زنقة 20. الرباط | تصوير : محمد أربعي
أكدت قيادة حزب الحركة الشعبية، اليوم السبت بسلا، عن تشبثها بتدريس اللغات الأجنبية للأجيال المقبلة.
و قال ‘محند العنصر’ أمين عام حزب السنبلة خلال كلمة له بالدورة العاشرة للجامعة الشعبية، المنظم تحت شعار “الديمقراطية اللغوية والثقافية بالمغرب”، أن مستقبل الأجيال المقبلة متوقفٌ على الإلمام باللغات الأجنبية الحية، داعياً الى تغليب مصلحة الأجيال المقبلة لضمان مستقبلها.
وتهدف هذه الجامعة، التي حضر أشغالها على الخصوص الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، إلى تعزيز المسار الحركي التنظيمي والاستراتيجي المنفتح على هواجس وتطورات المشهد السياسي الوطني.
ويندرج اختيار حزب الحركة الشعبية لموضوع هذه الدورة في إطار الأهمية التي يكتسيها إن على مستوى الإشكاليات المطروحة أو على مستوى النقاش الدائر وطنيا حول اللغات الرسمية وأهمية الانفتاح على اللغات الأجنبية، ومواصلة الدفع باللغة الأمازيغية بعد خطوة التنصيص على ترسيمها في الدستور، والانتقال بذلك إلى مراحل التنزيل الفعلي.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، امحند العنصر، أن قناعة الحركة الشعبية راسخة في ما يتعلق بالهوية المغربية، والتي تعكسها حيوية المجتمع المغربي المنفتح، مضيفا أن النظام الأساسي للحزب شدد منذ سنة 1958 على الانفتاح على المحيط الخارجي. وجدد العنصر بالمناسبة تشبث الحزب بالدفاع عن الهوية المغربية وعن القيم الوطنية، مبديا في المقابل أسفه لما ينتجه التدافع السياسي من إهدار للزمن السياسي.
من جهته، أكد رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، الأهمية التي تكتسيها فضاءات النقاش والحوار من أجل تبادل الآراء وتطويرها مهما كان فيها من اختلاف، معتبرا أن اختلاف الرأي يشكل أصل النقاش.
وذكر بأن المواضيع التي كانت تطرح دائما في هذه الجامعة الشعبية ترتبط بالعدالة اللغوية ودعم اللغات الوطنية، وكذا دعم الثقافة واللغة الأمازيغية، “التي تعد مسؤولية وطنية”، مبرزا أن الحركة الشعبية كان لها إسهام منذ تأسيسيها في إيلاء الاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغية وكذا الثقافات المغربية الأصيلة.
وقال العثماني، ” نحن اليوم، بعد دستور 2011، بحاجة إلى تطوير منظورنا في مجال العدالة اللغوية والديمقراطية اللغوية والثقافية”، موضحا أن التوصيات والنتائج التي ستسفر عنها أشغال هذه الجامعة ستكون لا محالة مفيدة وذات أثر.
من جانبه، نوه وزير الثقافة والاتصال، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، محمد الأعرج، بأهمية الموضوع، مشيرا إلى أن الديمقراطية اللغوية والثقافية لها معان تصب بشكل مباشر في العدالة اللغوية.
وبعدما تساءل عن الصيغة الكفيلة بمعالجة الموضوع، أكد الأعرج أن مقتضى الوثيقة الدستورية ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وكذا القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، تجاوزوا المقاربة السياسية الضيقة إلى اقتراح توجهات استراتيجية كبرى.
وخلص الأعرج إلى أن بلورة نموذج تنموي حقيقي يتأسس على المرتكز الثقافي المؤطر في وحدة الهوية الوطنية.
وبدوره، تطرق سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، إلى موضوع السياسة اللغوية التي استأثرت بحيز هام في النقاش المجتمعي الذي واكب الإصلاح التربوي، مشيرا إلى أن هذا النقاش يتمحور بشكل عام حول بعد هوياتي يرتبط بترسيخ الهوية المغربية، وبعد وظيفي يستحضر الأدوار الوظيفية للغة.
وأوضح السيد أمزازي أن السياسة اللغوية جاءت لتعالج مجموعة من الإشكالات والاختلالات العميقة لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تهم بالأساس غياب سياسة لغوية واضحة، وضعف مكتسبات التحصيل الدراسي في اللغتين العربية والفرنسية، وعدم تطوير اللغة الأمازيغية بالشكل الذي يمكن من تعميم تدريسها، إضافة إلى وجود شرخ لغوي عميق بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي.
وخلص إلى أن السياسة اللغوية هي سياسة متوازنة ومنسجمة تحافظ لكل لغة على موقعها ومكانتها، على أساس من التكامل والانسجام، من أجل تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تحقيق جودة التعلمات.
من جانبه نوه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، باختيار موضوع “الديمقراطية اللغوية والثقافية بالمغرب” في هذه الظرفية الدقيقة، مسجلا أن الديمقراطية تتصل بما هو لغوي وثقافي، كما أن البنية الثقافية واللغوية تمثل تمظهرا للهوية الوطنية.
وأكد لشكر أن إسهام الحزب في بلورة المشروع التنموي الجديد ركز على خمس مرتكزات ثقافية واقتصادية واجتماعية ومجتمعية، إلى جانب مرتكز الحوكمة، داعيا إلى تحصين التعدد في إطار الهوية الوطنية الموحدة.
أما منسق الجامعة الشعبية، محمد أوزين، فأكد أن الجامعة تروم إحداث مزيد من جسور التواصل والنقاش، كما تشكل منصة لتبادل الأفكار بين السياسيين من مختلف المشارب.
وبعد أن أبرز المنجزات التي حققتها اللغة الأمازيغية ممثلة في الإلزامية والتعميم الأفقي والعمودي والمعيرة، دعا أوزين إلى ترصيد هذه المنجزات، معربا في الوقت ذاته عن أسفه لتأخر المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وتمحورت أشغال الجامعة الشعبية حول جلستين تناولتا موضوعي “اللغات الأم من التعبير الثقافي إلى المأسسة”، و”التعددية اللغوية ورهانات تطوير منظومة التربية والتكوين”.