سابقة. حكومة ‘بنكيران’ تضع مُقترح قانون لإعدام الجُنود المغاربة في حال ارتكابهم جرائم

زنقة 20 . الرباط

في تطور خطير، وفي ظل التحديات الجيواستراتيحية التي تواجه المغرب خصوصاً في قضية الوحدة الترابية ومحاربة الارهاب، وضعت حكومة ‘بنكيران’ مشروع القانون الجنائي قيد المناقشة، بمواد ملغومة، تدعو الى اعدام الجنود المغاربة في حال ارتكابهم لجرائم.

وسبق لموقع Rue20.Com أن كان سباقاً للاشارة الى خطورة مشروع القانون الحكومي، وهو التحليل الذي أثار جدلاً برلمانياً، تم الاعتماد فيه على المواد المثيرة للجدل حول العقوبات التي تهم عناصر الجيش الملكي، الذي يعتبر الملك قائدها الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة فيها.

المشروع الملغوم، كما وصفه الباحث ‘الشرقاوي الروداني’، “يضرب في الصميم مجموعة من مؤسسات الدولة، في سابقة تاريخية في التشريع المغربي.

واعتبر ‘الشرقاوي الروداني’ في تصريح خاص لموقع Rue20.Com أن “هذا المشروع هو سابقة خطيرة في منظومة التشريع الجنائي الوطني حيث أن الباب 7 مكرر ومن خلال فروعه الثلاثة وضع المؤسسة العسكرية في حالة حكم بالإعدام مبارك من طرف مضمون اتفاقيات دولية ليس لها اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد مع الخصوصيات الوطنية”.

وأضاف ‘الروداني’ أن “مواد الباب السابع مكرر من 448-1 إلى 448-14 جاءت بمضمون الإعدام في حق مكونات المؤسسة العسكرية في حالة “الإبادة الجماعية ” (الفرع الأول ) الإعدام في حالة :جرائم ضد الإنسانية “(الفرع الثاني ) و الإعدام و المؤبد في جرائم الحرب وذلك ما تتضمنه الفرع الثالث”.

وحسب ‘الشرقاوي الروداني’، البرلماني والباحث في القانون الدولي، فان “مواد هذا الباب تضرب في عمق نفسية المؤسسة العسكرية و تبين أن الحكومة لم تقرأ جيدا الارهاصات والتحديات الأمنية والعسكرية وما يتطلب ذلك من استعداد للسيناريوهات من شأنها المساس بأمن المغرب وسيادته الترابية و ثوابثه الضامنة لاستقرار والوحدة الوطنية”، مضيفاً، أن “مواد الباب السابع جاءت بتطبيق حكم الإعدام على كل عسكري في حالة ارتكابه “جرائم ” والخطير في الأمر أن هاته المفردات الفضفاضة التي اقتبست من اتفاقيات التي لم تصادق عليها دول عريقة في الديمقراطية قد تستعمل للضرب السيادة المغربية ومؤسساتها”.

و نَبَهَ ‘الشرقاوي الروداني’، الى أن “الغريب في الأمر أن الحكومة لم تنتبه وهي تقوم ب copier coller لاتفاقيات دولية ” كونية ” تتعارض والخصوصية الوطنية التي هي الأصل في التشريع خاصة في كل ما يتعلق بالاستقرار والسيادة الوطنية أنها، هذه الخصوصيات، هي التي تضمن تقنين والحد من كل ما قد يضرب في العمق التماسك الوطني”.

و شدد ‘الروداني’ على أنه “الأدهى هو أن الحكومة من خلال هذا الباب وفروعه الثلاث لم تنتبه إلى المادة السادسة من القانون العسكري (قانون خاص) والذي ينص على ضمانات تخصها الدولة للحماية الجنود أثناء مزاولتهم مهامهم وواجباتهم الوطنية”.

و كشف ‘الروداني’ أن “مشروع القانون الجنائي ومن خلال الفروع المدكور الذي هو قانون عام يضرب كل مقتضيات القانون الخاص رغم أن الخاص له أولوية على العام فإن المشروع جاء بما تم رفضه في اتفاقيات دولية خاصة روما 2000 الذي تضمن بنفس الشكل مواد ملغومة”.

واستغرب ‘الروداني’ كون الحكومة الحالية بَدل من أن تهنئ المؤسسة العسكرية والأمنية على الادوار الكبيرة التي تلعبها في حماية التراب الوطني وتهيىء مزيد من الظروف الإيجابية للجنود المتاخمة على الحدود من حصانة في مواجهة الأعداء ونفسية تجعلها على استعداد تام للمواجهة كل السيناريوهات المحتملة تأتي بمشروع يحد من كل هذا وقد يفتح أبواب “جمعيات” في الخارج مرصودة فقط لزعزعة”.

من جانب أخر، اعتبر الخبير الدولي في العدالة الانتقالية “هشام الشرقاوي” أن عقوبة الإعدام المنصوص عليها في مشروع القانوني الجنائي الخاصة بجريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب تمس مباشرة الملك والجيش والأجهزة الأمنية.

وعَدَدَ “الشرقاوي” في تصريح لموقع Rue20.Com الأسباب كمايلي :

نصت المادة 1-448 على :”يعد مرتكبا لجريمة الإبادة الجماعية ويعاقب بالإعدام كل من ارتكب قتلا عمديا لأفراد جماعة قومية أو أثنية أو عرقية بصفتها هاته بقصد إهلاكها كليا أو جزئيا”.

و نصت المادة 3-448 على “يعد مرتكبا لجريمة ضد الإنسانية ويعاقب بالإعدام كل من ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين”.

كما نصت المادة 6-448 على “يعد مرتكبا لجريمة حرب ويعاقب بالإعدام،كل من ارتكب قتلا عمديا ضد الأشخاص في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق” إن هذه الجرائم بمقتضى القانون الدولي تعتبر من الجرائم الدولية التي يجب معاقبة كل المسؤولين على ارتكابهما، وقد أثبت التجارب الدولية بأن المسؤولية المباشرة الأولى عن هذه الجرائم تهم رؤساء الدول والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وفي هذا الاتجاه أكد الأستاذ هشام الشرقاوي بأن عقوبة الإعدام المنصوص عليها سالفا تمس الملك والجيش والأجهزة الأمنية بالنظر للإعتبارات التالية المنصوص عليها في القانون الدولي الذي أصبح يسمو على القانون الوطني طبقا لمقتضيات دستور 2011،وهذه الاعتبارات هي كالآتي:

أ- يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم الدولية والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين،حسب الحالة،نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات،وذلك إذا لم يتخذ القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات للتحقيق والمقاضاة.

ب- أما فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس،فيسأل الرئيس جنائيا عن الجرائم الدولية والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين،نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين.

وأضاف الأستاذ الجامعي “هشام الشرقاوي” الدي يشغل رئيس مركز السلام والعدالة، بأن دستور 2011 ينص على أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وهو الذي يعلن الحرب وحالة الاستثناء،ويترأس مجلس الأمن القومي الذي يرسم السياسة الإستراتيجيةالأمنية ويصدر القرارات الخاصة بالأمن القومي.

وهذه منظومة يشارك فيها الملك والجيش والأجهزة الأمنية بكل تخصصاتها، لذلك فمسؤوليتهم القانونية قائمة.

كما تساءل الخبير الدولي ما جدوى إصدار عقوبة الإعدام حول هذه الجرائم وقد سبق للبرلمان أن صادق على قانون حصانة العسكريين(المادة 7 والمادة 6)بحيث تنص المادة 7 على ” … تمتع بحماية الدولة العسكريون بالقوات المسلحة الملكية الذين يقومون تنفيداللأوامر التي تلقوها من رؤسائهم التسلسليين … ويتمتع العسكريون بنفس الحماية مما قد يتعرضون اليه من تهديدات أو متابعات … بمناسبة مزاولة مهامهم أو أثناء القيام بها او بعدها …”.

و أضافت المادة السادسة : ” … يجب على العسكريين العاملين ، ولو بعد تسريحهم من صفوف القوات المسلحة الملكية الالتزام بواجب التحفظ وكتمان أسرار الدفاع والمحافظة عليها في كل ما يتعلق بالوقائع و المعلومات والوثائق التي اطلعوا عليها أثناء مزاولة مهامهم أو بمناسبة مزاولتها، وذلك بصرف النظر عن احكام القانون الجنائي وقانون العدل العسكري”.

وأضاف “الشرقاوي” أن هناك تعارض قانوني واضح بين التنصيص على عقوبة الاعدام و المؤبد في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة وبين قانون حصانة العسكريين الذي يكفل للدولة الحق في حمايتهم بصرف النظر عن كل مقتضيات القانون الجنائي و قانون العدل العسكري؟ !.

وفي الختام أكد الأستاذ الشرقاوي بأن دفاعه على إلغاء عقوبة الإعدام في هذه الجرائم تأتي من إيمانه ودفاعه عن المبادئ الحقوقية الكونية التي تحمي و تدافع على المواطن الملك و المواطن العسكري والمواطن داخل الاجهزة الامنية و جميع المواطنين الذين لهم حقوق وواجبات تضمنها المواثيق الدولية و من بين هذه الحقوق الحق في الحياة و هذا الحق لا يعطيهم أي حصانة قانونية من المسائلة عن الانتهاكات التي قد يرتكبونها .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد