لزرق : التقدم و الإشتراكية يدعي استقلالية القرار الحزبي وهو عاد للحكومة بمكالمة هاتفية

زنقة 20 . الرباط

مبدأ الإعتراف بمسؤولية التقصير أو الإخلال بالواجبات الملقاة على عاتق المسؤول الذي يضطلع بتدبير الشأن العام، يعتبر مؤشرا قويا على مدى النضج السياسي وعلى قوة ومتانة البناء الديمقراطي.

و يعني ذلك فتح الباب لحضور البعد الأخلاقي والقيمي الذي لا غنى عنه في الممارسة السياسية، لكن ما يلاحظ، أن تعاطي الأشخاص و الأحزاب موضوع الإعفاءات يجعل هذا المؤشر ما زال ضعيفا جدا عندنا في الممارسة السياسية و طريقة تدبير الشأن العام.

و المثير للإنتباه هو طبيعة تعاطي حزب تقدمي حداثي مع الإعفاءات التي حدثت كحزب التقدم و الاشتراكية، فبدل المطالبة من الأمين العام الإستقالة و تحمل المسؤولية كان التوجه نحو مهاجمة مؤسسة دستورية كالمجلس الأعلى للحسابات و تبرير العودة والرجوع للحكومة بدعوى الإستجابة لرغبة سامية في وقت مافتئ الحزب يروج لاستقلالية القرار الحزبي!؟.

و اتجاه حزب “الكتاب” إلى توكيل أمينه العام نبيل بنعبد الله مهمة التشاور في التعديلات التي ستعرفها حكومة العثماني هو التفاف على مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة من جهة، و من جهة ثانية التعبير عن الرغبة في إبقاء نفس الحقائب لنفس الأحزاب، وهو ما يقوي الإنطباع بكون النخب الحزبية لا تستوعب المبدأ من الأصل وذلك لسببين اثنين: الأول كون إعفاء نبيل بعبد الله مرتبط بخلل بأدائه في مشروع الحسيمة منارة المتوسط، وبالتالي كان عليه من باب الشجاعة السياسية الإعتراف بمسؤوليته السياسية.

وثانيا أن الإبقاء على نفس الحقائب لنفس الأحزاب، الحركة الشعبية و التقدم والإشتراكية التي مسها الزلزال السياسي و الإكتفاء بتبديل الأشخاص، يعاكس الإتجاه العام بضرورة الكشف عن الحقيقة، على اعتبار أن تعيين أشخاص من نفس الحزب في نفس القطاعات يقوي الإنطباع باحتمال التواطؤ، وذلك بجعل الأشخاص المعنيين بالإعفاء هم نفسهم الذين سيسيرون القطاعات من خلف الستار.

ولهذا، أن الإتجاه إلى جعل نبيل بن عبد الله هو المفاوض في المشاورات يعتبر رسالة تسير في اتجاه تقوية التنصل من المسؤولية السياسية، على اعتبار أنه كشخص كان موضوع إعفاء نتيجة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، و هو تصرف غير صائب لكون الرجل مسؤول سياسي عن ما وقع في الحسيمة في قطاع كان يشرف عليه و يتحمل فيه مسؤولية تقصيرية وفق تقرير المجلس الأعلى للحسابات.

و نبيل عبد الله، من موقعه كأمين عام كان يلزمه تقديم استقالته و توكيل شخص ثاني من داخل الحزب لمباشرة المشاورات داخل الأغلبية، و يكون التعديل الحكومي تعديلا جوهريا و ليس على أساس الترميم فقط كما ما يتم تداوله اليوم، ويزكي ذلك أن ترميم منصب بمنصب يقوي الإنطباع على أن الوزارء المعزوليين سيواصلون تسييرهم للوزارات موضوع الاختلال من خلف ستار.

يعني -تغيير الوزير لنفس القطاع من نفس الحزب -، و هذا الوضع السياسي البئيس وصل إلى حد لا يحتمل ولم يعد بإمكانه أن يتحمل متل هذه “الفدلكات”، خاصة و أن الشارع المغربي يتابع بمعظمه المشهد عن كثب ولم يعد يقبل بالتنازلات عن تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

هناك أربعة الرسائل وهي كالتالي: الرسالة الأولى: غير مقبول أن يكون بنعبد الله في المشاورات.

الرسالة الثانية: غير مقبول أن تكون التعيينات في نفس القطاعات لنفس الأحزاب.

الرسالة الثالثة: وجب أن يكون التعديل موضوع تشاور بين مكونات الأغلبية. الرسالة الرابعة: على الأسماء المقترحة للاستوزار أن يتلاءم تكوينها مع القطاعات التي ستدبرها.

رشيد لزرق : خبير في الشؤون الحزبية و دكتور في العلوم السياسية

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد