زنقة20ا الرباط
تؤكد منظمة العمل الدولية، على أن الحوار الاجتماعي يشمل جميع أنواع التفاوض أو التشاور أو ببساطة تبادل المعلومات بين ممثلي الحكومات وأرباب العمل وممثلي العمال بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك المتعلقة بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية.
والمغرب بتوجيهات من الملك محمد السادس، ومنذ بداية ولاية الحكومة الحالية الأولى، أنتج نموذجا خاصا به من الحوار الاجتماعي، تم رفع مأسسته إلى مستوى خيار استراتيجي للمملكة. هذا الخيار، الذي تسهر الحكومة على تنفيذه يفرض التعاون البناء بين الفرقاء جميعهم، في إطار حوار تشاركي يميزه الالتزام بترسيخ أسس الدولة الاجتماعية.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أصدر إحالة ذاتية قبل عامين، تتناول موضوع الحوار الاجتماعي ببلادنا مساهمة منه في بلورة تصور “جيل جديد من منظومات هذا الحوار”، أخذا بالتوجيهات الملكية، ووضع للإحالة عنوانا: “نحو جيل جديد من الحوار الاجتماعي بالمغرب”. وهو ما يتسق مع جهود الحكومة لتحديث منظومة الحوار الاجتماعي مع مختلف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، خاصة في ظل دستور 2011، الذي يجعل من الديمقراطية التشاركية أحد أسس النظام الدستوري للمملكة.
ويرتكز الحوار الاجتماعي في المغرب على ثلاث مرجعيات؛ هي الفصل 8 و13 من دستور المملكة، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، ثم مدونة الشغل.
وفي هذا السياق، ولإرساء أسس ميثاق اجتماعي جديد، يحدد أهدافًا واضحة وواقعية، تحسن من ظروف عيش المغاربة، وتعزز حمايتهم الاجتماعية، خاصة ذوي الدخل المحدود منهم، أطلقت الحكومة فور تعيينها سلسلة من الحوارات الاجتماعية على المستويات القطاعية، والتي أدت بشكل خاص إلى توقيع اتفاقين مع النقابات المعنية.
وفي تاريخ 18 يناير 2022، تم توقيع اتفاق بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات الأكثر تمثيلية. وتضمن هذا الاتفاق عدة إجراءات، منها مراجعةُ الوضع الحالي لموظفي القطاع، وخلق وضع محفز وموحد يشمل جميع فئات منظومة التعليم، وتسوية العديد من الملفات المطلبية ذات الأولوية.
وبتاريخ 24 فبراير 2022، تم توقيع اتفاق بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وسبع نقابات تمثل القطاع. وتضمن هذا الاتفاق، توافقات حول عدة نقاط منها تحسين وضع الأطباء، وذلك من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان بحيث تبدأ بمؤشر 509 مع تعويض كامل.
ومثّل الإشراف المباشر لرئيس الحكومة على مراسم توقيع هذه الاتفاقات بين الوزارات المعنية والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، تتويجاً لسلسلة جلسات الحوار القطاعي، بما يعكس الاهتمام الخاص الذي توليه له الحكومة، في إطار تنفيذ التزاماتها ذات البعد الاجتماعي، ووفقا لرغبتها في جعل الحوار الاجتماعي آلية أساسية لتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للموظفين.
وقد تميزت السنة الأولى من الولاية الحكومية، بإطلاق بداية جديدة للحوار الاجتماعي الذي كان متعثراً، بهدف إضفاء الطابع المؤسسي عليه من خلال توقيع ميثاق وطني يُلزم جميع الأطراف بهيكلته، عبر إنشاء مرصد وطني وأكاديمية تدريب ميداني، بما يجعل من التشغيل ومناخ الأعمال إطارا متكاملا ومنتظما ومستداما للحوار الاجتماعي.
كما تم التوقيع على اتفاق تاريخي يوم 30 أبريل 2022 أجمع عليه كل الفرقاء، دون استثناء، يهدف قبل كل شيء إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين المغاربة من خلال مجموعة من الإجراءات من قبيل: زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة، و10 في المائة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، بهدف توحيدهما في أفق سنة 2028، وتخفيض شروط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 إلى 1320 يوما، وكذا تمكين المؤمن لهم، ممن بلغوا سن التقاعد القانوني والذين تقل اشتراكاتهم عن 1320يوما، من استرداد حصة اشتراكات المشغل، بالإضافة إلى مساهمات الموظفين.
وفي فاتح شتنبر 2022، صادقت الحكومة على 15 مرسوما خلال المجلس الحكومي، وذلك تنفيذا لالتزاماتها في الاتفاق الاجتماعي الهادف إلى زيادة قيمة التعويضات العائلية والحد الأدنى للأجور في القطاع العام إلى 3500 درهم، وحذف السلم 7، والرفع من حصيص الترقي في الدرجة إلى 36 في المائة بالنسبة لفئة الموظفين، وجملة من الإجراءات الأخرى تروم تحسين وضعية أجراء القطاعين العام والخاص.
وقد خصصت الحكومة مبلغ 14.8 مليار درهم لتنفيذ هذه الإجراءات.
وتقرر خلال الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي، التي انطلقت يوم 14 شتنبر 2022 تحت إشراف رئيس الحكومة، العمل على الإصلاح الضريبي، وإصلاح أنظمة المعاشات التقاعدية، ومراجعة القانون الأساسي الخاص بالحق في الإضراب.
وتم عقد جولة جديدة من الحوار للعام الاجتماعي 2023، كجزء من إضفاء الطابع المؤسسي على هذا الحوار في بلادنا، وذلك بإشراف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي أكد التزام حكومته بحسن سير الحوارات القطاعية.
وقال رئيس الحكومة، إن هذه اللقاءات المندرجة في إطار جولة أبريل من الحوار الاجتماعي، مرت في أجواء يطبعها الاحترام والثقة المتبادلان، وجدد التزامَ حكومته بحسن سير الحوارات القطاعية، وتمتيعها بضمانات وشروط النجاح، مشيدًا بالحصيلة المشرفة للحوار الاجتماعي، بعدما أوفت الحكومة بعدد كبير من التزاماتها، رغم إكراهات الظرفية.