زنقة 20 . الرباط
ما زال الرأي العام الوطني والبريدي، يبحث عن حل للغز عملية الشراء الغريبة و العجيبة و السريعة لشركة SDTM المتخصصة في الإرساليات، من طرف بريد المغرب،و مع مرور الأيام بدأت تتضح الحقيقة وتتسرب المعلومات حول هذه العملية مما يؤكد أن بريد المغرب مؤسسة عمومية ينخرها الفساد، بعيدا عن أية رقابة، وتعشش فيها قلة مفسدة تعيث في المال العام فسادا وتبذيرا، وكأن هذه المؤسسة ورثوها أبا عن جد.
فبتاريخ 18/09/2013 تم اقتناء SDTM من طرف بريد المغرب بدعوى التوسع في سوق الإرساليات ، ولكن لم يبرر أحد من المسؤولين سر اختيار SDTM ، رغم أن السر تناقله البريديون على سبيل النكتة وهو اسم ” بنجلون ” الذي يجمع بين المؤسستين، فالمدير العام لبريد المغرب هو السيد التويمي بنجلون، ومدير SDTM هو منير بنجلون؟.
الغريب في الأمر هو صدور عملية الإقتناء أو الشراء في الجريدة الرسمية بمباركة رئيس الحكومة الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس الإداري، الذي لم يحرك مؤسسات الحكامة والرقابة في زمن الدستور الجديد، الذي وضع الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد هدفا له.
في هذا المقال والذي ستتلوه مقالات أخرى توضيحية وتفصيلية سنفضح من خلالها المستور ونكشف الحقائق التي تؤكد أن دار لقمان لازالت على حالها، ونتمنى أن يصدر القائمون على بريد المغرب تكذيبا أو ما شابه، لنخرج ما في جعبتنا من وثائق وأدلة.
ظلت SDTM تعاني من ضائقة مالية و إختلالات في التسيير لسنوات و الكل يعرف ذلك، مما جعل مالكها يبحث طيلة هذه المدة عن مشتري، وكان أكثر طموحه أن يبيعها بأقل من أربعين مليون درهم (40000000 م, د) ، فنزلت عليه “هدية” بريد المغرب حيث بلغت قيمة عملية الشراء أزيد من مائة وعشرون مليون درهم (120000000 م.د)، رغم العديد من المؤشرات التي تدفع كل ذي حرقة على المؤسسة والبلاد والمال العام ، إلى التريث و الإفتحاص وتخفيض الثمن وفيما يلي بعض هذه المؤشرات :
1 – المحلات التجارية التابعة لهذه الشركة هي مكتراة و ليست في ملكية الشركة.
2 – كل شاحنات الشركة المعنية تم شراؤها عن طريق السلف، ولم تسدد بعد كل أقساطها، و عملية الفحص والمراقبة اللتي جاءت بعد تعرض هذه الشاحنات للحجز، وكانت متأخرة مع الأسف أثبتت أنها مجرد هياكل منخورة. 3 – تمت عملية البيع دون الاستعانة بمكاتب خبرات متعددة لتحديد ثمن للبيع أو الشراء كما تقتضي لذلك القوانين الساري بها العمل.
4 – تم رفع القيمة المالية للشركة بشكل غريب الى أكثر من مائة وأربعون مليون درهم (14000000 م د).
5 – مازال بريد المغرب يدفع أقساط مستحقات كانت في ذمة الشركة قبل اقتنائها، ومن الأمثلة على ذلك دفع بريد المغرب لأكثر من عشرين مليون درهم (20000000 ) كأداء مقابل قيمة (CRBT )، إضافة إلى مستحقات الضريبة على القيمة وتقدر بأكثر من ثلاثين مليون درهم (30000000 م د)، دون أن ننسى مستحقات الضمان الاجتماعي والتي تقدر بملايين الدراهم.
6 – إن الثقة العمياء التي وضعت في المدير المطرود والسابق لشركة SDTM الفضيحة، أدت إلى عملية تدليس وغش أقدم عليها هذا الأخير وذلك بإنشاء شركة منافسة، نقل إليها خيرة الأطر و جميع الزبناء، في تحد سافر لقوانين وأخلاقيات المنافسة، وبإستهزاء من سذاجة وانعدام مهنية القائمين على هذا الملف، أو ربما لأسباب ستكشفها الأيام ؟؟.
7 – لم يتجاوز مبلغ الضمان المودع من طرف المالك السابق خمسة عشر مليون درهم (15000000 م د) وهو مبلغ هزيل لا يغطي ولو ربع الديون التي على كاهل الشركة ، مما أضاف عبئا ثقيلا على بريد المغرب.
8 – اضطر بريد المغرب الى وراثة وضع اجتماعي مكهرب أسفر عن إضراب خطير شنه السائقون، وترتب عنه فضيحة إعلامية واكبتها الجرائد و المواقع الاجتماعية وخسائر مالية أخرى تقدر بأكثر من ثمان مائة ألف درهم (800000 م د)، إضافة إلى ضياع مصالح المواطنين ، انعكاس ذلك على سمعة مجموعة بريد المغرب.
هذه بعض المؤشرات التي لا تترك مجالا للشك أن هذه الصفقة تمت في شروط بعيدة كل البعد عن الشفافية، ولا تستحضر مصلحة مجموعة بريد المغرب ، ولا تلقي بالا للمال العام ، أو حتى للمعايير المهنية والشروط القانونية، وهذا يفهم منه أن الذين أشرفوا على العملية كانت لهم مصالح خاصة و شخصية، أو أنهم لا يفهمون في مجال الإرساليات و البريد، أو أنهم يتمتعون بالحصانة و معفيون من أية محاسبة عملا بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
من أجل ذلك ، يجب الإسراع بفتح تحقيق و تحقيق نزيه حول هذه الصفقة، من طرف الوزارة الوصية، إيفاد قضاة المجلس الأعلى للمحاسبة لإفتحاص كل الوثائق و الدلائل القاطعة، وتحريك المسطرة القضائية ضد كل من ثبت تورطه من قريب أو بعيد، في أكبر عملية لإهدار المال العام داخل مجموعة بريد المغرب.
ينتظر الرأي العام عامة، و البريديون خاصة، على أحر من الجمر نتائج هذا التحقيق ومحاسبة المتورطين وإرجاع الأموال المنهوبة إلى صندوق المؤسسة، التي اضطرت لأول مرة في تاريخها إلى الإقتراض و نهج سياسة تقشفية ومعاقبة المستخدمين بحرمانهم من المنح و التعويضات القانونية وعدم توفير أبسط إمكانيات العمل بمبرر العقلنة و الترشيد، مقابل التستر على التبذير المهول للمال العام والفساد السرطان المستشري داخل المجموعة.