مواجهة حامية بين الحزبين الإشتراكي والشعبي في الانتخابات البلدية والجهوية الإسبانية
زنقة 20. مدريد
تجرى الانتخابات البلدية والجهوية الإسبانية، غدا الأحد، في 12 من 17 جهة في البلاد، وسط ترقب كبير، بالنظر إلى أن من شأنها تقديم مؤشرات على مراكز نفوذ القوى السياسي ومدى تأثيرها على المشهد السياسي الإسباني. فالأمر يتعلق باستحقاق ينظر إليه كشكل من الانتخابات النصفية.
وفي هذا الإطار، كشفت الحملة الانتخابية للاستحقاقات الجهوية، التي انتهت الجمعة في منتصف الليل، عن معطيين رئيسيين يسمان الفترة التي تسبق الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في نهاية السنة.
من جهة أولى، الاتفاقات التي يمكن أن يبرمها الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني، الذي يقود الحكومة الإسبانية، مع تشكيلات سياسية أخرى والطريقة التي سيدير بها هذا الواقع، في مواجهة المعارضة، واتفاقات الحزب الشعبي وحزب “فوكس”، والتي من شأنها أن تضع الحزب اليميني الرئيسي بإسبانيا في وضعيات غير مريحة لا حصر لها، بفعل تأثير الخطاب العدواني الذي يسوقه حزب “فوكس”.
ففي مواجهة هذه السيناريوهات، يريد الحزب العمالي الاشتراكي استعادة الساحة التي خسرها في انتخابات 2019، بالارتكاز على مقترحات ذات طابع جهوي، في وقت يهاجم فيه بشدة التوافقات التي تمت بين الحزب الشعبي وحزب “فوكس” اليميني المتطرف، لاسيما في كاستيل ـ ليون.
من جهة أخرى، يراهن الحزب الشعبي على إطار لحشد الاستياء المحتمل من حكومة ائتلاف الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني و”بوديموس”، من خلال تقديم هذه الانتخابات على أنها اختبار لرئيس الحكومة والاشتراكيين، بيدرو سانشيز. لذلك، ركز الحزب الشعبي في حملته الانتخابية على خطاب سياسي أكثر عمومية من الخطاب المحلي.
ومع ذلك، يعتقد المحللون السياسيون الإسبان أن استراتيجية الحزب الشعبي، الذي يقوده ألبرتو فيجو، تنطوي على مخاطرة سياسية، لا يمكن حساب عواقبها. ففي تقديرهم، فإن الحزب الشعبي إذا منح الآن الفرصة لـ “فوكس”، فإنه سيعطي شرعية مؤسساتية لحزب ذي أقلية ليس لديه حتى الآن سلطة مؤسساتية، بحيث تكون دعوتهم المتوقعة لتصويت مفيد لليمين خلال الانتخابات العامة المقبلة بلا معنى على الإطلاق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحزب الشعبي سيمنح حجة للحزب العمالي الاشتراكي لمهاجمة اليمين المتطرف، ما سيشكل، بكيفية مباشرة أو غير مباشرة، دعوة لناخبي اليسار لوقف التقدم المؤسساتي لحزب “فوكس”، والذي يسهله الحزب الشعبي من خلال توافقاته المحلية والإقليمية المتوقعة.
وبالتالي، سيكون لدى الحزب العمالي الاشتراكي أرضية خصبة لتغيير معطيات المعركة الانتخابية خلال الفترة التي تسبق الانتخابات العامة.
ووفقا لاستطلاعات الرأي، التي نشرت خلال الحملة الانتخابية، فإن المجلس التشريعي القادم سيفرض بالضرورة اتفاقا بين الأحزاب المختلفة، باستثناء بعض الحالات على غرار جهة مدريد، حيث يمكن لإيزابيل دياز أيوسو، النجمة الصاعدة في الحزب الشعبي، الحصول على الأغلبية المطلقة وأن تحكم لوحدها.
وفي باقي المناطق، سيتعين على الأحزاب التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات في كل جهة إبرام اتفاق مع الآخرين من أجل تشكيل الحكومة، وأحيانا بدعم متعدد. وهنا يمكن أن يصبح الحزب الشعبي هو الحزب الأكثر حصولا على الأصوات (أراغون وجزر البليار وكانتابريا وفالنسيا ولاريوخا)، وسيتعين عليه في جميع الحالات تقريبا إبرام اتفاق مع “فوكس”، أو الاعتماد على القيام بتوافقات مع تشكيلات جهوية.
نفس الأمر ينسحب على الحزب العمالي الاشتراكي الذي ينبغي أن يبرم، أيضا، اتفاقات مع بوديموس (كاستيل-لامانش، استرامادورا)، أو تجديد صيغ للتحالف متعدد الأطراف (أستورياس، أراغون، جزر البليار، جزر الكناري، نافارا).
على هذا الأساس، يمكن للأحزاب الإقليمية أو المحلية مثل حزب كانتابريا، وائتلاف الكناري، وأراغون إكزيست، وحزب ريوخا، وحزب اقتراح من أجل الجزر، أن تلعب دورا رئيسيا في تأرجح الحكومات بين كتلة اليمين أو اليسار.