زنقة20ا عبد الرحيم المسكاوي
أصبح النفوذ الفرنسي في مستعمراتها الأفريقية السابقة يواجه تحدّياً كبيراً نتيجة أزمة ثقة حقيقية، تراكمت طوال عشرات السنين، جعلت شعوب هذه الدول تكره العجرفة الفرنسية، حيث أن أغلب الدول الناطقة بالفرنسية، التي كانت مستعمرة سابقاً من فرنسا، تصنف اليوم من أكثر دول القارّة فقراً، وأقلها استقراراً، وه
في هذا الصدد قال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث في تصريح لموقع Rue20، إن “فرنسا اتجهت على مدى سنين، إلى إحكام سيطرتها الاقتصادية على مستعمراتها القديمة وتركيز تبعية مقيتة لها، وفي خضم ذلك لم تعر أدنى اهتمام للتحولات الجيوسياسية، ما جعلها منبوذة، حاليا، من لدن الأفارقة الذين نفضوا عنهم ما انطلى عليهم لسنوات، وقرروا أنه آن الأوان للتخلص منها وطردها شر طردة من قارتهم السمراء”.
وأضاف لزرق أن “فرنسا لم تلق بالا لتعالي مطالب الأجيال الإفريقية بالتنمية والديمقراطية، وهي المطالب التي تنكرت لها ودعمت نخبتها للتغافل عنها، مما جعل المواطن الإفريقي يدرك أن تحقيق التنمية والتحرر مقرون بمواجهة السيطرة ، ومنطق التبعية مما جعل التنديد بالمنطق الفرنسي يتفاقم في عدة دول الرافضة إلى الهيمنة الفرنسية والتحكُّم في قرار الدول الإفريقية السيادي ونهب ثرواتها”.
هذا المعطى وما يوازيه، يوضح رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث، تسبب في شد وجذب بين فرنسا والمملكة المغربية.
واعتبر رشيد لزرق في تصريح للموقع، أن فرنسا “الرسمية” لا تزال تقاوم هضم المطلب المغربي بضرورة خروجها من المنطقة الرمادية والوضوح السياسي، مع المملكة، وتصر على اللعب على التناقضات المحيط السياسي، لهذا تعمل على ممارسات كل الضغوطات لتختبر إصرار المغرب. مؤكدا أن “المتغيرات الطارئة جعلت قوة الأشياء تفرض على فرنسا تغيير استراتيجيتها في إفريقيا، وهي قوة أملتها التغييرات التي تعرفها المنظومة العالمية والخسائر الكبيرة التي منيت بها فرنسا استراتيجيا في الكثير من الملفات إفريقيا ودوليا، وكل هذا في وقت عرفت خريطة القوى الوازنة والمؤثّرة في صنع القرار الدولي وضوحا في موقفها اتجاه قضية الصحراء المغربية، بعد اعتراف الولايات المتحدة وإسبانيا بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية”.
وأكد لزرق أن “الثقل الفرنسي تراجع في إفريقيا، وتراجع في المغرب بعد اختيار المملكة الاستراتجي تنويع وتعديد شركائها الاقتصاديين، وهو أمر لا محالة يفرض على فرنسا الوضوح ولا شيء غير الوضوح، بدل خوضها حرب استنزاف دبلوماسية ضد المغرب، تنذر بخسارة البلد الأوربي ولا ريب”.
وشدد المتحدث ذاته أن “الدول الإفريقية ترى في الشد والجذب بين المملكة المغربية وفرنسا مثالا، صارخا على جدوى طرد هذا البلد الأوربي الذي يحاول بث الفرقة وتعميم التبعية له، خارج سياق المستجدات على الساحة الدولية، فضلا عن قراءة هذه الدول الإفريقية لمؤشرات مواجهة بين فرنسا والولايات المتحدة من جهة وبينها وروسيا من جهة أخرى على الساحة الافريقية”.
وقال لزرق إن”فرنسا لم تعد لوحدها من يملك ويتحكم في خيوط اللعبة بالقارة السمراء، وهو ما جعل العديد من الدول تتجه بدورها سيرا على منوال المملكة المغربية، إلى تنويع شركاءها الاقتصاديين نحو الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين أو روسيا التي باتت على مشارف مناطق النفوذ الكلاسيكي لفرنسا واتجاه موسكو إلى إرساء الأمن والاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتعاظم دورها في مالي بعد الانسحاب الفرنسي والأوروبي.
وخلص لزرق إلى أن “فرنسا اليوم أمام جيل جديد من الأفارقة أصبحوا واعين بتاريخهم، ومنفتحين على العالم، اكتووا بالحروب التي أشعلتها فرنسا في قارّتهم، وسئموا نهبها ثرواتهم لقرنين، وباتوا قادرين على تحمّل مسؤوليتهم بأنفسهم.