زنقة 20 | الرباط
كشف عمل ميداني أثري متعدد التخصصات في المغرب عن أقدم مجتمع زراعي غير معروف سابقًا، من عصور ما قبل التاريخ في شمال غربي أفريقيا، يعود تاريخه إلى 3400-2900 قبل الميلاد.
وبحسب الدراسة التي نشرها العلماء يوم 23 سبتمبر في دورية “أنتيكويتي”، فإن هذا هو أقدم وأكبر مجتمع زراعي عُثر عليه حتى الآن في أفريقيا خارج منطقة نهر النيل.
ويميط هذا الاكتشاف، الذي يعود تاريخه إلى نهاية العصر الحجري الحديث، اللثام عن أهمية منطقة المغرب العربي، في نشوء أولى المجتمعات الزراعية المعقدة.
فريق الباحثين بقيادة يوسف بوكبوط من المعهد الوطني للآثار وعلوم التراثالمغربي، برفقة باحثين من جامعة كامبريدج والمجلس الوطني للبحث في إيطاليا، قاموا بحفريات في وادي بهت ، كشفت عن وجود مجتمع زراعي واسع ازدهر خلال العصر الحجري الحديث الأخير، مما فتح نافذة جديدة على تاريخ المغرب.
وهذا يشير إلى أن المغرب كان له دور فعال في تشكيل غرب البحر الأبيض المتوسط خلال الألفية الرابعة والثالثة قبل الميلاد، وبشكل خاص في ظهور المجتمعات المعقدة.
ويوضح الباحثون أنه بفضل البيئة المتوسطية، والحدود مع الصحراء الكبرى ووجود أقصر معبر بحري بين أفريقيا وأوروبا، وقع المغرب في موقع مثالي كمركز للتطورات الثقافية الكبرى والاتصالات بين القارات في الماضي.
وفي حين أن أهمية المنطقة خلال العصر الحجري القديم والعصر الحديدي ومن ثم العصر الإسلامي معروفة جيدًا، إلا أن هناك فجوة كبيرة في المعرفة بآثار المغرب بين حوالي 4000 و1000 قبل الميلاد، وهي فترة من التغيير الديناميكي في معظم أنحاء البحر الأبيض المتوسط.
ويقول مؤلفو الدراسة الجديدة “تثبت اكتشافاتنا أن هذه الفجوة لم تكن بسبب أي نقص في النشاط ما قبل التاريخي الرئيسي، ولكن بسبب الافتقار النسبي إلى البحث العلمي في هذا النطاق. ويؤكد وادي بهت الآن الدور المركزي للمغرب في ظهور كل من المجتمعات المتوسطية والأفريقية الأوسع نطاقًا”.
وأوضح مؤلفو الدراسة الدور القديم للمغرب في هذا السياق التاريخي قائلين “من الأهمية بمكان أن ننظر إلى وادي بِهْت ضمن إطار أوسع متطور ومترابط يضم الشعوب على جانبي بوابة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي خلال أواخر الألفية الرابعة والثالثة قبل الميلاد”.
ويضيف الباحثون في دراستهم أنه “على الرغم من احتمال الحركة في كلا الاتجاهين، فإنه يجب الاعتراف به كمجتمع متميز قائم على أساس أفريقي أسهم إسهاما كبيرا في تشكيل ذلك العالم الاجتماعي”.