زنقة 20. الرباط
قال الوزير المنتدب المكلف بالتعاون الإفريقي ، محسن جزولي ، أمس الخميس بمراكش ، إنه يتعين تطوير الديناميات الأطلسية أكثر في ظل السياق الخاص وحالة عدم الاستقرار التي تسود العالم حاليا.
وأكد في كلمة خلال أشغال المؤتمر الدولي السابع ل”حوارات أطلسية ” المنظم برعاية الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام بمبادرة من مركز التفكير المغربي “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” حول موضوع “ديناميات أطلسية.. تجاوز نقاط القطيعة”، أنه يتعين تعزيز هذه الديناميات وخاصة في ظل هذه الوضعية الصعبة التي يمر منها العالم والراجعة بالأساس، إلى النزاعات والركود والتطرف والفقر والتغيرات المناخية.
وقال جزولي ، متحدثا أمام ثلة من الشخصيات رفيعة المستوى منها على الخصوص ، سفيرة المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية لالة جمالة العلوي، ومستشار المٓلك أندري أزولاي، وكاتبة الدولة الأمريكية السابقة في الخارجية مادلين أولبرايت، رئيسة “أولبرايت ستونبريدج غروب” ، ووزراء سابقين ودبلوماسيين من مختلف البلدان، ” لن نكون قادرين على تعزيز الشعور بالانتماء وخلق منتظم قوي ومواجهة مصيرنا المشترك إلا من خلال إعادة النظر في الديناميات الأطلسية وإعادة تعريفها “.
وبعد أن ذكر بأن منطقة المحيط الأطلسي أضحت محورية في بناء الثروة الأوربية حتى تتموقع في صلب الواقع الجيو سياسي للقرن ال20 تحت مسمى الأطلسي وإحداث حلف شمال الأطلسي، أبرز الوزير أن إفريقيا وأمريكا اللاتينية لم يندمجا بعد بالشكل الكامل في هذه الديناميات من أجل إغنائها وتعزيزها، مسجلا النقص المسجل على مستوى التواصل والتعاون بين ضفتي جنوب الأطلسي.
وأوضح في هذا السياق، أن المحيط الهادي أصبح فضاء يهيمن على الاقتصاد وأيضا الجيو سياسي ، على حساب الفضاء الأطلسي بفضل إرادة قوية وريادة ورؤية واضحة ، مضيفا أن القارات بجنوب الأطلسي منشغلة أكثر بالقضايا داخل القارات.
كما أكد على ضرورة تطوير رؤية مشتركة ووضع خارطة طريق واضحة المعالم من أجل توسيع وتعزيز التعاون الأطلسي وكذا التعاون جنوب -جنوب وشمال -جنوب .
وعلى الرغم من نقاط القطيعة هاته ، يقول الوزير ، فإنه بات من الضروري التفكير بروية في التحديات المشتركة، معربا عن قناعته بأهمية العمل المشترك لتوطيد هذا التعاون أكثر.
واستطرد قائلا ” مهما كانت اختلافاتنا ، فإنه يتعين أن نجعل منها قوة ” ، موضحا أن التنوع يشكل ” قوة حقيقية “.
وأبرز جزولي أن الجميع معني بالتهديدات المرتبطة بالتغيرات المناخية والضغط على الموارد المائية والتصحر والتهديدات الأمنية والتطرف، مشيرا إلى أن هذه التهديدات التي تتجاوز الحدود ، لها انعكاسات تشمل الجميع سواء في شمال أو جنوب أو شرق أو غرب الأطلسي.
ومن أجل الانخراط أكثر في الديناميات الأطلسية، يقول الوزير ، ” يتعين علينا ضمان ادماج هذه الديناميات بالضفة الجنوبية ، وسنقوم بتنشيط الحوار شرق غرب وشمال -جنوب وجنوب -جنوب والاستجابة لتحدياتنا المشتركة من خلال التشاور والتعاون “، معتبرا أن التعاون يتطلب عقد لقاءات ومنتديات ثنائية ومتعددة الأطراف على نحو متكرر.
وأكد على أنه من خلال مواجهة التهديدات المستعجلة، يمكن للديناميات الأطلسية أن تشكل أيضا مصدرا للثروة والتنمية والازدهار المشترك لجميع البلدان.
وبعد أن أبرز مكانة إفريقيا في الديناميات الأطلسية ، أكد على أن هذه القارة تتيح اليوم مزيدا من الفرص للمستثمرين مما يتعين عليها لعب دور محوري في هذه الديناميات ، مضيفا أن إفريقيا تعد فضاء جديدا للتنمية والنمو.
وأكد في هذا السياق ، الإنخراط الأكيد للمغرب من أجل إقلاع إفريقيا طبقا للرؤية الملكية للملك محمد السادس، مبرزا الموقع الجيو استراتيجي للمملكة باعتبارها بوابة عبور نحو القارة، وكذا دورها الفاعل في ترسيخ مكانة إفريقيا في الديناميات الأطلسية.
وأوضح الوزير أن المملكة ساهمت في تعزيز الشراكة “الأورو متوسطية” التي أرساها مسلسل برشلونة والتي تعززت لاحقا بالاتحاد من أجل المتوسط ، معتبرا أن هذه المبادرات ساهمت في التقريب بين ضفتي حوض المتوسط وشجعت على إبرام اتفاقيات للتبادل الحر مع الاتحاد الأوربي.
كما دعا جزولي إلى الاستفادة أكثر من هذا المسلسل من أجل النهوض بالتعاون بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية وخلق أرضية للحوار.
ويتيح المؤتمر ، الذي يعرف مشاركة حوالي 350 مشاركا من 90 دولة ، الفرصة لتسليط الضوء على الرهانات الكبرى الجيو-سياسية والاقتصادية بالحوض الأطلسي، حيث أن موضوع هذه الدورة يعكس توجهات هامة مثل صعود النزعات الشعبوية، والانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، والسياسة الخارجية الأمريكية، بحيث أن هذه الأخيرة سارت تشكك في مستقبل معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة التجارة العالمية.
وتهدف “حوارات أطلسية” إلى بلورة خطاب آخر وبوادر حلول، وذلك عبر مقارنة وجهات نظر مختلف المشاركين المتدخلين من الشمال ومن الجنوب. وتهدف هذه الحوارات المتجذرة في المغرب، البلد الذي يقع على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إلى تطوير ثقافة التميز الإفريقي، وروح الانفتاح والتنوع الكبير.