زنقة 20. الدارالبيضاء
يقدم كتاب “تاريخ المغاربة بهولندا .. حضور وذاكرة” لعبد اللطيف معروفي، جردا لأهم المحطات التي طبعت تاريخ الهجرة المغربية إلى هولندا، من خلال معرض للصور الفوتوغرافية تصور البدايات الأولى لاستقرار الجالية المغربية بالمجتمع الهولندي.
ويضم هذا العمل، الذي قدم على هامش الدورة ال24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، معرضا لصور فوتوغرافية تجسد مسار تحول الهجرة المغربية بهذا البلد الأوروبي، تدريجيا، من عمالة أجنبية إلى أقلية ثقافية مقيمة بشكل دائم في المجتمع الهولندي الذي باتت تشكل جزءا منه، وكيف أصبح تاريخ الهجرة المغربية جزءا من تاريخ هولندا والمغرب، مساهمة بذلك في تشكيل هويات جديدة عابرة للأوطان.
ويعد هذا المعرض المستوحى من الكتاب استمرارا لمعرض “حضور وذاكرة” الذي نظمه مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج سنة 2009 بمدن أمستردام وأكادير وطنجة والحسيمة والناظور والمحمدية، بمناسبة الذكرى الأربعين لتوقيع الاتفاقية الثنائية لجلب اليد العاملة بين المغرب وهولندا في 14 ماي 1969.
وفي توطئة هذا العمل، قال عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج إنه عمل “يرسم لنا أهم المراحل التاريخية لاستقرار المغاربة بالمجتمع الهولندي، ابتداء من ربط أولى العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية والمقاطعات السبع لدولة الأراضي المنخفضة في مطلع القرن السابع عشر، إلى مرحلة المواطنة المزدوجة الحالية”.
وأضاف بوصوف أن هذا الإنتاج يدخل في إطار الورش الكبير الذي احتضنه مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج منذ انطلاقته، ورش جمع وتوثيق ودراسة ونشر وتثمين تاريخ الجاليات المغربية عبر العالم، مبرزا أن المجلس، ووعيا منه بالأهمية والتحديات المطروحة، قام بعمل متواصل لحفظ ذاكرة الهجرة المغربية والتعريف بها، وتشجيع البحث العلمي والدراسات حول تاريخ الهجرة المغربية.
ولفت بوصوف إلى أن تاريخ مغاربة هولندا هو ثرات مشترك بين الوطن الأم ووطن الإقامة، وجزء من تاريخ المغرب وتاريخ هولندا، إلا أن هذا التاريخ ظل نسيبا مجهولا وغير متداول في المؤسسات الثقافية ومؤسسات نقل وتلقين المعرفة.
وأكد أن تنظيم هذا المعرض يدخل ضمن مسلسل مستمر انطلق منذ سنة 2008 لحفظ وتثمين ذاكرة الهجرة المغربية كجزء من الذاكرة الوطنية والإنسانية. ويتضمن هذا العمل اثني عشر فصلا تحتوي على صور فوتوغرافية تجسد تيمة العمل.
وتتطرق هذه الفصول إلى الوجود المغربي في هولندا، وانتقال عدد أفراد الجالية المغربية بهولندا من ثلاثة أفراد سنة 1960 إلى 400 ألف بعد خمسين عاما، ثم الرواد الأوائل والبدايات الأولى للعلاقات المغربية الهولندية، قبل مشاركة المغاربة في معركة هولندا، وبداية زمن هجرة المغاربة للعمل في مناجم ليمبورخ سنة 1963.
وتناول الفصل السادس المعنون ب”فضاءات للعيش” العلاقات الاجتماعية الأولى التي نشأت بين المغاربة والهولنديين، ثم “زمن العمل” و”إقبال المعامل والمناجم الهولندية على استقطاب اليد العاملة المغربية، كآخر الأيادي العاملة الأجنبية التي لجأ إليها الاقتصاد الهولندي في الستينات من القرن الماضي، و”تأنيث الهجرة” منذ سنوات السبعينات بشكل متصاعد خلال التجمع العائلي في البداية، ثم خلال العقود الأخيرة مع هجرة النساء بشكل فردي ومستقل عموما.
ويتناول الفصل المعنون ب”الممارسات الثقافية” البدايات الأولى للنشاط الثقافي المغربي بهولندا، بعد المراحل الأولى للهجرة المغربية التي اتسمت بالبحث عن موطئ قدم بالمجتمع الهولندي، حيث كان هذا النشاط معزولا تماما عن بقية المجتمع الهولندي، تليه مرحلة “النضال من أجل المساواة والكرامة” وإحداث المساجد، قبل الانتقال من مرحلة المهاجر إلى المواطن الذي اكتسب الحق في المشاركة الفاعلة والنشيطة في الانتخابات البلدية الهولندية منذ سنة 1986، حيث أصبح يتوفر، عن طريق التجنيس ، على الحقوق السياسية ذاتها التي يتوفر عليها باقي المواطنين الهولنديين.
أما الفصل الأخير “المغاربة في هولندا، يناير 2016″، فيقدم معطيات عن تطور الهجرة المغربية خلال أزيد من خمسين سنة من بدئها.