بوكوس: حكومة البيجيدي لم تضع الأمازيغية ضمن أولوياتها والأمل معقود على حكومة أخنوش(حوار)

يستعرض أحمد بوكوس ، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في الحوار التالي، مسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في منظومة التعليم وفي الحياة العامة. ويذكر المشاكل والعوائق التي اعترصت مسار الرقي بالأمازيغية. ويؤكد بوكوس أن حصيلة إدماج الأمازيغية في الحياة العامة لم ترق إلى مستوى طموح وانتظارات المعهد وعموم الفاعلين والمهتمين بالشأن الأمازيغي..

زنقة 20 / الرباط- حاوره : جمال بورفيسي

يجمع الفاعلون والمتخصصون في الثقافة واللغة الأمازيغية وكل المهتمين بالشأن الأمازيغي، بشكل عام، على أن أجرأة المقتضيات الدستورية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الحياة العامة وفي منظومة التربية والتكوين لم يرق إلى المستوى المطلوب، بل عرف تعثرا، ما رأيكم؟

هناك فعلا بطء في تنزيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالأمازيغية، بالأخص في ما يتعلق بالتأخير المسجل في إصدار القانون التنظيمي الذي يحدد مجالات تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغبة، وكذا المجالات ذات الأولوية. هناك حصيلة خجولة في مجالات التعليم والثقافة والإعلام.

باستحضار مرور أزيد من عشر سنوات على إقرار دستور 2011 ، الذي اعترف بالأمازيغية لغة رسمية للمغرب وبوأها مكانة متميزة، ومن خلال ربطنا هذه الفترة بالمنجزات، فإن ما تحقق يبقى دون مستوى الطموح والانتظارات. ففي مجال التعليم ما يزال تدريس الأمازيغية يراوح مكانه رغم أن العملية انطلقت منذ سنة 2003، ولم تتحقق مكاسب جديدة على مستوى الإعلام منذ إطلاق القناة التلفزية الثامنة في 2008.

المشاكل التي تعرفها سيرورة إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين ما تزال قائمة: خصاص في أطر التدريس، وضعف في عدد المؤسسات التعليمية، وبطء في مسلسل تعميم تعليم اللغة الأمازيغية.
على مستوى الإعلام، وباستثناء إحداث القناة الثامنة، فإن وضعية الأمازيغية تعرف ركودا واضحا ولم تحدث تحولات إيجابية أخرى.

ما هي الأسباب، في نظركم ؟

سجلنا بطء في إخراج القوانين التنظيمية إلى الوجود. على مستوى التعليم تبقى الإشكالية هي ان الرؤية الاستراتيجية للمنظومة التربوية بخصوص الأمازيغية تربط أجرأة تعميم تدريس الأمازيغية بإصدار القوانبن التنظيمية أولا . وهذا شكل عقبة في تسريع وتيرة الأجرأة، مما تسبب في إهدار الكثير من الوقت.

بغض النظر عن التأخر في إصدار القوانين التنظيمية، يتحدث الكثير من المتخصصين والمهتمين بالشأن الأمازيغي عن غياب الإرادة السياسية ووجود خلفيات سياسية أو آيديولوجيا وراء تعثر تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ما رأيكم ؟

من دون شك، أن الحكومتين السابقتين بقيادة التيار المحافظ لم تضعا المسألة الأمازيغية ضمن أولوياتهما. كان هناك تحفظ في ما يتعلق بالأمازيغية، وهو ما انعكس سلبا على الحصيلة. صحيح أن رئيس الحكومة السابق السيد سعد الدين العثماني قام ببعض المبادرات حيث راسل مسؤولي المعاهد العليا مطالبا اياهم بإدماج الأمازيغية، إلا أن الأمور ظلت محصورة في نطاق ضيق ولم تكن هذه المبادرات لتعطي الدفعة القوية للأمازيغية، لذلك عاشت ركودا طيلة عشر سنوات من حكومة العدالة والتنمية. لعبت هذه الفترة دور الكابح لأجرأة الأمازيغية بسبب غياب الإرادة السياسية لدى التيار المحافظ.

لكن هل قام المعهد بما يلزم لدى المؤسسات المعنية لتحريك الأمور؟

المعهد يقوم بواجبه في التنبيه ومراسلة الحكومة وتوجيه المذكرات لها تعرض وجهة نظره وما يلزم القيام به. لقد قمنا بالتعبئة من أجل لفت أنظار المسؤولين إلى وضعية الأمازيغية في التعليم، كما قمنا بمراسلة بعض المؤسسات الأخرى، ومنها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ونبهنا إلى غياب احترام دفتر التحملات الخاصة بإدماج الأمازيغية في البرامج التلفزية وخاصة في البرامج الثقافية، ولكن الأمور لم تنل حظها من الاهتمام.

لابد من التذكير بأن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يشتغل في اطار الظهير المحدث له الذي يحدد له اختصاصات ومهام محددة ولا يمكن بأية حال أن يتجاوزها.

وصفتم حصيلة إدماج الأمازيغية في التعليم بالهزيلة، هل من مؤشرات مرقمة في هذا المجال ؟

الحصيلة لا ترقى إلى مستوى الطموح، فنسبة التمدرس لا تتجاوز 10 في المائة، وهي النسبة نفسها المتعلقة بأطر التدريس. ورغم تعهد الحكومة السابقة بالرفع التدريجي من عدد أساتذة اللغة الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية، إلا أن الواقع الراهن يشهد باستمرار الخصاص.

ما هو سقف المنجزات والأهداف التي كانت محددة؟

كان الهدف المسطر في سنة 2003 في عهد وزير التربية الوطنية آنذاك السيد لحبيب المالكي، هو بلوغ تعميم التدريس بالأمازيغية خلال فترة العشرية، وهذا لم يتحقق.

أكدت الحكومة الجديدة التزامها بوضع الأمازيغية ضمن دائرة اهتماماتها، هل تعلقون آمالا على الحكومة الجديدة بالنسبة إلى تقدم ملف الأمازيغية؟

طبعا، نحن نبقى متفائلين، ونأمل ان تعمل الحكومة على تدارك التعثر المسجل. الحكومة الحالية تقدمت ببرنامج طموح يفتح الأمل بالنسبة للأمازيغية. أظهرت إرادة سياسية في المضي في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. هناك مؤشرات إيجابية، على غرار القرار المتعلق بإحداث صندوق خاص تصل اعتماداته الى مليار درهم بحلول سنة 2025، بمعنى تخصيص 200 مليون درهم سنويا للارتقاء بالأمازيغية. املنا ان تتم ترجمة ذلك إلى أرض الواقع.

ما رأيكم في ما يخص مسار ادماج الأمازيغية في الإدارات والمؤسسات العمومية وفي الحياة العامة؟

نسجل بعض الخطوات الإيجابية، مثل تعميم الكتابة بحرف تفيناغ في العديد من المؤسسات والإدارات، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، خاصة في المدن الكبرى، اضافة الى استعمال اللغة الأمازيغية في التشوير… لكن توظيف الأمازيغية كاداة للتواصل والمراسلات واستعمالها كلغة داخل المرافق العمومية، هذا الأمر لم يبدأ بعد..

يتفجر الجدل باستمرار داخل البرلمان، خاصة في الجلسات العامة، بسبب عدم استعمال اللغة الأمازيغية وغياب آليات الترجمة، مما يدفع بعض الفرق والنواب إلى توجيه انتقادات بهذا الشأن، إلى درجة أن بعض البرلمانيين يتحدون ذلك ويتدخلون بالأمازيغية. ما رأيكم؟

هذا جانب مما تعانيه الأمازيغية من تهميش، رغم أن العملية لا تتطلب إمكانيات ووسائل ضخمة، إنها لا تتطلب أكثر من توظيف مجموعة من الشباب المتخصصين في الدراسات الأمازيغية وتمكينهم من تكوين في الترجمة الفورية ومواكبة ذلك بالتكوين المستمر…

تزايدت في الآونة الأخيرة مطالب نشطاء الحركة الأمازيغية بضرورة إقرار رأس السنة الأمازيغية رسميا، ما رأيكم؟

أكدنا وما زلنا نؤكد، بأن الاعتراف الرسمي برأس السنة الأمازيغية الجديدة سيشكل مكسبا كبيرا ، وهو في نهاية المطاف مكسب مشروع وينسجم مع توجهات بلدنا في مجال الحقوق الثقافية المنصوص عليها في الدستور، وكذا مع القوانين ذات الصلة بالرقي بالأمازيغية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد