زنقة 20 . الرباط
تأتي دعوة الملك محمد السادس للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة المغرب في ظل غيوم سياسية وإعلامية لبّدت سماء علاقات البلدين منذ مطلع العام الماضي تمثلت فيما وصف بتنسيق بين القاهرة والجزائر لدعم جبهة البوليساريو، وخروج إعلاميين مصريين بتصريحات مسيئة للمغاربة، دفعت بالتلفزيون الرسمي المغربي إلى بث تقارير تصف الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بالرئيس الشرعي.
كما وصفت تلك التقارير وصول السيسي إلى السلطة في مصر بانقلاب عسكري، قبل أن تسارع القاهرة لاحتواء الأزمة من خلال زيارة قام بها وزير خارجيتها للرباط وتسليمه الملك رسالة من السيسي يدعوه فيها للقيام بزيارة رسمية لبلاده.
حدث هذا في سياق ذهبت فيه تحليلات إعلامية إلى أن المغرب لم يتفاعل مع وصول السيسي للسلطة بما يكفي، وقرأ مراقبون في عدم تكليف الملك رئيس الحكومة بحضور حفل تنصيب السيسي رئيسا لمصر إشارة إلى أن المغرب يحرص على العلاقة بين الدولتين لا أكثر.
في هذه الأثناء كانت الأوساط الشعبية تعبّر عن موقف أكثر وضوحا من خلال خروج مسيرات في الرباط ترفض إزاحة محمد مرسي عن السلطة، وتصف ما وقع بالانقلاب.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أن العلاقات المغربية المصرية شهدت تقلبات على مدى الستين سنة الماضية لأسباب أبرزها يتعلق بما هو قومي كاتفاقية كامب ديفد والحرب العراقية.
لكن هذه العلاقات، وفق نور الدين في حديثه للجزيرة نت، لم تكن لتتأثر بأحداث الربيع العربي أو بالتغيرات السياسية في البلدين، دون أن يمنع ذلك من تعرف هذه العلاقات بعض السخونة أو البرودة التي تستلزمها الظرفية السياسية والموقف من بعض القضايا.
وكون حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة، فإن ذلك -من وجهة نظر نور الدين- لا يحمل دلالات ما حول دعوة السيسي لزيارة المغرب، “فالشأن الدبلوماسي هو من اختصاص رئيس الدولة، ولا يخفى أن ذلك ضمن المجال المحفوظ للملك دستوريا”.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس محمد غزالي فيرى أن دلالات هذه الدعوة ترتبط بالرهان على تنسيق المواقف، ومحاولة احتواء مستجدات الساحة العربية، “فالحرب في اليمن والتدخل الروسي والإيراني في سوريا يدفعان بالمغرب إلى إيجاد توازن صعب بين علاقاته بدولة كبرى مثل روسيا بما تمثله من ثقل وتأثير دولي، وبين دول الخليج العربي”.
وإلى جانب كون المغرب ومصر يشاركان في التحالفين العسكريين لدعم الشرعية في اليمن والتحالف ضد الإرهاب الذي ربما يدخل قريبا حربا برية في سوريا، فإن نور الدين يعتقد أن توقيت دعوة السيسي لزيارة المغرب يندرج في إطار الترتيبات الجيوسياسية التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظلّ المخاطر التي تهدد الأمن القومي للمنظومة العربية عامة، بالإضافة إلى تهديد الأمن المائي المصري بسبب سدّ النهضة وقضية الصحراء التي تهدد وحدة المغرب وسلامة أراضيه.
ويبقى من غير المستبعد الرفض الشعبي لهذه الزيارة، إذ يؤكد غزالي للجزيرة نت أن فعاليات محلية تستعدّ لتنظيم وقفات احتجاجية ويبدو ذلك واضحا على شبكات التواصل الاجتماعي. وهذا ما ذهب إليه أيضا نور الدين قائلا إن “من الطبيعي أن تظهر في أي بلد يؤمن بالديمقراطية أصوات أو مظاهرات ووقفات تعبّر عن رفضها لهذه الزيارة، لكن هذا الأمر يظل طبيعيا ولا يجب أن نحمّله أكثر مما يحتمل”.
الجزيرة نت