بقلم : الدكتور : عبد الرحيم منار اسليمي
نوجد اليوم أمام تكليف لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني بتقديم مقترحات تعديل حكومي يتضمن وزراء من نخب ذات كفاءة أو مانسميه بحكومة كفاءات.
ويبدو من خلال رصد اول تحركات العثماني أنه لم يفهم جيدا طبيعة المهمة التي يجب انجازها وذلك لما توجه نحو ما يسمى ب” حكومة الشباب” أو نحو الأغلبية، أكثر من ذلك أن العثماني يجب أن يتحرر من أسطورة أن الحكومة يجب تشكيلها من داخل مكونات الأغلبية، فالمطلوب تكسير الممارسة التي اسسها بنكيران وورثها والقائمة على أن الحكومة ” تشكل باللي عطى الله في الأحزاب السياسية “.
فالأمر يتعلق بممارسة سياسية خطيرة جعلت كل من كان يحرس فرعا في حزب معين يمكن أن يصبح وزيرا ،والأخطر أنها ممارسة لا أساس دستوري لها إذ ليس هناك في الدستور مايمنح لرئيس الحكومة صلاحية إقصاء الكفاءات المغربية من خارج الأحزاب واغلاق مجال الاستوزار أمام مكونات الأغلبية، فالعثماني وسابقه بنكيران حولا الاستوزار إلى ” ريع حزبي” جعل العديد من الكفاءات المغربية خارج مجال الوزراء ، فتشكيل الحكومات تطور في التجارب الدستورية والسياسية المقارنة ولاحظنا كيف باتت الأحزاب المكلفة بتشكيل الحكومات تبحث عن نخب الاستوزار خارج الموارد البشرية الحزبية.
فالاحزاب السياسية المغربية المكونة للاغلبية ومعها رئيس الحكومة قرأت صلاحياتها الدستورية بطريقة خاطئة فبدل أن تقوم باقتراح من داخل أحزابها كان من الممكن أن تجعل لحظة تشكيل الحكومة فرصة لاستقطاب الكفاءات ،أننا أمام ممارسات سياسية حزبية خاطئة وأمام فهم خاطىء لمجالات رئيس الحكومة في الاقتراح وخلل في فهم الأحزاب السياسية ذات الأغلبية للمشاورات السياسية لاقتراح الوزراء ،وسيكون العثماني مطالبا بإيقاف هذه الممارسة الخاطئة وأتوقع أن يبادر حزب سياسي من مكونات الأغلبية بان يكسر هذه القاعدة الموروثة عن حكومة بنكيران.
واعتقد انه من الغرابة بما كان أن يتم السماح للاحزاب السياسية بأن تجتمع لاقتراح وزراء من مكاتبها السياسية أو تعمد الى التصويت الداخلي لاقتراح وزراء من فروعها ومجالسها الوطنية ،فالأمر خطير جدا بالسماح لهذه الممارسات ،فالمغاربة صوتوا على الاحزاب للوصول إلى البرلمان ولكنهم لم يمنحوا الأحزاب السياسية صلاحية فرض وزراء من داخل مكاتبها السياسية ومجالسها الوطنية، فالممارسة التي اشتغل بها رئيس الحكومة السابق بنكيران ووريثه الحالي تجعل جزءا كبيرا من الكفاءات المغربية خارج مجال الاستوزار في فهم خاطىء للدستور والتشاور السياسي والأغلبية والعمل الحزبي، فقاعدة التمثيل السياسي تفرض على العثماني الإشتراط على أحزاب الأغلبية البحث عن الكفاءات وسط المغاربة وليس وسط الفروع والمكاتب السياسية الحزبية ،وتوجد فرصة أمام الرأي المغربي لتقييم الطريقة التي سيقوم بها العثماني للبحث عن الكفاءات .