زنقة 20 | الرباط
أكد فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب ، أنه ينظر إلى مشروع قانون مالية سنة 2025، بوصفه وثيقةً طموحةً تهدف إلى التصدي للتحديات التي تواجه بلادنا في مختلف المجالات والأصعدة، بما يتضمنه من التزامات صريحة وواضحة، شرعت الحكومة في تنفيذها من خلال سياسات وإجراءات وقرارات ملموسة أحدثت أثرا فارقا على أرض الواقع، علما أن تنزيلها تم في سياقات اجتماعية وسياسية واقتصادية مطبوعة بتوالي سنوات الجفاف، وتداعيات أزمة كوفيد 19، وإكراهات الحرب الروسية الأوكرانية، وزلزال الحوز والأطلس المدمر، والفيضانات التي عرفتها مجموعة من أقاليم المملكة، وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، وتأثر سلاسل الإنتاج والتوريد العالمية، مما نتج عنه ارتفاع كبير في أسعار الطاقة وأثمان المواد الاستهلاكية والأساسية.
النائب البرلماني عزيز اللبار، عن فريق البام ، و في مداخلة قدمها باسم فريق الحزب خلال مناقشة مشروع قانون المالية 2025، بالجلسة العامة المنعقدة اليوم الخميس، أشار إلى أنه رغم ذلك الحكومة لم تبق مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات والصعوبات المستوردة منها والوطنية، حيث عملت بجد ومسؤولية على تجاوزها دون المساس ببرامجها وسياساتها العمومية التي التزمت بها أمام المواطنات والمواطنين، ولعل ما تضمنته الحصيلة المرحلية لهذه الحكومة من إنجازات اقتصادية واجتماعية خير دليل على حس الإبداع والابتكار وكذا الانسجام الذي يتمتع به الفريق الحكومي، والمتمثل في خلق التوازن بين مقاومة الإكراهات والتحديات ومواصلة الإصلاحات الهيكلية.
و ذكر اللبار أن الحكومة تؤكد من خلال مشروع قانون المالية 2025 عزمها على مواصلة تنزيل، ما تبقى، من برنامجها الحكومي، من خلال الإصلاحات الاجتماعية المرتكزة على إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، واستكمال ورش تعميم الحماية الاجتماعية، والنهوض بالمنظومة الصحية، والدعم الاجتماعي المباشر، وإصلاح التعليم، وحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، والدعم المباشر لاقتناء السكن، وكذلك من خلال الإصلاحات الاقتصادية المهيكلة، والمتمثلة أساسا في الزيادة في ميزانية الاستثمار، وخلق فرص الشغل، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز التوازنات الماكرو- اقتصادية.
وقال اللبار إن الحكومة أولت أهمية خاصة لإرساء ركائز الدولة الاجتماعية، حيث يتضمن مشروع قانون المالية 2025، حزمةً واضحةً من الإجراءات المندرجة في سياق تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، حيث تكشف الأرقام المتعلقة بالتأمين الإجباري الأساسي على المرض، أن عدد المستفيدين من نظام أمو- تضامن قد بلغ 11,3 مليون مستفيدٍ، حتى متم شهر غشت 2024.
وأفاد النائب البرلماني أن “عدد المستفيدين من نظام أمو- الشامل، والتأمين الخاص (العمال غير الأجراء)، بلغ 11 مليون شخص، كما بلغت الاشتراكات التي تتحملها الدولة برسم أمو- تضامن، حتى متم شهر شتنبر 2024، ما مجموعه 15,51 مليار درهم، وهي أرقام ناطقة ومعبرة عن نفسها، بما يعكس الجدية الكبيرة التي تعاطت بها الحكومة مع هذا الموضوع الحيوي”.
أما في موضوع الدعم الاجتماعي المباشر، قال النائب اللبار، ” يبقى الطموح هو تغطية حوالي 4 ملايين أسرة، من خلال تعبئة 25 مليار درهم سنة 2024، و26,5 مليار درهم سنة 2025، في أفق تعبئة 29 مليار درهم ابتداء من سنة 2026، فإننا في الفريق لنثمن عاليا المنهجية التي نهجتها الحكومة، والمتمثلة في القطع مع التدبير السابق لبرامج الدعم الاجتماعي، التي أظهرت عدم قدرتها على استهداف الفئات المستحقة للدعم بالدقة والفعالية اللازمتين، وذلك بسبب التداخل، وضعف التنسيق والتناسق فيما بينهما”.
واعتبر اللبار أن منهجية هذه الحكومة في تدبير الدعم الاجتماعي حافظت على الحقوق المكتسبة للمستفيدين الذين يستحقون الدعم، وذلك من خلال التطبيق السليم لما نصت عليه مقتضيات المادة 8 من القانون- الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، التي دعت إلى: “إصلاح برامج الدعم الموجه للأسر للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، المعمول بها، قصد تجميعها وتعميمها مع وضع معايير دقيقة للاستفادة منها”.
وسجل اللبار بارتياح واعتزاز عزم الحكومة تفعيل التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025، في مراعاة للجدولة الزمنية المحددة في مقتضيات المادة 17 من القانون- الإطار رقم 09.21 السالف الذكر، وبذلك تكون الحكومة قد نجحت في تنزيل أحكام القانون- الإطار المشار إليه سابقا، داخل أجل خمس سنوات من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
وأكد النائب البرلماني أن التشغيل إحدى الأولويات في البرنامج الحكومي، لذلك رُصِدَ له غلاف مالي مقدر في 14 مليار درهم، وذلك عبر 3 محاور متمثلة في تحفيز الاستثمار، والحفاظ على فرص الشغل بالعالم القروي، وتجويد برامج النهوض بالتشغيل “تأهيل” و”إدماج”، مشيرا إلى أنه واعتبارا لكون التشغيل يهم جميع القطاعات الحكومية، فإنه بات من الضروري تشخيص المسببات وطرح الحلول الناجعة للنهوض بالتشغيل، وجعل الاستثمار الخاص منه والعام أداة فعالة لخلق فرص الشغل، والحد من الآثار السلبية للبطالة.
وأبرز اللبار أن مشروع قانون المالية 2025 جاء محملا برسائل قوية وواضحة، وبتدابير ملموسة على مستوى ترسيخ السلم الاجتماعي وتنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي، وتنزيل الإصلاح المتعلق بالضريبة على الدخل، من خلال مراجعة الجدول التصاعدي لأسعار الضريبة، الذي لم يشمله أي تغيير منذ أكثر من 14 سنة، بما سيمكن من إعفاء الأجور التي تقل عن 6000 درهم، ومراجعة باقي أشطر الجدول بما يمكّن من تخفيض الضريبة المطبقة عليها. وهذا إجراء سيشمل 2,5 مليون من الأجراء والموظفين والمتقاعدين، زيادة على الأربعة ملايين من غير المعنيين بهذه الضريبة، بغلاف يناهز 5.5 مليار درهم، وهو مجهود مالي استثنائي يندرج في إطار حماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
واعتبر النائب البرلماني أن مكتسبات الطبقة العاملة التي تحققت في إطار الحوار الاجتماعي خلال الفترة الماضية من ولاية هذه الحكومة لا يمكن تجاهلها أو تبخيسها، ولا يمكن تجاهل التجاوب الحكومي الكبير في إطار مسؤولياتها في هذا المجال، من خلال قرارات غير مسبوقة، لفائدة ملايين الأسر من الطبقة المتوسطة، وذلك بتخصيص غلاف مالي قدره 45 مليار درهم لتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، ثمن اللبار عاليا حرص الحكومة على فتح مشاورات عميقة ومكثفة وجدية مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، بغاية التوصل إلى توافق حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، “حيث ندعو الجميع إلى الانخراط المسؤول للمصادقة على هذا الورش التشريعي الهام في أقرب الآجال، الذي من شأنه إضفاء دينامية اقتصادية كبيرة، سواء من حيث تطوير تنافسية القطاعات الإنتاجية أو من حيث توفير المزيد من فرص الشغل لفائدة المواطنات والمواطنين، في انتظار مبادرة الحكومة لمراجعة القانون المتعلق بالشغل والنقابات”.
كما أكد اللبار أن ضمان ولوج المواطنات والمواطنين للسكن اللائق، يكتسي أهمية قصوى لدى الحكومة من خلال برنامج دعم الولوج إلى السكن، حيث بلغ عدد المستفيدين، حتى متم شتنبر 2024، ما مجموعه 25 ألف شخصا، من خلال منح إعانات بلغت 1.971.520 درهم.