وا محسناه…إنه الفوز المزعوم
بقلم : محمد الحضري
إتخذ موقف بنكيران اللامسؤول من مقتل الشاب محسن فكري بائع السمك بالحسيمة، بتحذير أتباعه و مناصريه و مريديه و مطيعيه من المشاركة في المسيرات الاحتجاجية للتضامن مع الفقيد و عائلته، إتخذ أبعادا سياسية خطيرة تنم عن افتقار مسؤول حكومي كبير لحس سياسي و وطني و اجتماعي وروحي.
فقد عودنا بإطلالاته المخجلة ،و المضحكة و المبكية في آن واحد. عودنا بانتقائه لمناسبات الأفراح و الأتراح، و ممن وجب في حقهم المساندة و الحضور، أو الإمتناع و النفور. فهو لا يحمل هم الفقراء، و لا يكلف نفسه حضور مراسيم دفن الشهداء،ممن حظيت أسرهم بتعزية و مواساة ملك البلاد، و لا بماسي التعساء و البؤساء، فكل همه هو إسعاد الأغنياء في السراء و الضراء، بالتطبيع مع الفساد و مباركة الإستبداد.
وبالأمس أطل علينا بنكيران بوجه بشوش، جالسا فوق كرسي منفوش؛ والفرحة تعتمره، ونشوة الفوز تغمره، وكأنه فارس مغوار عائد لتوه غزوة طويلة المشوار، بنصر ميمون وفوز مضمون.ولسان حاله يقول:
هاأنذا أعود إليكم بفوز مبين ونصر مكين، وسأوهمكم مرة أخرى بتحقيق ما هو مطلوب، وكل ما هو مرغوب.
سأستمر في نكت وعودي والتنكر لعهودي، وسأتخمكم من جديد بخطبي الغوغائية وتصريحاتي الدوغمائية.
سأشحد سيف ديمقليس لنحر اﻵراء واﻷفكار، وإقصاء الرجال اﻷحرار.
سأستمر في سحق جماجم وعظام المحتجين، من حقوقيين وأساتذة وأطباء ومتقاعدين وحتى المكفوفين.
سأواصل عفوي ورضاي على الفساد والمفسدين، ومتابعة الفاضحين والكاشفين.
سأرهق قدرتكم الشرائية وأجيالكم بالمزيد من القروض ولعدة عقود.
لكن يا بنكيران، شتان ما بين الحقيقة والبهتان، فﻻ تدفن رأسك في الرمال، وتترك مؤخرتك ظاهرة للعيان.
فوزك المزعوم في ذلك اليوم المشؤوم، هو فوز بطعم الهزيمة النكراء، فﻻ داعي للتباهي والتفاخر في كل اﻷرجاء.لقد فازت إرادة الشعب الذي رفضك وقال كلمته فيك، فعاقبك بالعزوف وهزمك بالمكشوف؛ ﻷنك لم تقدم له نفعا، ولم تحسن فيه صنعا.فلا تفرح بفوزك، واخجل من نفسك؛ فلا هو بفوز مبين وﻻ هو بنصر مكين.
إنه فوز بطعم التباكي والتشكي، والتنكيت والتشكيك.فوز بإمطار الرأي العام بخطر التحكم والتظلم، بالتهديد والوعيد، بتوزيع اﻹتهامات واﻹنتقادات، فوز بطعم اﻹبتزاز واﻹستفزاز، وبترهات وإفتراءات فرسانك الممتطين صهوة جياد كركوزات.
أي نعم، تعود من جديد إلى برجك العالي أيها السيد المتعالي، لتعتلي كرسيك المريح، وترتاح فيه عضلات وعظام جسمك المليح.فقد كسبت الرهان ، بفضل اﻷهل والخلان، وغياب وعزوف الشجعان.
تعود لتعتلي سدة الحكم بفضل المريدين والمريدات، والمطيعين والمطيعات، وقد أشعت فيهم ثقافة الشيخ والمريد، صاحب الرأي السديد، المتحكم بقبضة من حديد؛ فانساقوا وراءك كالقطيع ، وقد أصابهم الخرف والهذيان جراء جرعات زائدة من الزعيق والبهتان.
تعود بفضل المعوزين والمعوزات، واﻹنتهازيين واﻹنتهازيات،والمدمنين على أقراص دوباج الوﻻء والخضوع، ولولي النعمة كل الوفاء والخنوع.
تعود وجرحك في هذا الشعب لم يندمل بعد، لتغرقه من جديد في سفاسف الكلام وتمني اﻷحلام، وفي النفايات واﻷسقام.
تعود ﻹستئناف بطشك وقمعك للمحتجين.
تعود للترويج لوصفتك السحرية ذات العلامة التجارية (عفا الله عما سلف).
تعود وقد أنهكت هذا الشعب في قدرته الشرائية، وصادرت حقه في الشغل والتعليم والصحة.
تعود لاختيار من تحضر جنازته، ومن تأبى توديعه إلى مثواه الأخير الذي تنتظره بدورك، رغم كونه ضحية بطشك و سياسة حكومتك.
لكن عليك أن تعلم أن هذا الشعب الذي يحمل عشق وطنه في وجدانه، لن ينساق وراءك كالقطيع؛ فاﻹنسان الممتاز ما خلق لكي يسير وراء القطيع، بل ليكون نارا حامية تصطلي بسعارها حشرات المجتمع. (زراديشت)
عليك أن تعلم أن هذا الشعب ، لن يسمح لك برمي البلاد في شرنقة اﻹستغلال والفساد، وإستباحة العباد، وإعدام ما تبقى من القيم واﻷخلاق، في زمن الرياء والنفاق.
عليك أن تعلم أن هذا الشعب، ليس بجثة متعفنة لفظتها سياسة البطش واﻹقصاء والتهميش.فكل نداءاته لن يغتالها صمت القبور، ولن تضيع صيحاته في وسط هذا التيار الجارف للمتهافتين على نهب خيرات هذا الوطن.وواهم من يعتقد أن صيحاته مجرد طلقات فارغة في الهواء ، ﻹثارة الضجيج وإذكاء البوليميك العقيم، أو أنها تحامل على البعض.
عليك أن تعلم أن هذا الشعب، لن يسمح للأنذال واﻷوغاد والتافهين بالوطء والمرور فوق جثت أبطاله المتعففين.
عليك أن تعلم أن هذا الشعب لن يرضخ لعقليات عناصر أركيولوجية قادمة من الماضي السحيق.
عقليات تعاني من الجمود والتكلس واﻹستقواء واﻹستئساد على الغير.
عقليات تأبى تكنيس أدمغتها مما علق بها من وساخة لتجاوز الغجيعة ، التي ألحقتها بهذا الشعب.
عقليات ﻻ تكترث للاﻻم المكتومة للأمهات، وﻻ ﻵهات الزوجات، وﻻ ﻷنات الثكالى واليتامى واليتيمات؛ بعد أن أفقدت أبناء هذا الشعب، سلطة الخروج من سطوة متاهات اﻹعداد للإنتحار، بعد إحساسهم بالمهانة والمذلة، وإنعدام شروط الحياة والكرامة.
فطوبى لك بفوز من صنع العائلات، والمريدين والمريدات، والمخدوعين والمخدوعات، والمقاطعين والمقاطعات للإنتخابات. وإسعد بحملك على أكتاف مريديك ومطيعيك، في موكب إحتفالي للعري الديمقراطي، تقرع فيه الطبول وتنقر الدفوف وسط أهازيج العشاق وزغاريد العشيقات.
فأنتم في أبراجكم قابعون، وبالكراسي متمسكون، وفي اﻹصلاح فاشلون، ونحن هنا صامدون، وعلى مراقبتكم ومساءلتكم وحتى مقاضاتكم عازمون.
و أنت يا محسن.
نم قرير العين، فأنت شهيد سياسة الحكرة و التفقير، فقد شيعك شعب كبير،و أنت في غنى عن وقفة احتجاج و تعزية من يتعامل مع الشعب بأسلوب التمييز و التحقير.
محمد الحضري