زلزال ثامن شتنبر يفجر صراع أجيال داخل البيجيدي (تقرير)

زنقة 20 | الرباط

يعيش حزب العدالة و التنمية على وقع أزمة داخلية عميقة بعد الهزيمة المدوية غير المتوقعة التي مني بها في الإنتخابات العامة الأخيرة.

انهزام البيجيدي في الإنتخابات و احتلاله المرتبة الثامنة ، عجل ببروز تيارات و أصوات داخل الحزب تدعو إلى تغيير القيادة الحالية المتمثلة في سعد الدين العثماني و عقد مجلس وطني استثنائي في أقرب وقت.

قيادات بارزة في الحزب على راسها نائب رئيس المجلس الوطني عبد العالي حمي الدين دعا إلى القطع مع الجيل المؤسس و فك الإرتباط مع الحركات الدعوية في إشارة إلى حركة التوحيد و الإصلاح التي تعد الخزان الإنتخابي للحزب.

أطروحة حامي الدين أثارت الجدل داخل الحزب ، حيث بادر قياديون آخرون إلى الرد عليه و رفض فكرة القطع مع الجيل المؤسس الذي يمثل جزءا منه كلا من عبد الإله بنكيران و العثماني و الرميد و آخرين.

و يرى مراقبون أن الحزب ذو المرجعية الإسلامية ، يتكون من ثلاثة أجيال منذ تأسيسه إلى اليوم.

الجيل الأول : جيل المؤسسين

يتكون بشكل أساسي من القيادات التاريخية للحزب التي تنتمي إلى الجيل الثاني المؤسس للحركة الإسلامية (الجيل الأول يمثله عبد الكريم مطيع والشيخ زحل).

الجيل الثاني : التيار التوافقي

تم استقطابهم بشكل أساسي للحركة الإسلامية من طرف الجيل الأول المؤسس للحزب.

الجيل الثالث : الشباب وتجاوز النخب التقليدية

مكون أساسا من الشباب الذي ولج إلى الحياة ابتداء من منتصف السبعينات وحتى منتصف الثمانينات، ولج في أغلبه إلى الحركة الإسلامية مع بداية التوسع الذي عرفته منذ تأسيس الحزب أواخر التسعينات، وتم استقطابه من هذا الجيل الجديد من أبناء الحركة الإسلامية بشكل أساسي في الجامعات والمعاهد المغربية.

القيادي السابق في الحزب بلال التليدي قال أنه تفاجأ بفكرة القطع الكلي مع القيادة التاريخية.

و كتب في منشور على فايسبوك يقول : ” نعم كنت دائما انتقد القيادة التاريخية وانتصر لفكرة إدماج الأجيال….لكني ابدا لم أدع للقطيعة….ليس هناك منطق في التاريخ يرسم التطور بالقطعة الدائمة. حتى في الانتقالات العسيرة يكون جزء من النخب القديمة محورية في عملية التجسير…هناك من يختفى وراء اطروحة الخيار الثالث، ولا يطرح اي خط فكري وسياسي مقنع يبرر به قناعته.. وهناك من يبحث عن حجج واوراق اعتماد لدعم ملفه ويطرح فكرة القطيعة مع القيادة التاريخية”.

و أضاف : “احترم جدا ما كتبه عبد العالي حامي الدين لكني اختلف معه…وأرفض منطق الشباب في التخلص من القيادة التاريخية برمتها…المشكلة ليست في كل القيادة….القيادة السياسية هي صاحبة المسؤولية الاولى…منطق القطيعة الكلي او حتى منطق الخيار الثالث سيكون أثره مدمرا…سيعزز الاصطفافات والانقسام….الحزب دائما كان يحل مشكلاته بالخيار التنظيمي….مطلوب قيم وتخليق ليمر الاستحقاق التنظيمي بالمواصفات التخليقية والديمقراطية العالية”.

الاستاذ الجامعي و المحلل السياسي عمر الشرقاوي ، يرى من جهته أن ثمة تحليلات متسرعة تتحدَّث عن مرحلة ما بعد حزب العدالة والتنمية، وانشقاق حزب اسلاميي المؤسسات أو نهايته ودفن جثته بمقبرة السياسة الى الأبد.

و اعتبر أنه من المؤكّد أنّ الحزب تعرض لأصعب نكسة انتخابية منذ السماح لجزء من الحركة الإسلامية الدخول للمشاركة من داخل المؤسسات الدستورية منتصف تسعينات القرن الماضي، لكن ذلك لا يعني نهايته وربما قد يعود في الاستحقاقات المقبلة أو التي تليها كأن شيئا لم يقع، خصوصا إذا لم تجب هاته الولاية على ما يكفي من الطلب الاجتماعي المتنامي.

ما لا يفهمه الكثيرون يقول الشرقاوي ، ان حزب العدالة والتنمية خسر المعركة الانتخابية التي تعد واجهة من واجهاته التي يبني عن طريقها نفوذه السياسي والاجتماعي والايديولوجي، لكن لا زال هذا الحزب يحتفظ بقلاعه الاجتماعية ومنافذ الاستقطاب الدعوي والاختراق المجتمعي بالإضافة الى ايديولوجية سياسية ذرائعية تسمح له بامتصاص النكسات السياسية والهزات التنظيمية.

الواقعية السياسية التي اكتسبها حزب العدالة والتنمية حسب الشرقاوي زهاء ربع قرن والرافد المقاصدي المحافظ الذي ينهل منه الحزب، كانا دائما منشغلان بمسألة الاستقرار التنظيمي، وعدم الانشقاق بسبب التقدير السياسي وهي ظاهرة عانت من جراحاتها وويلاتها العديد من الأحزاب السياسية.

و توقع الشرقاوي ، في عز الخلاف السياسي والتوتر التنظيمي داخل حزب العدالة والتنمية، أن تطفو على السطح التوافقات اللحظية والقرارات المحافظة وتغليب منطق ترجيح مصلحة الوحدة الحزبية على فكرة الانشقاق، والميل الى مبدإ الواقع على حساب مبدإ الرغبة.إن لحزب العدالة والتنمية حاجة جوهرية لا يستطيع الاستغناء عنها، أو الاستمرار في الوجود بدونها، وهي حاجة المحافظة على كيانه وصيانته من التصدع والانهيار مهما كانت الأسباب والنكسات.لذلك فهو سيعمل على توظيف ما يملك من الذرائعية والخطاب التبريري وربطه بحالة انكار الواقع واستدعاء مقولات المؤامرة والضحية وتغذية ذلك بمراجعات وظيفية، حتى يتسنى له مواجهة خطر الانحلال والتحلل والبقاء على قيد الحياة ولو بصعوبة في التنفس السياسي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد