زنقة 20. الرباط
يبدو أن البيانات الاقتصادية التي ن شرت خلال الأشهر الأخيرة قد تكون معبرة للغاية عن معركة النمو التي كسبتها إسبانيا بفضل “خطة مارشال اقتصادية” جعلت من هذا البلد الإيبيري مرجعا في أوروبا.
وتتفق جميع التوقعات الصادرة عن المنظمات الوطنية والدولية، من صندوق النقد الدولي إلى الحكومة ومراكز الأبحاث، على أن إسبانيا ستكون الاقتصاد الأسرع نموا في الاتحاد الأوروبي في العام 2024، بنمو يتراوح بين 1,5 بالمائة و2 بالمائة، وفقا للرؤى الأكثر والأقل تفاؤلا، بعد أن كانت أيضا الاقتصاد الأسرع نموا في 2021 و2022 و2023.
وعلى الرغم من أسعار الفائدة المرتفعة والاقتصاد الأوروبي الذي سجل ركودا على مدار العامين الماضيين بسبب حالة عدم اليقين الكبيرة بشأن السياسة الاقتصادية، فإن الاقتصاد الإسباني يحقق أداء أفضل من المتوقع.
هكذا، تتوقع المفوضية الأوروبية أن تحتفظ إسبانيا بصدارتها الاقتصادية في العام 2025، مع نمو قدره 2,1 بالمائة، أي أعلى بعشر نقطة مئوية عن توقعات الخريف، بسبب تأثير عنصر “القروض” لصندوق التعافي والقدرة على الصمود.
وبحسب وزارة الاقتصاد والمالية الإسبانية، فإنه “وفقا لتوقعات المفوضية الأوروبية لفصل الشتاء، ستواصل إسبانيا صدارة النمو الاقتصادي ضمن الاقتصادات الأوروبية الرئيسية في عامي 2024 و2025. وفي سياق الانخفاض العام في تقديرات النمو بالاتحاد الأوروبي لعام 2024، فإن إسبانيا هي الدولة الوحيدة من بين الاقتصادات الكبرى التي حافظت على توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي التي تبلغ 1,7 بالمائة، أي أكثر من ضعف تقديرات منطقة اليورو”.
وبالمثل، أعلن بنك إسبانيا، الذي يميل إلى أن يكون أكثر تحفظا في توقعاته الاقتصادية، الأسبوع الماضي، أنه سيراجع توقعاته للنمو لعام 2024 صعودا في التحديث القادم للتوقعات، والتي سيتم في منتصف يونيو، وبالتالي سيتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 1,9 بالمائة.
وذكرت المؤسسة المالية بأن آخر توقعاتها التي نشرت في مارس الماضي افترضت معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1,9 بالمائة في عامي 2024 و2025 و1,7 بالمائة في العام 2026، وأوضحت أن الأداء الجيد للشغل واستقرار التوترات الجيوسياسية وزيادة تحسن النشاط في قطاع السياحة قد ساهم في هذا التطور.
وقال البنك: “ما يمكننا قوله هو أن الاقتصاد قد استقر عند معدل نمو مرتفع وبمعدلات أعلى من تلك الموجودة في منطقة اليورو”.
ويمكن تفسير قوة الاقتصاد الإسباني حتى الآن، من ناحية، بالمعطى الذي يفيد بأن الصادرات، لاسيما الخدمات، ظلت عند مستوى أعلى من المتوقع.
وتواصل السياحة الخارجية أيضا إبداء حيوية مدهشة: حيث تشير بيانات الإنفاق على بطاقات الائتمان الأجنبية إلى أن نمو الاستهلاك لغير المقيمين سيرتفع بنسبة 5 في المائة عن الربع السابق، بالقيمة الحقيقية، في بداية العام.
ومن المفترض أن تقاوم السياحة وبقية القطاع الخارجي، الذي يشهد تحولا كبيرا الهشاشة الدولية. وينبغي أن يلعب الاستهلاك المحلي دورا رائدا من حيث القيمة الإجمالية، وذلك بفضل قوة سوق العمل. وهناك أيضا إشارات على أن استثمار المقاولات بدأ في الانتعاش بعد تنفيذ خطة التعافي.
ومع هذه التوقعات الإيجابية والواعدة، المدعومة بتوقعات أهم المؤسسات، فإن من شأن إسبانيا قيادة نمو أوروبا الذي يعاني صعوبات.