فوز العدالة والتنمية في الانتخابات دور هيلاري كلينتون و المخزن الاقتصادي
بقلم : إبراهيم حريري
بتكليف صاحب الجلالة الملك محمد السادس السيد عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة إثر فوز حزبه بأكثرية المقاعد، تكون الدولة المغربية و صاحب الجلالة تجاوزت التقاطبات الحادة و الخوف من ” المصرنة ” الذي عمل الحزب على بثها طيلة مدة الحملة الانتخابية. ، لكن التخويف من ” المصرنة” في إحالة على الحالة المصرية لا يفسر وحده فوز العدالة و التنمية بالانتخابات.
إن قراءة أسباب فوز حزب المصباح كحدث ” تاريخي”، تبقى حقا مشروعا لكل الفاعلين و المهتمين. و هنا سنعمل على تفصيل الأسباب بين ما هو داخلي و الأسباب الخارجية.
1- الأسباب الداخلية
و تتجلى في شقين، سياسي و اقتصادي.
1) على المستوى السياسي :
لا يجادل أحد في قوة حزب العدالة و التنمية و في تماسك خطابه المبني على نقيضين كبيرين : التخويف بالحالة المصرية من خلال التشكيك في الانتخابات و تهديد وزير العدل بالاستقالة .. و بالمظلومية كسياسة و كمنهاج. كما أن الإحساس بفرط القوة الذي انتاب حزب الأصالة والمعاصرة انقلب ضده. و أخيرا فإن أزمات اليسار فاقمت من هزيمة الأحزاب اليسارية المشاركة في الانتخابات الأخيرة.
2) الأسباب الاقتصادية :
لقد كان لافتا للانتباه أن حزب الأصالة والمعاصرة ربح تأييد كلا من عائلة الشعبي، فترشح بألوانه كل من أسماء و فوزي الشعبي، كما كان مساندا من طرف عثمان بن جلون صاحب البنك المغربي للتجارة الخارجية، و هذان الإسمان هما من أكبر الثروات الوطنية.
هذا التأييد من طرف آل الشعبي و بنجلون يجد تفسيره ليس فيما قاله فوزي الشعبي بأن حكومة بن كيران الأولى قد أربكت عالم المال والأعمال، فابن كيران ليس في مقدوره و لا في منظوره السياسي و الاقتصادي خنق العائلات الاقتصادية الكبرى.
فمن كان يقصد إذن فوزي الشعبي بكلامه، ومن ورائه كل عائلة الراحل ميلود و أيضا بن جلون؟
منذ مجيء حكومة بن كيران ما بعد احتجاجات حركة 20 فبراير، اتجه النظام المالي المغربي نحو مزيد من التركيز في يد ما صار يصطلح عليه ب”المخزن الاقتصادي”، أي وبالوضوح التام مجموعة “أونا” الخاصة بمعية مجموعة “سي دي جي” التابعة نظريا للدولة. لدرجة جاء تنبيه من الاتحاد الأوروبي بضرورة تخلي “أونا” عن صناعة المواد الأساسية.
ويلاحظ المتتبعون للشأن الاقتصادي أن مجموع طلبات العروض المقدمة من طرف الوزارات أو الشركات العمومية و الشبه العمومية حتى ذات التسيير الخاص، قد استحوذت عليها شركات جديدة رأسمالها مشترك بين المجموعتين “أونا” و” سي دي جي” بواقع يناهز 50 في المائة.
كما أن عين المخزن الاقتصادي تحوم حول ثروة آل الشعبي في تكرار لعملية مماثلة كانت للاستحواذ على ثروة مولاي علي الكتاني بعد وفاته. نفس السيناريو يحاك ضد عثمان بنجلون حتى قبل رحيله.
وفي هذا الإطار يستعمل حزب العدالة والتنمية للتمويه على جريمة قتل الاقتصاد الوطني من طرف مدراء جشعين، يقدمون خدمات لا تطلب منهم لصالح المخزن الاقتصادي.
و لا يفوتنا هنا الوقوف عند الإشارات التي أرسلتها الباطرونا لصالح حكومة بن كيران الأولى، و هي الباطرونا المكونة أساسا من نساء ورجال أعمال صوريين.
2- الأسباب الخارجية أو الدولية :
على الصعيد الدولي ، لن نجد أوضح من تصريح هيلاري كلينتون بأنها تحبذ فوز حزب العدالة و التنمية المغربي في الانتخابات.
وهيلاري كلينتون هي المرشحة الأقوى للفوز برئاسيات الولايات المتحدة ، وبالتالي فهي لا تعلن عن نية أو أمنية بل تتحدث عن هدف. هدف لا يخص المغرب فقط، بل يهم المنطقة بأسرها أي شمال إفريقيا والشرق الأوسط ككل.
وفي هذا الإطار نفهم تخبط السياسات الإقليمية لمجموعة من الدول في المنطقة، كما نفهم تشديد الخناق على السيسي والخرجات الإعلامية للبردعي، و العودة للحديث عن السيد مرسي في الجرائد الأوروبية ، بله الحديث عن الموجة الثانية لثورات الربيع العربي. كما أصاب التخبط ذاته السياسة التركية المتخبطة ما بين المصالحة مع مصر وتهديدها للسيسي من مغبة إعدام مرسي.
عدوى التخبط والتذبذب أصاب العربية السعودية فرفعت الفيتو القديم على إعادة فوز العدالة والتنمية المغربي، حيث كانت تشير خلسة إلى ضرورة قطع الطريق على المصباح المغربي باعتباره فرعا من فروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الموسوم سعوديا بالإرهاب.
على سبيل الختم :
ماذا لو فاز رونالد ترامب بالرئاسيات ؟
على الرغم من عدائه للمسلمين و للأجانب بشكل عام، فإن ملكيات الشرق الأوسط ومصر السيسي تفضل فوز ترامب. ذلك أن كلينتون هي مهندسة وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة، ومن ورائها المخابرات الأمريكية التي تراهن على التنظيم العالمي ، من أجل احتواء روسيا وإيران، ولتحقيق انتصار طال أمده في سوريا.
فوز ترامب يعني في المقابل انكماش أمريكا على ذاتها مع المراهنة على الديكتاتوريات من أجل لجم الجماعات الإرهابية، أو التي تؤمن بالعنف. وفي هذه الحالة، ستصبح حكومة بن كيران الثانية عبئا على النظام كما كانت منذ إعلان السعودية تنظيم الإخوان تنظيما إرهابيا، وساعدت السيسي على جني ثمار الثورة الثانية والوصول للسلطة.