زنقة 20- الناظور/ كمال لمريني
أكد اليزيد الدريوش، الباحث في تاريخ الريف، أن استعمال الأسلحة غير التقليدية ابتدأ مباشرة بعد معركة جبل العروي والفيض، وأن محاولة إبادة الثورة التي قادها ابن عبد الكريم الخطابي بدأت في مرحلة مبكرة ولم تنحصر في مرحلة 1925-1926.
وقال اليزيد الدرويش، في الندوة الوطنية التي نظمتها جمعية أمزيان بالناظور، السبت الماضي، حول “الجرائم الدولية ضد الريف وحق الضحايا في جبر الضرر” في إطار تخليد الذكرى 55 لرحيل محمد بن عبد الكريم الخطابي، أثناء تقديمه عرض كرونولوجي لجرائم حرب الغازات السامة والكيماوية، أن الأماكن التي اعتبرت قواعد حربية لانطلاق الطائرات الإسبانية المكلفة بمهمة إمطار الريف بالغازات الكيماوية، أثبتت أن معدل الوفيات نتاج القصف الجوي وحده حُصرت في 50 حالة يوميا منذ 1921.
ودعا المتحدث الدولة إلى تسمية الأشياء بمسمياتها، والإقرار أن الريف تعرض ولا يزال يتعرض لحملة تأديب رسمية، مشيرا إلى أن التعامل مع مطالب حراك الريف وهول الاعتقالات والعقاب جراء المطالبة بمطالب بسيطة يثبت أن لا شيء تغير في تعامل السلطة مع الريف، مطالبا بإطلاق سراح كل المعتقلين .
ومن جهته، قارن مصطفى بن شريف الدكتور في القانون والمحامي بهيأة وجدة، الفرق بين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إذ أوضح أن حرب المقاومة تعتبر مشروعة من منطلق القانون باعتبار أن معاهدة الحماية تعتبر تنازلا رسميا من السلطان عن الدولة ولذلك فمقاومة الدخيل تبقى شرعية ما دام الشعب لم تتم استشارته في قبوله أو لرفضه لتتحول الوصاية عليه إلى جهة أخرى دون صفة التعاقد.
وابهر صاحب كتاب “الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر: حالة الريف 1921_1926، الحاضرون في الندوة حين قال “الخطابي كان بإمكانه غزو وإخضاع اسبانيا لولا فرنسا بأكملها لما كانت المقاومة تتمتع به من وهج وقوة، مؤكدا أن فرنسا تتحمل المسؤولية الكبرى لما حدث باعتبارها المشرف والمهندس الرئيسي لجريمة الحرب الكيماوية بالريف” .
وأكد مصطفى بن الشريف، على أن هناك مداخل كثيرة للترافع وفتح ملف الحرب الكيماوية باعتبار أن الإثباتات المعززة للدلائل متوفرة بعد رفع السرية عن جزء من الأرشيف الحربي الاسباني والفرنسي وأن الأمر يقتضي جرأة سياسية في التعامل مع حساسية هذا الملف دون إستخدامه ورقة ضغط وأداة ابتزاز سياسي.
وبخصوص التقاضي عبر هذا الملف أمام المحاكم الدولية ذات الاختصاص، كشف الناشط الحقوقي، محمد الغلبوزي، أن المرحلة تتطلب من المغرب الإيفاء بالعهود الدولية المتعلقة بالعدالة الانتقالية، وفتح ورش جاد ومسؤول يحترم الأبجديات التي يستلزمها الأمر، أهمها معرفة الحقيقة الكاملة ورفع الحظر عن نقاش فعلي يحيط هذه المرحلة التاريخية بجرد المسؤولين وجبر ضرر الضحايا و لالتزام بعدم التكرار.
وأشار إلى أن المصالحة لا تقتصر على شراء آلام الضحايا بالتستر على الجلادين، قبل أن يضيف السلطة بالمغرب لا تزال غير مهيأة للقطع مع الماضي ما دامت تواجه حراكا اجتماعيا ذو مطالب مشروعة بمقاربة أمنية وسياسة الحديد والنار.
وعرفت الندوة حضورا متميزا، ولقيت استحسانا وتجاوبا لدى المهتمين بالتاريخ والذاكرة الجماعية، لاعتبار محور الندوة ملفا حساسا وراهنيا وجب فتحه ومناقشته بكل جرأة سياسية لكشف المستور على جزء مهم من تاريخ الريف.