زنقة 20. الرباط
كشف تقرير صادر عن “مركز دراسات و أبحاث الخليج” عن تصدر المغرب للشعوب المغاربية و الأفريقية في مؤشر الأمن والأمان”.
وأشار التقرير الصادر باللغة الإنجليزية، إلى تصنيف 20 بلداً عربياً، معنياً بالدراسة حول مؤشرات الأمن والإرهاب والجريمة والسلامة، فضلاً عن رصد المتغيرات السريعة للأحداث في العالم العربي خلال 2021.
وإعتمدت الدراسة أيضاً على سياسات الحكومات الاقتصادية والاجتماعية والتي لديها تداعيات على أمن المواطنين بالإضافة لدراسة واقع مدركات الفساد وارتباطه بمدى تطبيق القانون والإفلات من العقاب ومدى ترسيخ المحاسبة والمسائلة والشفافية والنزاهة وتقلص البيروقراطية.
وعلى مستوى المنطقة المغاربية فقد كشف التقرير عن تصدر المغرب متقدماً عن كافة البلدان المغاربية، من حيث الإستقرار والأمن الداخلي.
وهكذا فقد تصدرت قطر الترتيب العربي، متبوعةً بالإمارات والكويت ثالثة، فقد حلت السعودية في المركز السادس متبوعةً بالأردن، ثم المغرب ثامناً ضمن الدول العربية، بينما تذيلت اليمن الترتيب.
واعتمد تصنيف هذا العام على نحو أكثر من 15 مؤشرا رئيسياً ومؤشرات فرعية، وتركز التقييم على منح أولوية لمؤشرات جديدة مقارنة بالمؤشرات المتبعة في التصنيف الماضي. أغلب المؤشرات الجديدة التي تضمنها التصنيف مرتبطة بمدى الاستجابة للجائحة على جميع المستويات وتداعياتها على حياة المواطن فضلاً عن قياس مؤشر التهديدات الأمنية من خلال مؤشر السلام العالمي[8] والتهديدات المناخية من خلال مؤشر انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون[9] وتركز التلوث[10] ونسبة تلوث الهواء[11]، وصولاً الى قياس مؤشرات التنمية البشرية[12] والتعليم[13] وكفاءة التعليم عن بعد[14]، بالإضافة الى المؤشرات التقليدية المتبعة لتصنيف الأمان وهي متعلقة بجودة حياة الأفراد والاندماج المجتمعي والتعايش والتقدم الاجتماعي[15]، وتعتمد على رصد مؤشرات الازدهار والدخل[16] والحريات الفردية[17] والديمقراطية[18] والجريمة[19] مع قياس مؤشرات جهود فرض القانون ومحاربة الفساد[20]. حيث يتضح ارتباط وثيق بين مدركات الفساد وتعزز أو تقلص مؤشرات جودة حياة الفرد واتجاهات الفقر والبطالة[21] والجريمة[22]. بالإضافة الى قياس مدى تأثير الاستقرار الداخلي من خلال مؤشر الهشاشة[23].
وأصبح مؤشر الأمان يشمل عوامل كثيرة متداخلة وذات أبعاد أشمل من مجرد ربطه بالمخاطر الأمنية أو الاستقرار السياسي، حيث أن الأمن القومي يشترط تعزز أغلب المؤشرات المذكورة في جدول المؤشرات المعتمدة لتصنيف تغير درجة أمان الشعوب العربية. كما أن الأمن الغذائي والطاقي والبئي والمائي وتطور التعليم والحريات والديمقراطية ومحاربة الفساد كلها مؤشرات حيوية لا يكتمل تصنيف حالة الأمان بدونها.
وتواجه بعض الدول العربية خاصة المنتجة للطاقة تحديات ضخمة تتعلق بإقامة توازن بين تحقيق تقدم اجتماعي ورفاه وتنمية بشرية حقيقية وخلق مجتمعات متكافئة ومتطورة دون زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن المستويات المستدامة. البحث على العلاقة بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHGs) والتقدم الاجتماعي يضمن مستقبل مستدام لأجيال الغد. في هذا الصدد قد تضطر دول متفوقة في مؤشرات التقدم الاجتماعي مثل قطر والبحرين على سبيل المثال لخفض انبعاثاتها بأكثر من 30 طناً للفرد[24].
بشكل عام شهدت شعوب بعض الدول العربية دوناً عن غيرها بعض الظروف الاستثنائية خلال عام 2021 أثرت على حالة الامن والأمان وخاصة المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي والسياسي[25] والتي أثرت سلباً بدورها على تردي جودة حياة المواطن وعززت مؤشرات عدم التفاؤل بالنظر خاصة لضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي أو لضعف الاستجابة لأزمة الجائحة او لتطلعات المواطنين خاصة لمطالب العمل والدعم الاجتماعي.
وأثرت الأزمة الصحية على تعميق الاختلالات المالية لأغلب الحكومات العربية، حيث شهد مواطني الدول محدودة الدخل ضغوطا أكثر من نظرائهم في دول أخرى إزاء سياسات تقلص دعم السلع الاستهلاكية وتضخم الأسعار مقابل تراجع فرص العمل وزيادة نسب البطالة تزامنا مع ضغوط سياسات التقشف والتخفيض من سياسات الدعم الاجتماعي. وهو ما فاقم ظاهرة التهميش التي تعاني منها شريحة الشباب أكثر من غيرها، حيث ان متوسط نحو 60 في المئة من الشباب[26] عاطلين عن العمل في الدول العربية محدودة الدخل.
وسببت زيادة البطالة بفعل قيود الجائحة في بعض من الدول في ظهور نزعات احتجاجية ومزيد من العنف والجريمة[27]كتعبير عن تردي الوضع المعيشي خاصة بالنسبة للأسر الفقيرة او محدودة الدخل، وهو ما فاقم من ظاهرة الفقر في العالم العربي، اذ من المرجح أن 16 مليون عربي دخل دائرة الفقر منذ 2019[28].
وقد أثر التفاوت الكبير في الاستجابة للجائحة في تعميق الفوارق في حصيلة ضحايا فيروس كورونا بين الدول[29]، وزيادة انكشاف المواطنين على خطر محدودية الرعاية الصحية. كما تعرضت وتيرة تعليم شعوب كثيرة في العالم العربي الى الاضطراب بسبب قيود الجائحة وعدم توفر البنية التحتية الرقمية لتأمين التعليم عن بعد.
وقد تمكنت بعض الحكومات العربية التغلب على ظروف جائحة كورونا وتداعياتها بتوفير ظروف الصحة والرفاه والازدهار لشعوبها، فعلى سبيل المثال حافظت دولة قطر على ازدهار بيئة التعايش والرخاء والرفاه طيلة مدة الجائحة المستمرة الى اليوم، وهي تشترك في ذلك بالتناصف مع الامارات والكويت، حيث تعتبر بيئة هذه الدول بالإضافة الى دول أخرى متقدمة عن غيرها من بقية الدول العربية خاصة محدودة الدخل في توفير عوامل الرفاه للمواطن حتى في ظل الأزمات والكوارث.