بوصوف يكتب : 8 شتنبر أو الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء

بقلم . د. عبد الله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية

بعيدا عن كل القراءات التي قد تشمل جوانب لها ترسبات ممارسات سلبية و انزلاقات شخصيةفان الموضوعية تُلزم على كل قارئ جاد الإقرار بان استحقاقات الثامن من شتنبر الجاري كانت جديرة بأن تكون عنوانا لمرحلة جديدة بالمغرب المقبل على تنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد و الميثاق الوطني للتنمية ، و بالمغرب المؤمن بالعملية الديمقراطية و بآلية الانتخاب كوسيلة لتجديد النخب السياسية على المستوى الوطني و الجهوي و المحلي

فانتخابات الثامن من شتنبر أعطت من جهة صورة مشرفة للمغرب بشهادة المراقبين المستقلين الدوليين الى جانب حضور منتخبين من أصل مغربي..و أكدت من جهة أخرى عن عمق الممارسة السياسية و عن نضج البناء السياسي المغربي..و أنه ” تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر و النزيه و المنتظم…” الفصل الثاني من الدستور المغربي..

فبعيدا عن كل هذه القراءات المشرقة و الواعدة ، فان هذه الاستحقاقات حملت رسائل و قراءات سياسية أخرى على المستوى الدولي من بينها قوة المؤسسات الدستورية المغربية ، و وعي المواطن المغربي بدوره في تغيير المشهد السياسي و التحكم في خريطة ممثليه على مستوى البرلمان و المجالس الجهوية و المحلية وهو ما تؤكده نسبة المشاركة التي فاقت بقليل  نسبة ٪ 50 في حين بلغت نسبة المشاركة ٪ 43 بالنسبة لاستحقاقات سنة 2016 ..

و كعادتها فقد حاولت شرذمة البوليساريو إفساد هذا التمرين السياسي الجديد من خلال شطحات و مراسلات بئيسة للسيد أنطونيو غورتيرس في منتصف شهر غشت الماضي…بتوقيع من زعيم المرتزقة و الذي يُجهل وضعه الصحي و مصيره بين الحياة و الموت ، و هل يقوى هو نفسه على مجرد حمل قلم للتوقيع ..أم ان الجهة الحاضنة ( جنرالات الجزائر) هي التي تفكر و تخطط و تمول و يكتفي المرتزقة بالتوقيع على بياض فقط..؟

لكن سرعان ما جاءهم الرد القوي من أبناء الصحراء الحقيقيين الوطنيين الصادقين الذين ظلوا أوفياء لروابط البيعة التي تجمعهم و أجدادهم عبر التاريخ بملوك…كما وصفهم خطاب المسيرة لسنة 2015وهو رد يتكلم لغة الأرقام و الإحصائيات و التي لم تترك مجالا للسجال الفارغ أو لترويج بضاعة البوليساريو الفاسدة ، حيث فاقت نسبة مشاركة سكان الصحراء المغربية في استحقاقات الثامن من شتنبر نسبة المشاركة الوطنية…فقد سجلت مثلا في العيون ـ الساقية الحمراء ٪ 66,94 و ٪ 63,76 في كلميم ـ واد نون في حين بلغت نسبة المشاركة ٪ 58,30 في الداخلة ـ وادي الذهب…و هي أرقام تعبر عن الصورة الحقيقية ، لان الأرقام تحمل الحقيقة و ليس وجهة نظر كما يُقال..

وهنا نستحضر من جديد خطاب المسيرة في نوفمبر لسنة 2015 و الذي عرى عن أكذوبة التمثيل الحصري للصحراويين المغاربة من خلال توضيح الفرق بين تمثلية كيان وهمي ” يهدف الى إرضاء ميولات عدوانية و يتخد من الابتزاز و خيانة الوطن و روابط البيعة رياضته المفضلة…و بين التمثيلية الحقيقية لسكان الأقاليمالصحراوية المغربية.. بـقـوله ” الشرعية الديمقراطية و الشعبية التي حصل المنتخبون تجعل منهم الممثلين الحقيقيين لسكان الأقاليم الجنوبية سواء على المستوى المؤسسات الوطنية او في علاقتهم  بالمجتمع الدولي…”

فشرعية التمثيل مشروطة بتوفر عنصريْ الديمقراطية من جهة ، أي ممارسة آلية العمليات الانتخابية ترشيحا و انتخابا و التعددية الحزبية و الانخراط السياسي ،وبتوفر عنصر الشعبية من جهة ثانية. ، أي التوفر على امتداد شعبي و وعاء انتخابي و المشاركة الحرة المنتظمة

و هي عناصر تفتقر اليها شرذمة البوليساريو و تجعلها فاقدة لكل تمثيل ديمقراطي و شعبي..

في حين نرصد المشاركة القوية و الفعالة لسكان الصحراء الوطنيين في كل الاستحقاقات الانتخابية و الانخراط الوازن في كل التمثيليات الحزبية و النقابية و الغرف التجارية و في مؤسسات المجتمع المدني و حقوق الانسان…وهو ما يجعل منهم ممثلين شرعيين لسكان الصحراء سواء امام المؤسسات الوطنية او علىالمستوى الدولي بمشاركتهم ضمن الوفد المغربي في محادثات جنيف و البرتغالالى جانب  مبعوث الأمين العام.  للأمم المتحدة  غورتريس… وهو ما مالت اليه محكمة لوكسمبورغ من خلال قرارها في ثالث مارس بعدم توفر كيان البوليساريو على الصفة و الاهلية  لتمثيل سكان الأقاليم الصحراوية المغربية ..إذ توفرهم على صفة سياسية للتفاوض ، لا يعني توفرهم على أهلية التمثيل الحقيقي لسكان الصحراء المغربية….

نعتقد أن استحقاقات الثامن من شتنبر قد حلمت معها دليل آخر على تشبت الصحراويين بمغربيتهم من خلال المشاركة القوية و الدالة في الاستحقاقات الوطنية و الجهوية و المحلية ، و الرغبة في التمثيل الفعلي و الحقيقي لسكان الأقاليم الصحراوية المغربية في مختلف الهيئات و المؤسسات الدستورية كالبرلمان و المجالس الجهوية و المحلية ، وحملت معها رسائل جديدة عن إستعدادالصحراويين الوطنيين الى جانب إخوانهم في مختلف الجهات الاثنى عشر، لـتنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد و الميثاق الوطني للتنمية..

أما الرسالة الأبلغ من المشاركة القوية في الاستحقاقات الأخيرة ، فقد كانت أولا ، للمنتظم الدولي بأنهم الممثلين الشرعيين و الحقيقيين لسكان الصحراء المغربية ، وثانيا ، صفعة قوية لشرذمة البوليساريو و للحاضنة الجزائر بعدم امتلاكهم للصفة الشرعية و الشعبية لتمثيل سكان الصحراء المغربية  ، لانهم مجرد كيان وهمي صُنِع من الأوراق النقدية لشركة سونطراك…و ثالثًا فقد شكلتاستفتاءا تأكيديا جديدا لمغربية الصحراء و الصحراويين..محافظين على روابط البيعة التي تجمعهم و اجدادهم عبر التاريخ  بملوك المغرب..

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد