وذلك من منطلق دعم كل المبادرات الرامية إلى تحقيق مسعى تقوية التعاون أمام تعاظم التحديات التي تواجهنا، وتكثيف التنسيق والتشاور البين-برلماني، وكذا تعزيز تبادل الرؤى والخبرات والتجارب بشأن مختلف القضايا ذا ت الاهتمام المشترك”.
إن برلماننا المتوسطي والخليجي مدعو اليوم، يضيف رئيس مجلس المستشارين، “وفي ضل هذه التحديات الإقليمية والدولية الضاغطة، لاعتماد مقاربة متجددة واستشراف آفاق جديدة للتعاون وفق المتغيرات الجيوسياسية، وتماشيا مع الرغبة المشتركة لنا جمعيا في إعطاء دفعة قوية لعلاقات تعكس الطموح من أجل شراكة جديدة وحوار سياسي يأخذ بعين الاعتبار مستجدات الفضاء الأورومتوسطي، في احترام تام للمصالح الاستراتيجية لجميع دولنا، وفي إطار نظام متعدد الأطراف محكوم بالوضوح والتوازن والعدل وبعيد عن ازدواجية المعايير وعن الوصاية في قضايا شاملة وكونية متعارف عليها، كما أننا مدعوون للدفع باعتماد نموذج جديد للشراكة بين ضفتي المتوسط يأخذ بعين الاعتبار الامتداد الإفريقي على اعتبار الرهانات والتحديات المشتركة التي تتجاوز النطاق الجغرافي المتوسطي، مثل مكافحة الاتجار بالبشر، والإرهاب، والأمن، والتطرف، والهجرة”.
وشدد ميارة على أن التوترات المتنامية والحروب بالوكالة تهدد استقرار وأمن المنطقة المتوسطية، وعلى أن التهديد الإرهابي يكتسي أهمية أكبر باعتبار المنطقة تجد امتدادها في منطقة الساحل التي تشكل مرتعا للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. مؤكدا على أن “المغرب يعد فاعلا مسؤولا في مجال الأمن الإقليمي والاستقرار في إفريقيا جنوب الصحراء والمتوسط، وعلى أنه تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حرص دائما، باعتباره بلدا مطلا على المتوسط والمحيط الأطلسي، على أن يكون رافعة للسلام بمنطقته وصلة وصل بين المناطق”.
ودعا ميارة في كلمته الإفتتاحية إلى “ضرورة تكاثف الجهود للدفع باعتماد نموذج جديد للشراكة بين الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط وببناء إطار جديد للتعاون والتضامن القادر على تقوية آليات التطور والازدهار والاستفادة من قدراتنا المشتركة. وقد كان التضامن ولا يزال هو كلمة السر لتعزيز صمودنا المشترك أمام الأزمات”.