الحو : الأحزاب السياسية وتوزيع الريع بمنطق الغنيمة
زنقة 20. الرباط
بقلم : صبري الحو / *محامي بمكناس
خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء
مبدأ المصلحة الشخصية، في اطار منطق الغنيمة أو الوزيعة هو الذي يسيطر على كل الأحزاب المغربية دون استثناء. وهو منطق يوازي منطق الدولة في إطار توزيع الريع لمن لا يستحقه.
فالغنيمة والريع وجهان لعملة واحدة، غير أن الاشكالية تكمن في كون قيادي الأحزاب السياسية يستفيدون من الريع والغنيمة في آن واحد، فهم بجمعون المنافع دون استحقاق.
فالدولة تغدق عليهم، وهم يغدقون على أنفسهم. او يوزعون الغنيمة والمنافع بينهم بنفس طريقة توزيع الدولة للريع، فهو نسخة مصغرة للريع.
والغنيمة كانت دائما حاضرة وتوزع بالتوافق بين القياديين في الحزب، و لفائدة أفراد أسرهم، الشيء الذي جعل الأمور لا تخرج للعموم في ظل وجود التوافق والتراضي بينهم على قسمة الغنيمة.
والآن تناقضت مصالح القادة وتضاربت، وكل منهم يرى أجل تحكمه يدنو ووجيز، ولا يضمن لنفسه ولاية أخرى، او لا يضمن حتى لنفسه اكتمالها.
ومع وجود شح في المناصب. والكل يريد الظفر بمصلحة بعجالة، والكل حريص وحارس وممتبع لشغور منصب أو ظهور وظيفة يسعاها لنفسه او لابنه، فان الصراع حول الغنيمة هو عنوان الفضائح التي تكشف المستور لعقود وسنوات.
وزادت من متاعب الانتهازيين الثورة الرقمية والاعلامية، واتاحة الجريدة الرسمية للجميع، فينكشف أمرهم قبل تسلمهم قرارات التعيين في مناصبهم، وقبل .
نعم، هناك منطق الغنيمة في كل أحزاب العالم، لكن اختلافنا مع الآخرين بتجلى في كون طابع السياسة هو الذي يتحكم أولا بغض النظر عن عن تطابق المؤهلات والكفاءات مع المنصب.
أما في الدول الديمقراطية فالانتماء السياسي حاضرا في توزيع المناصب السياسية مع ضرورة وجود تكافئ بين الوظيفة والمؤهلات العلمية. فلا يتم التعيين من أجل الترضية أو بمنطق الريع.
والنتيجة أنك لن تجد مهندس طرقات وزيرا للعدل، وحافظا للأختام في اسبانيا ولا في فرنسا ولا في ايطاليا وانجلترا وغيرها، ولن تجد سياسي رجل أعمال ناجح يعتدي على قطاع الثقافة، بل في قطاع الصناعة او التجارة او الفلاحة للاستفادة من نجاحه الشهخصي.
فكلمة توزيع المناصب غير موجودة في أدبياتهم، بل يتم استعمال تولية الشخص المؤهل للوظيفة المؤهل اليها. فالعبرة لديهم بالنجاح في المهمة، وليس ما آل لهم من نصيب في الكعكة كما عندنا.
وهذا الأسلوب المقيت في الريع والغنيمة، هو الذي قتل الوطنية، وقتل روح الابداع، وروح القتال والتضحية من أجل الوطن، و شجع على الانتهازية والتفاهة حتى اصبحنا تافهين.
فلا أحد يكترث للوطن، ولا يقيم حسابا ولا وزنا ولا أولوية للمصلحة العامة. فمصلحته الشخصية هي أولى الأولويات وفوق كل اعتبار. ولهذا كثر اختلاس المال العام والفساد من أجل وفي خدمة هذه المصالح..