زنقة 20. الرباط
قالت نقابة القضاء إن السلطة القضائية بفرنسا “تعاني، قانونا بعد قانون، من إرساء نظام شرطة ينتهك حقوق المواطنين وحرياتهم، ويحرمهم من الوصول إلى العدالة، ويمنع المراقبة القضائية الحقيقية للشرطة باسم الأمن”.
وأكدت النقابة في بيان أنه “ليس للعدالة إخماد ثورة”، معلقة على العنف الحضري الذي هز فرنسا، منذ الثلاثاء الماضي، بعد مقتل شاب برصاص الشرطة في نانتير.
وتساءلت الهيئة قائلة: “أمس كان القضاء يتهم بالتراخي، والترويض العقائدي، والتسييس، وكل الشرور، فهل ستعلق عليه اليوم فضيلة التهدئة ؟”، مبرزة أن الحكومة، ورئيس الدولة، وبعض نقابات الشرطة وجميع المنتقدين المعتادين لاستقلال القضاء يخدمون هدفا واحدا فقط: ألا وهو عدم مواجهة السؤال المنهجي الذي تثيره مرة أخرى وفاة مراهق من حي شعبي تحت رصاص الشرطة.
وتابع البيان: كيف لا نحلل هذا الإذعان المفاجئ للعدالة باعتباره استغلالا ومراوغة مؤسفة ؟، إذ بخلاف مسألة المعالجة القضائية للقضية، فإن السؤال الذي يطرحه مقتل مراهق على يد ضابط شرطة بعد رفض الامتثال هو “سياسي بحت”.
واعتبرت النقابة أنه إذا كان يجب على المؤسسة القضائية، من بين أمور أخرى، أن تنمي استقلاليتها كل يوم، بما في ذلك تجاه الشرطة وعدم السماح لنفسها بالانجرار نحو تجريم الضحايا تبعا لخطاب وسائل إعلام معينة، فإنها “لا يمكن أن تفعل شيئا، أو تفعل القليل جدا، ضد خطاب سياسي مسيئ ينفي وجود عنف للشرطة أو ممارسات تمييزية من قبلها”.
وهكذا، تطالب النقابة بإلغاء الفقرة 4 من المادة L.435-1 من قانون الأمن الداخلي، والتي تسمح باستخدام السلاح في حال رفض الامتثال، مشيرة إلى أن التزايد المرعب للوفيات والإصابات بنيران الشرطة خلال عمليات التفتيش المروري يقدم “أدلة مأساوية على تزايد انعدام الأمن للمواطنين في علاقاتهم مع الشرطة”.
وفي هذا السياق، تساءلت كيف يمكن للقاضي أو المدعي العام أو قاضي التحقيق الذي يعمل بشكل يومي مع ضباط الشرطة في سلطته القضائية، أن يظل محايدا عندما يتعين عليه التحقيق مع أحدهم ؟، داعية إلى إنشاء دائرة تحقيق مستقلة وإجراء إصلاحات عميقة في ممارسات الشرطة والقضاء، “السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المواطنين في الشرطة والعدالة الخاصة بهم”.
وكانت الأمم المتحدة قد طلبت، الجمعة، من فرنسا أن تتصدى بجدية لمشاكل العنصرية والتمييز العنصري داخل قوات الشرطة لديها، بعد ثلاثة أيام من وفاة الشاب نائل.
وقالت المتحدثة باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه “حان الوقت الآن للبلاد للتعامل بجدية مع قضايا العنصرية والتمييز العنصري العميقة بين سلطات إنفاذ القانون”.
وفي اليوم نفسه، ندد الاتحاد الدولي النقابي بفرنسا بـ “وحشية الشرطة” و”الاعتقالات العشوائية” خلال المظاهرات ضد إصلاح نظام التقاعد الذي كان سيئا للغاية.
وقال في الإصدار الأخير من مؤشر الحقوق في العالم، إن المظاهرات ضد رفع سن التقاعد إلى 64 “أسفرت عن وحشية الشرطة والاعتقالات العشوائية والهجمات بالغاز المسيل للدموع”.
وفي ماي الماضي، كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد ساءل فرنسا بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، مشيرا بشكل خاص إلى الهجمات على المهاجرين، والتنميط العنصري، وعنف الشرطة، والاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات أثناء المظاهرات.
وقبل أيام قليلة، نددت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بـ “المنعطف السلطوي” في فرنسا و”ازدراء” الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، الوضع الذي يمتد الآن ليشمل الحقوق الأساسية.