زنقة 20. الرباط
تقدمت الوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بطلبات إلى الجهات القضائية المختصة من أجل الحجز على أموال وممتلكات أشخاص محكومين في ملفات جرائم الأموال، ضمنهم برلمانيون ورؤساء جماعات وموظفين كانوا يتحملون مسؤوليات التسيير بإدارات عمومية والجماعات الترابية.
وحسب وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، فقد بلغ عدد الحجوزات التي طلبتها الوكالة القضائية أكثر من 240 حجزا، تخص 119 ملفا في طور التنفيذ بمحاكم جرائم الأموال، حيث قامت الوكالة بأكثر من 100 حجز تحفظي على رسوم عقارية تخص 35 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، وأكثر من 70 حجزا تحفظيا على رسوم عقارية تخص 34 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، وأكثر من 50 حجزا تحفظيا على رسوم عقارية وأسهم تجارية تخص 22 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بمراكش، وأكثر من 18 حجز تحفظي على رسوم عقارية تخص 28 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بفاس.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح ، أن مسألة استرجاع الأموال العمومية المختلسة والمبددة ومكافحة الجرائم المالية تشكل أحد أهم أولويات الحكومة، باعتبارها قضية حيوية تساهم بشكل مباشر في بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات وتوطيد دعائم الأمن المالي والاجتماعي وعدم الإفلات من العقاب.
وفي هذا الإطار، أوضحت الوزيرة، أن الأحكام القضائية الصادرة في جرائم المال العام تنقسم إلى صنفین، صنف تتكلف به الجهات المعنية (المؤسسات العمومية، الجماعات المحلية…) التي تتولى الدفاع عن مصالحها ومباشرة إجراءات التنفيذ لإرجاع المبالغ المحكوم بها انسجاما مع المقتضيات القانونية الواردة في قانون المسطرة المدنية وقانون مهنة المحاماة، وصنف تتولى تتبعه الوكالة القضائية للمملكة بعدما يتم تكليفها من طرف الإدارة أو المؤسسة ضحية الاختلاس.
وتتولى الوكالة القضائية مراقبة المسطرة و تنتصب في الوقت المناسب كمطالبة بالحق المدني نيابة عن الجهة المعنية ، كما تقوم بمساطر احترازية موازية من قبيل البحث عن الذمة المالية للمتابعين بالاختلاس أو التبديد سواء كانت منقولات أو عقارات أو أسهما أو نقودا بالاستعانة بجميع المرافق الإدارية التي بإمكانها ضبط هذه الممتلكات بدءا بالمحافظات العقارية والسلطات المحلية وانتهاء بالأبناك والسجلات التجارية المحلية وأيضا السجل التجاري المركزي، وإن أثمر البحث يتم الحجـز على تلك الممتلكات حجزا تحفظيا أو حجز ما للمدين لدى الغير حسب الأحوال ضمانا لاسترجاع المبالغ المختلسة التي قد يحكم بها والحيلولة دون تفويتها من طرف المالك المختلس، ويتوخى في ذلك عنصر المباغتة والمفاجأة، وبعدما يصبح الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به تباشر الوكالة القضائية للمملكة مسطرة التنفيذ في الشق المدني من الحكم، فإن كانت هناك حجوزات تحفظية تحول إلى حجوزات تنفيذية تمهيدا لبيعها بالمزاد العلني واسترداد الأموال المختلسة والمبددة.
وكشفت الوزيرة عن حصيلة الوكالة القضائية للمملكة بخصوص تأمين الدفاع عن المال العام أمام القضاء وتنفيذ الشق المدني القاضي بالإرجاع في صنف الأحكام التي تتولى تدبيره، حيث عملت برسم سنة 2020 على استرداد ما مجموعه 44 مليون درهم، كما ساهمت في استصدار أحكام وقرارات قضائية قضت باسترجاع ما مجموعه 90 مليون و583 ألف درهما، من الأموال المختلسة والمبددة على الرغم من الظرفية الاستثنائية التي تميزت بها هذه السنة والمرتبطة بإجراءات الحجر الصحي المتعلق بجائحة كوفيد 19.
وأبرزت الوزيرة، أنه على الرغم من الدور الكبير الذي تمارسه الوكالة القضائية للمملكة من أجل استرداد الأموال العمومية المختلسة والمبددة وتدبير الملفات المتعلقة بالحجز على ممتلكات المحكومين أمام محاكم جرائم الأموال، إلا أنه في إطار عملية الاسترداد، وكأي علاقة تنفيذية بين أطراف معينة تتشابك المصالح وتتولد التعرضات والمنازعات ودعاوى الاستحقاق من أجل احتفاظ المحكوم عليهم بالأموال، وتطرح الإشكاليات من المحكوم عليه أو من ورثته أو من الغير، وهو ما يستدعي تدعيم وإحداث آليات جديدة لاسترداد المال العام.
وتطرقت الوزيرة إلى مجموعة من الصعوبات القانونية والواقعية التي تواجه الوكالة القضائية، حيث تتجلى الصعوبات القانونية في اشتراط كون الأموال المنقولة والعقارية المطلوب حجزها تحفظيا متحصلة من الجرائم المرتكبة، واشتراط وجود الدين الثابت للأمر بالحجز ما للمدين لدى الغير؛ج، وعدم تضمين ممتلكات الأظناء في محاضر الضابطة القضائية حتى يتحقق عنصر المباغثة والاستباقية في الحجز، وعدم إمكانية سحب أكثر من نسخة تنفيذية واحدة، مما يبطئ عملية التنفيذ في حالة تعدد المحكوم عليهم، كما أن اللجوء إلى تفعيل مسطرة الإكراه البدني لا يخلو من صعوبات، إذ تأخذ هذه المسطرة حيزا من الوقت لا يستهان به وتبقى بدون نتيجة لأسباب كثيرة .
وتتجلى الصعوبات الواقعية في كون أغلب المحكوم عليهم والمطلوب التنفيذ في مواجهتهم تكون ذمتهم المالية غير ظاهرة لأنهم يعملون على إخفائها في القطاع غير المهيكل ويقتنون العقار غير المحفظ، مما يتعذر معه العثور على ممتلكاتهم رغم المجهود المبذول للتحري عن الذمة المالية على مستوى واسع بمساعدة كل الجهات الإدارية من عمالات ومحافظات عقارية المتواجدة في مسقط الرأس ومقر العمل، أما بالنسبة للحسابات الجارية، فإن الوكالة القضائية للمملكة لا تتوفر على أرقامها، وحتى إذا ما حصلت على رقم الحساب البنكي لا تستطيع الحجز عليها بين يدي الأبناك لعدم وجود السند التنفيذي، إذ أن السند هو الحكم القضائي الذي لا يصدر إلا بعد إقفال باب المناقشة، بالإضافة إلى ادعاء العسر وافتعاله عن طريق التحايل، وصعوبة التعرف على هوية المساهمين أصحاب الأسهم في شركة المساهمة لأن السجل التجاري لا يسجل فيه إلا المؤسسين لهذه الشركة ويتعذر العثور على هوية المساهمين الآخرين، و إخفاء المختلس لممتلكاته أو تفويتها دون ترك أية آثار تمكن من تتبع المتحصل من جريمتي الاختلاس أو التبديد، وكذلك تفويت الممتلكات صوريا أو حقيقة إلى الأزواج أو الفروع أو الأصول استغلالا لمبدأ استقلال الذمة المالية، وتجنب تحفيظ الممتلكات العقارية وصعوبة الحجز على الممتلكات غير المحفظة التي يصعب تحديد بياناتها وحدودها لإيقاع الحجز عليها.
لا شك أن هذا الإجراء إيجابي جدا و يجب التصفيق ،لكن لا يحب التوقف عند الحواجز و الرجوع إلى الوراء و ثانيا لا يجب أن يكون إجراء انتقاءيا ،بحسب الشخصية العمومية ،و محدودا في الزمن.
فحينما يظهر الاختلال و يصدر الحكم لابد من الصرامة في التنفيذ بمساعدة كل الأطراف، فضلا على أن القضاء يجب عليه أن يعطي الاولوية الزمنية للبث في قضايا اختلاس المال العام.
و من الإجراءات التي من شأنها تسريع الاسترداد الحجز على كل الحسابات البنكية و على كل عملياتها و ايضا إعطاء مهلة للمختلس قبل المرور مباشرة إلى الإكراه البدني الذي يجب أن تكون عقوبته رادعة و ليست صورية