الشرقاوي الروداني: ‘إنسحاب دول الخليج ردة فعل من أجل أفريقيا موحدة و الجزائر تريد إدخال بلدان أفريقية إلى عدم اليقين الجيوسياسي’

زنقة 20. الرباط

خلف الانسحاب الجماعي لبلدان خليجية من قمة ‘مالابو’ العربية_الافريقية، ردود فعل إيجابية أشادت باحترام الضوابط القانونية والشرعية.

واعتبر  الباحث الاستراتيجي ‘الشرقاوي الروداني’ في تصريح خاص لموقع Rue20.com أنه ‘لابد من الإشارة إلى أن انسحاب المملكة المغربية و دول عربية جاء من منطلق موضوعي و منطقي هو احترام الضوابط الشرعية المتعلقة بتلك التي دأبت عليها اجتماعات القمم العربية الأفريقية والتي تنص على احترام الشرعية الدولية و احترام القانون الدولي و سيادة الدول ؛ حيث ان الحضور يقتصر على الدول المعترف بها من طرف الامم المتحدة’ط

و قال ‘الروداني’ المتخصص في الشأن اأمني و الاستراتيجي، أن ‘هذا الطرح تبنته جميع القمم العربية الافريقية من اول لقاء بالقاهرة سنة 1977 الى قمة الكويت سنة 2013 مرورا بقمة سرت سنة 2010. لكن ما بين قمة القاهرة و سرت مرت 33 سنة دون انعقاد هذه القمة نظرا لعدم التوصل إلى حل للمشاكل بنيوية تتعلق بمحاولة استفراد بعض الدول بقرارات تكرس الفراغات الجيوسياسية والصراع بين المعسكرين الشرقي و الغربي التي اسستها الحرب الباردة. و كذلك لبروز مجموعة من الحركات الانفصالية في القارة والتي كانت مؤازرة من دول معينة تخدم نفس الأجندة .كمثال على دلك الصومال ، الكونغو الديمقراطية ، مالي ، جنوب أفريقيا، كلها دول نعيش إرهاصات انفصالية ادكتها تواجد جماعات إرهابية . في هذا الصدد، قمة سرت بليبيا و قمة الكويت سنة 2013 ، فرغم محاولة الجزائر إقحام كيان وهمي فمحاولتها باءت بالفشل الدريع .ما وقع في مالابو كان سابقة مقصودة من طرف دول يزعجها تحركات جلالة الملك في مجموعة من المناطق الأفريقية.. الجزائر استنفدت كل وسائل التأثير و التحرك أمام برغماتية وانسانيته في التعاطي الإيجابي و المسؤول مع المشاكل الحقيقية لافريقيا.
و شدد’الروداني’ أنه ‘لهذا يبقى تصرف الجزائر في مالابو وتسويف دول أخرى في اتخاذ قرار واضح له عدة قراءات . فالعودة إلى ما سبق القمة و قراءته يظهر أن هذه المؤامرة كانت لها أبعاد خطيرة تتجاوز إلى جانب ملف الصحراء المغربية إلى ما هو متداول. في حين أن عملية الاقحام تظهر أن ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية اصبح و كما كان إلا آلية لتدبير معاكسة استراتيجيات يمكن أن تعود بالنفع على اقتصاديات دول القارة الأفريقية. إلا أن العودة إلى الاجتماع الوزاري العربي الأفريقي للتنمية الزراعية و الأمن الغذائي بالرياض سنة 2013 والتي كانت مخرجاته وتوصيات جد طموحة ، يظهر جزءا من كتاب مخطط تحويه آليات لضرب مصالح المغرب الاستراتيجية و معاكسة كل تحركات جلالة الملك محمد السادس في الخارج .حيث أن بعد اجتماع الرياض حول التنمية الزراعية و الفلاحية بدأت تمظهرات العداء من خلال إقبار كل محاولات دول صديقة للمغرب كانت لها حسن النية في الاستثمار و تنمية المجال الزراعي في القارة الأفريقية مع العلم ان مفاتيح التطور الأفريقي مرتبطة قويا بالمجال الزراعي و الفلاحي و ما توصيات قمة المناخ كوب 22 بمراكش إلا تأكيد لهذه الضرورة الملحة ( بحيرة تشاد، الصراع المصري الإثيوبي حول سد النهضة، الصراع الحدودي بين غينيا الاستوائية والغابون حول جزيرة مبانيي ، حوض نهر مانو الذي يجمع بين سيراليون وغينيا و ليبيريا، مشروع جنوب شرقي الأناضول …)
إرهاصات الحرب القادمة على الماء في القارة و المشاكل الكبيرة المطروحة على الثروة المائية بين
دول معروفة عطلت بشكل مؤسف برنامج الزراعة الأفريقي الشامل (CAADP)
ومن تم تعطيل هذا البرنامج الطموح الذي كان ينخرط في إطار الشراكة الجديدة للتنمية الأفريقية (NEPAD) من شأنه تكريس العجز البنيوي للدولة في الساحل الأفريقي و جنوب الصحراء .
لهذا تم إفشال آلية تنفيذ هذه البرامج الطموحة و الكبيرة من خلال تعطيل وحدة التيسير و اللجنة التوجيهية المنبثقة عن قمة الرياض والتي طالبت بخرائط الاستثمار الزراعي و الفلاحي إلا أن تحركات مشبوهة في مجموعة من الدول حالت دون استكمال المشروع. دول عربية لأسف منها الجزائر لم يرقها التوصيات المرتبطة باللجنة المذكورة خاصة أن المغرب و بحكم تجربته في مجال الأمن الغذائي كان محط اهتمام و تقدير كبيرين لذا دول أفريقية كثيرة حاولت وضعه كمركز في هذا التوجه الاستراتيجي . الزيارة الملكية الأخيرة لإثيوبيا و حجم الاستثمارات المغربية في القارة؛ خاصة الدور الذي أصبح تلعبه تجربة المغرب في تصنيع الأسمدة و تقوية الإنتاج الفلاحي ، من خلال المكتب الشريف للفوسفاط، جعلت دول كنيجيريا، إثيوبيا و تنزانيا تهتم بالرؤية الملكية في مقاربتها للأمن الغذائي . لإشارة فإن قمة مالابو كان من بين الأوراق التي ستناقش إلى جانب محاربة الإرهاب، ملفات سياسية و اقتصادية و كذلك تطوير الزراعة و الأمن الغذائي و هذا الجانب أساسي ويحضى باهتمام مجموعة من الدول التي أصبحت تتملك التجربة المغربية لا على المستوى القطاع الخاص او القطاع العام في الزراعة و الفلاحة.
في هذا السياق، تصريحات المسؤولين الجزائريين لم تكن غريبة عن قاموس حافل بمعاكسة الوحدة الترابية للمملكة. كما أن رد الجزائر لآسف له
قراءات جيواستراتجية فالجزائر من خلال معاكسة و الضرب في قرار الانسحاب الموضوعي المشترك بين المملكة و دول عربية الهدف منه كذلك هو الضغط على دول عربية لها مكانة في الأوبك. فالجزائر أرادت، إلى جانب ما أشير اليه، خدمت عدة أجندات مرتبطة بالطاقة ومن تم موازنتها المالية من خلال تقويض مجموعة من دول الخليج في مقاربتها للاستثمار في أفريقيا و كذلك إفشال الاتفاقيات الاستراتيجية التي تربط المملكة المغربية بدول الخليج العربي. كما أن محاولات الجزائر مع المملكة العربية السعودية لتغيير بعض بنود اتفاق منظمة الأوبك في انتاجها جعلها تستغل ملف الصحراء المغربية كأداة لإحراج الرياض و الامارات العربية المتحدة. اعتقد ان الجزائر بموقفها هذا تريد تصدير مشاكلها الداخلية التي تعيش على وقع إضرابات وارهاصات تصدعات اجتماعية واقتصادية . كما أن الموقف الجزائري و حيثياته إذا ما ربطناه بما يتعلق بالسياسة الدولية فهي تريد أضعاف محور استراتيجي هذفه تقوية الصف العربي و المساهمة في تدبير الأزمات الأمنية التي تعيشها المنطقة لصالح محور غريب يروم تقسيم فكرة الأمة العربية (مثال التحالفات في اليمن ..من مع ومن ضد ) . لهذا فالتخطيط الماكيافيلي لحشر كيان وهمي في قمة مصيرية كان الهدف منه هو تعطيل العمل من أجل أفريقيا موحدة و إدخال منطقة الساحل و جنوب الصحراء إلى اللايقين الجيوسياسي. في هذا الصدد عدم الدعم الكافي للقرار الأممي2085 المتعلق بمالي في شماله مقارنة مع المرافعات القوية التي قدمتها المملكة إبان ترأسها مجلس الامن خلال شهر ديسمبر 2012 من أجل وحدة أراضي الدولة المالية لخير دليل على الرغبة الجزائرية في خلق قوس اللااستقرار في المنطقة برمتها

الزيارات الملكية للقارة و الجهود المبذولة للرسم استراتيجية واضحة في مقاربة جلالته للتعاون جنوب جنوب خلقت أصداء جيدة في دول الاتحاد الأفريقي .وهذا ما يؤشر على عودة قوية للمملكة للمؤسسات الاتحاد الأفريقي الذي رحبت أغلبية دوله وهو ما ترجمه الحضور القوي لأكثر من 50دولة أفريقية إلى قمة العمل الأفريقي بمراكش.
الجزائر بالطبع لا تنظر بعين الرضى للتحركات جلالة الملك في القارة ، لهذا فهي حاولت التشويش على مجموعة من الزيارات الملكية و المساس بإمارة المؤمنين .
من المهم التأكيد على أن الجزائر استنفدت جميع إمكانيات المعاكسة و خياراتها في المنطقة أصبحت متجاوزة مع الوقت. نجاح اتفاق الصخيرات بين أطراف ” طبرق” و “طرابلس” و ما صاحب ذلك من تشويش جزائري، أرادت من خلاله نسف المصالحة التاريخية الليبية، يبرز إلى أي حد أن مقاربة قصر المرادية معادية إلى حدود انها اصبحت مكشوفة كليا. فالسبب بسيط بتعبير هنري كيسنجر هو أن المملكة المغربية حضارة عريقة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد