بقلم : عادل أربعي
لا يُمكن أن تمر مشاهدٌ تابعها المغاربة عبر شاشات التلفاز طيلة أيام من مدن شمال المملكة، مرور الكرام، خاصة وأن الأمر يتعلق برسائل مُشفرة قادمة من طنجة للسياسيين وعامة الشعب.
فضلاً عن مكانة الجهة لدى الملك، كبوابة المملكة على أوربا، فان الملك رَفَعَ من قيمة الجهة ككل لتكون رائدة التنمية ومركزاً سياسياً للقرارات السيادية الكبرى الحالية والمستقبلية.
المشهد الأول
الملك ، هولاند و اليوسفي: مشهد الحوار الثلاثي بين الملك والرئيسالفرنسي، والى جانبهما “هما فقط” الزعيم الاتحادي “عبد الرحمن اليوسفي”، بينما يُراقب الجميع من بعيد، حديث رئيسي دولة بهيبتهما، الى رجل بهَامتِهِ، ظهر فجأة بعد غياب طويل.
رسالة الملك محمد السادس واضحة وضوح الشمس للسياسيين وعامة المغاربة، على أن “اليوسفي” لم يتم التخلي عنه، وهو حاضر دوماً، بل سيضل قريباً من محيط “الساسة المُحترمين” بعيدٌ عن محيط “الساسة المُتسخين”.
“الحوار الثلاثي” بين رئيس الدولتين ورجل السياسة الكَهل، ضل الجميع يراقبه، حتى شقيق الملك وتقديراً واحتراماً منه، ضل في الخلف، لمراقبة “اليوسفي” وهو يتحدث بحصور بديهي وهِمَة عاليتين.
“عبد الاله بنكيران”، رئيس الحكومة، ضل هو الأخر، توارى الى الخلف، ليُتابع أطوار “حوار رئيسي دولتين مع سياسي ليسككل السياسيين.
المشهد الثاني.
الملك، الياس العماري، جنباً الى جنب في صلاة الجمعة.
حَمَل ظهور الملك محمد السادس والى جانبه الأيسر بعد وزير الأوقاف، “الياس العماري” الدي كشف يوماً على أنه صديقٌ للملك، الكثير من الدلالات السياسية الظاهرة والباطنة.
ففوز “العُماري” برئاسة جهة الشمال، بوأته مكانة “خرق البروتوكول” الدي مَنَعَه طيلة سبع سنوات من الظهور الى جانب الملك وأمام الكاميرات.
طبعاً، الملك عَلِم بفوز “العُماري” برئاسة جهة الشمال، وتم ادراج اسمه ضمن الشخصيات المُنتخبة المشاركة في البروتوكول الرسمي الصارم للصلاة بجانب الملك واستقبال رئيس دولة من حجم الرئيس الفرنسي.
رسالة ادراج “العُماري” في بروتوكول الصلاة الى جانب الملك واضحة، واستقبال الرئيس الفرنسي، هو أن “العُماري” ضل خارج البروتوكول لغياب الصفة، والأن وقد أصبح رئيساً لجهة هي ثاني أغنى جهة بالمملكة، أصبح وكما “عبد الاله بنكيران” بصفته الرسمية، الدي حملته الانتخابات لرئاسة الحكومة، بعدما كان مُهدداً بالسجن عقب أحداث 16 ماي.
المشهدين معاً بَعَثا رسالة واحدة و واضحة، مفادها أن الملك يُتابع عن قرب المشهد السياسي وما آل اليه، لكن لِكل سِياسي “وزنه السياسي” بأقواله وأفعاله.
المَلك ضل طيلة خُطبه بالبرلمان ومن داخل قصره، يدعو “إلى اعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي” كما دعاهم أخيراً الى “عدم المُزايدة في الانتخابات”.
ما أصبح يُشاهده الملك والمغاربة معاً بالبرلمان، من طرف الحكومة والمعارضة، وعلى لسان رئيس الحكومة، يطرح سؤال مِلحاح هو “هل يتم مواكبة ما يدعو اليه الملك، من طرف جميع الفاعلين السياسيين، على مستوى الخطاب والممارسة؟