زنقة 20 . الرباط
انتقدت الأحزاب المعارضة في فرنسا، رئيس البلاد، إيمانويل ماكرون، بعد قرار حكومته بإجراء تخفيض كبير على أعداد تأشيرات الزيارة التي كانت تقدم للقادمين من الجزائر والمغرب وتونس، فيما اعتبرت بعض أحزاب اليمين المتطرف أن ذلك القرار يهدف إلى استقطاب أصوات ناخبيها في الانتخابات الرئاسية القادمة، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وكانت باريس قد أعلنت خفض تأشيرات الدخول إلى النصف بالنسبة للقادمين من الجزائر والمغرب، وبمقدار الثلث للمسافرين من تونس، وعزت الحكومة الفرنسية قرارها إلى ما اعتبرته عجز تلك الدول في محاربة الهجرة غير الشرعية وعدم قدرتها على استعادة مواطنيها الذين رفضت طلبات اللجوء الخاصة بهم.
وقال المتحدث باسم الحكومة، غابرييل أتال، إن التحرك للحد من التأشيرات كان “قرارًا صارمًا وغير مسبوق”، بحجة أنه كان ضروريًا لأن تلك الدول لم تفعل ما يكفي لاستعادة المهاجرين المطرودين من فرنسا.
وأضاف في تصريحات لراديو أوروبا 1: “هذه الدول ترفض استعادة رعايا لا نريدهم أو لا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا”.
ونوه أتال أن الجزائر والمغرب وتونس رفضت مؤخرًا تقديم وثائق قنصلية لمواطنيها الذين يجري ترحيلهم من فرنسا بعد وصولهم بشكل غير قانوني.
وأضاف أن فرنسا كانت تحاول الوصول إلى حل دبلوماسي منذ عدة سنوات منذ أن أقرت قانون هجرة أكثر صرامة في 2018، لافتا إلى أنه “كان هناك حوار ثم تحذيرات من قبلنا واليوم ننفذ تلك التهديدات”.
ولفت إلى أنه يأمل “أن يكون الرد مزيدًا من التعاون مع فرنسا حتى نتمكن من تطبيق قواعد الهجرة الخاصة بنا”.
في المقابل، قال المبعوث الخاص للخارجية الجزائرية المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، عمار بلاني، لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن القرار الفرنسي “غير منسجم وغير مناسب”، فيما أوضح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للصحفيين أن القرار غير مبرر و”لا يعكس واقع التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية”.
سباق على أصوات اليمين
وفي سياق آخر، اتهم سياسيون فرنسيون من اليمين واليمين المتطرف إيمانويل ماكرون، الذي من المتوقع أن يرشح نفسه لإعادة انتخابه في أبريل القادم بمحاولة تقديم مبادرات صارمة ومفاجئة بشأن الهجرة لجلب أصوات ناخبي تلك الأحزاب.
ومن بين الذين أعربوا عن استهجانهم لذلك القرار، البرلماني اليميني، أورلين برادي، والذي تساءل عن مغزى توقيت هذه الخطوة مع اقتراب الانتخابات الفرنسية، قبل أن يضيف في تصريحات صحيفة “تتهافت الحكومة في الوقت الحالي لإظهار قدر أكبر من الصرامة والسلطة”.
وجاء الإعلان عن تحرك الحكومة بشأن التأشيرات في نفس اليوم الذي أعلنت فيه المرشحة الرئاسية اليمينية المتطرفة مارين لوبان إنها سوف تدعو إلى استفتاء يقترح فرض قيود صارمة على الهجرة في حال وصولها إلى كرسي السلطة في قصر الإليزيه.
وعندما سُئلت، وزيرة المواطنة مارلين شيابا، فيما إذا كانت حكومتها قد قررت السير على خطى لوبان، أجابت: “نحن لا نضع جدول أعمالنا على أساس مارلين لوبان ..ونعلن عن خطواتنا عندما نكون مقتنعين بها وجاهزين لتنفيذها”.
وكانت دراسة أجرتها صحيفة “لوموند” هذا الشهر أن الهجرة تحتل المرتبة الخامسة في الاهتمامات الرئيسية للناخبين الفرنسيين، متخلفة كثيرًا عن قضايا أخرى مثل الصحة والبيئة والرعاية الاجتماعية وكيفية تغطية نفقاتهم.
لكن الهجرة تهيمن حاليًا على الجدل السياسي في وسائل الإعلام حيث يتنافس اليمين واليمين المتطرف على الأصوات قبل تحديد مرشحيهم.
وحتى الآن لم يختر الحزب اليميني التقليدي، الجمهوريون ، Les Républicains ، مرشحه للانتخابات الرئاسية، لكن أولئك الذين يريدون الترشح يشددون مواقفهم بشأن دخول الأجانب إلى فرنسا، فعلى سبيل المثال دعا مفاوض “بريكست” السابق ميشيل بارنييه إلى وقف الهجرة نهائيا.
وأما المحلل التلفزيوني اليميني المتطرف إيريك زمور، والذي يحلم أن يكون رئيس فرنسا القادم، فقد أبدى تشددا أكبر من لوبان عندما قال إن بلاده سوف تصبح “جمهورية إسلامية” في غضون قرن في حال لم يجر إيقاف موجات الهجرة إلى الأبد.
وكان وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، قد قال إن آراء زمور “مخزية” وتسيء إلى المسلمين في فرنسا، الذين بحسب كلامه، قد “خدموا الأمة”، لا سيما في مجالي الخدمة العامة والجيش.