زنقة 20 | الرباط
كشف تقرير اللجنة الاستطلاعية المؤقتة حول “الوضع الصحي بجهة فاس-مكناس” المنبثقة عن لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، عن فضائح في قطاع الصحة بالجهة.
المهمة التي قدمت التقرير أمام وزير الصحة ، وقفت على على الخصاص الكبير في الموارد البشرية في قطاع الصحة في جهة فاس- مكناس، بعد زيارتها لعدد من المراكز الطبية، التابعة للجهة، والموزعة بين المستشفى الجامعي الحسن الثاني بمدينة فاس؛ والمستشفى الجهوي الغساني؛ والمستشفى الإقليمي بمدينة تاونات؛ والمستشفى الإقليمي ابن باجة بمدينة تازة، والمستشفى الإقليمي محمد الخامس بمدينة صفرو؛ ومركز تصفية الدم بالمدينة نفسها.
كما شملت الزيارات الميدانية، المستشفى الإقليمي محمد الخامس ومستشفى سيدي سعيد بمدينة مكناس؛ والمركز الصحي بالضويات؛ والمركز الصحي براس الماء؛ وورش المركز الصحي الخاص بالأمراض التنفسية؛ وكذا البقعة الأرضية التي سيقام عليها المستشفى الإقليمي، فضلا عن المستشفى الإقليمي 20 غشت بمدينة آزرو؛ والمستشفى الإقليمي المسيرة الخضراء بمدينة ميسور؛ والمستشفى الإقليمي الأمير مولاي الحسن بمدينة الحاجب.
وقالت خلال مناقشة التقرير، إنه بعد زيارتها للمستشفى الجهوي في فاس، ومجموعة من المصالح الطبية فيه، مثل طب الأطفال، وطب النساء والتوليد، ومصلحة الجهاز الهضمي، ووحدات الكشف بالأشعة، ووحدة أمراض القلب والشرايين، تبين لها أن حجم الخصاص من الموارد البشرية كبير جدا.
ووقف التقرير على اختلالات وإكراهات كبيرة تعاني منها المستشفيات والمراكز الصحية المعنية بالمهمة، والتي تشكل بحسبهم “عائقا حقيقيا أمام تحسين وتجويد الخدمات الصحية بالجهة”.
وفي هذا الصدد، لاحظ أعضاء المهمة خلال زيارتهم للوحدة المخصصة للتكفل بمرضى كوفيد19 بالمستشفى الإقليمي بتاونات، “عدم مطابقة اللباس الواقي الم تعمل من طرف الأطر الصحية للمعايير المستعملة في باقي مستشفيات المغرب، حيث يعتبر غير كامل (عدم توفر غطاء الرأس والقفازات)، فضلا عن عدم ارتداءه بشكل احترافي وبالدقة الواجبة.
ونقل التقرير تذمر وشكوى مرضى كورونا من “عدم توفير العلاج والأكل الكافي لهم”، وتقديم وجبة غير مناسبة بتاتا لمريض بالسكري عبارة عن قطعة خبز بالجبن وكأس شاي بالسكر، إذ جاء فيه أنه “وبمجرد وصول اللجنة إلى هذه الوحدة، صاح أحد المرضى المصابين بكوفيد 19 من خلال نافذة غرفته ليؤكد للجنة بصوت عال وأمام الملأ أنهم لم يتوصلوا بالدواء، ولا بالوجبات الغذائية”، وهو ما عقب عليه أحد المسؤولين بالمستشفى، قائلا إن “ما يدعيه هذا المريض غير صحيح”.
كما أورد التقرير شكوى مريض آخر من نفس المشاكل والمتمثلة أيضا في ضعف النظافة، وهزالة الوجبات الغذائية المقدمة إليهم، وعدم توصلهم بالبروتوكول الدوائي لمعالجتهم، مضيفا أن المسؤولين عن الجناح “قاموا بإغلاق أبواب الجناح عليهم وتركهم لمدة طويلة بهذه الغرف المعدة لهم”.
ومن ضمن الحقائق الصادمة التي وقفت عندها اللجنة كذلك “عدم وضوح مسالك كوفيد 19 حيث يتم استقبال المرضى في نفس المصالح مع باقي المرضى؛ وإقامة أقرباء مرضى كوفيد معهم في نفس الغرف للعناية بهم؛ وعدم وضوح تصريحات مدير المستشفى فيما يخص التكفل بمرضى كوفيد 19.
و سجل أعضاء اللجنة الاستطلاعية أن كل المرضى ولجوا المستشفى في اليوم السابق للزيارة، ويسهر على العناية بهم أقرباؤهم بدل الأطر الصحية ولا يحصلون على الأدوية الضرورية حيث يقتنونها من الصيدليات خارج المستشفى، إضافة إلى محاولة المسؤولين التستر على مجموعة من المشاكل خاصة عدم انخراط جميع الأطر الصحية في تقديم الخدمات وتعويضهم بمتعاقدين ومتدربين.
وفيما يخص الوضع الصحي بمستشفى ابن باجة بتازة، تساءل أعضاء اللجنة البرلمانية، خلال اجتماعهم مع مدير المستشفى عن أسباب “غياب بعض الأطباء عن العمل”، إذ لاحظوا أن “هناك 4 أطباء مختصين في الأشعة، ثلاثة منهم دائما في حالة غياب تام، في حين يوجد طبيب واحد يشتغل طيلة الأسبوع”، كما تساءلوا عن عدم وجود آليات الكشف عن أمراض القلب والشرايين داخل المستشفى، ليرد المدير موضحا أن “المستشفى كان يتوفر على 3 أطباء اختصاصيين في أمراض القلب والشرايين، لكنهم غادروا جميعا، اثنين لأسباب عائلية والثالث صيني الجنسية انتهت عقدته والتحق ببلده، وحاليا يم الاستعانة بأطباء من صفرو وفاس”.
اللجنة، وخلال زيارتها للمستشفى الإقليمي بصفرو، وقفت عند الخصاص المهول في الأسرة اللازمة للاستشفاء، حيث لا يتوفر إلا على 3,3 سرير لكل 10 آلاف نسمة وهو ما يمثل حوالي نصف المعدل الجهوي وأقل من نصف المعدل الوطني.
وسجل التقرير البرلماني ضعف التجهيزات بمجموعة من المصالح خاصة المستعجلات ومختبر التحاليل البيولوجية وغرفة الجراحة بمصلحة طب النساء والتوليد ومصلحة حديثي الولادة والمركب الجراحي، حيث يتطلب الأمر على الأقل إضافة 3 أطباء في كل تخصص، و 4 أطباء على الأقل في تخصص طب النساء والتوليد.
وبعد زيارتها للصيدلية المركزية بالمستشفى، لاحظت اللجنة أن المصلحة المعدة لصيانة وحفظ الأدوية غير كافية، مشيرة في تقريرها إلى أن مجموعة من العلب الخاصة بالأدوية مخزنة في أحد الجوانب التابعة لمصلحة الأشعة، وبعضها يوجد بالمسجد التابع للمستشفى، الذي تم إغلاقه منذ بداية انتشار وباء كوفيد 19.
هذا، وأكد التقرير على ضرورة إعطاء توضيح بشأن أجهزة تم اقتناؤها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2017، ولم يتوصل بها المستشفى الإقليمي لحد الآن.
وارتباطا بالزيارات التي قادت اللجنة إلى مستشفيات بمكناس ومولاي يعقوب وإفران وبولمان وميسور والحاجب، سجل التقرير النقص الحاد في الموارد البشرية بكل الأقاليم المندرجة ضمن جهة فاس-مكناس، ومعظمها يقترب من سن التقاعد، وقدم وتهالك البنايات الاستشفائية وتقادم التجهيزات.
التقرير فجر فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بالحصول على مواعيد التطبيب بالمستشفى الإقليمي بميسور، حيث كشف أن هناك شخص معروف لدى الجميع يقوم “بالسمسرة” فيها على مقربة من المدخل الرئيسي للمستشفى، وهو ما أكد المندوب بالنيابة الذي قال لأعضاء اللجنة إنه ” بالفعل، كان هناك شخص يتاجر في المواعيد الطبية، حيث كان يقوم بإعداد لائحة بأسماء المرضى، ويتقدم بها إلى المستشفى من أجل الحصول على المواعيد الطبية، الشيء الذي أدى إلى التصدي له من طرف السلطات المحلية”.