زنقة 20 | الرباط
قال محمد عبد النباوي الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن قضاة المملكة يواصلون خلال السنة المنصرمة (2022) وفاءهم بالتزاماتهم الدستورية، وبذلوا جهوداً جبارة للبت في قضايا المواطنين وغيرهم من المتقاضين، بمزيد من الحرص.
و أضاف عبد النباوي ، في كلمته بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة (2023) ، أن قضاة محاكم الموضوع تمكنوا من البت في 4.356.970 قضية، أي بزيادة تقدر بـ 498.924 حكماً زائداً عن الأحكام الصادرة سنة 2021. وهو ما يمثل نسبة زيادة في الأحكام قدرها 13%. وقد بلغت نسْبة الأحكام الصادرة من مجموع القضايا المسجلة خلال السنة 99,54 %.
و ذكر أن ازدياد المسجل بها من 3.857.389 قضية سنة 2021 إلى 4.377.033 بنسبة 13,47 % في سنة 2022، قد أدى إلى زيادة المخلف بحوالي 20.063 قضية عن سنة 2021، أي بزيادة بلغت نسبتها 2,8 %.
و أشار إلى أن مجموع القضايا التي راجت أمام محاكم الموضوع خلال سنة 2022 قد ناهز 5.094.712 قضية. وهو ما يفيد أن نسبة الارتفاع عن السنة الأسبق قد بلغت 483.476 قضية، أي بنسبة 10,48 % .
و أوضح أن المحاكم قد حققت هذا الإنجاز رغم بعض الصعوبات التي تعترضها، ولاسيما في مجال تبليغ الاستدعاءات وتجهيز الملفات. والتي أضيف إليها خلال هذه السنة بعض الارتباك الذي شهدته جلسات المحاكم بسبب المقاطعة التي أعلنت عنها بعض هيئات الدفاع خلال شهر نونبر الماضي، والتي أدت إلى تأخير أكثر من 41.000 قضية لكفالة توفر حق الدفاع، فضلاً عن تعثر الإجراءات القضائية الأخرى.
وشدد على أن القضاة قد بذلوا كل هذه الجهود للبت في القضايا في آجال معقولة، فإن ذلك لم يحل دون اهتمامهم بجودة أحكامهم وقراراتهم، التي تتحسن باستمرار بفضل وعي القضاة بواجباتهم وتحملهم لمسؤولية العناية بدراسة القضايا المعروضة عليهم، تنفيذاً لاستراتيجية المجلس في هذا الباب. غير أن الواقع لا يرتفع، لأن ارتفاع وثيرة القضايا بهذا الحجم يتجاوز قدرات القضاة، ولذلك فإن الموضوع يتطلب إيجاد الحلول المناسبة.
و قال عبد النباوي، أنه إذا كان مطلب الزيادة في عدد القضاة مطلب آني وأكيد، تقتضيه الإحصائيات المشار إليها، ولاسيما حصة كل قاض من القضاة المكلفين بإصدار الأحكام والتي ناهزت 1700 قضية لكل قاض، أي بمعدل حوالي 7 أحكام في كل يوم عمل (250 يوم) ، فإن ظروفاً أخرى تجعل هذا المطلب أكثر إلحاحاً، وفي مقدمتها اعتزام افتتاح 14 محكمة جديدة، بعضها أصبح جاهزاً . بالإضافة إلى الحاجة إلى تفعيل حوالي 23 مركزاً للقاضي المقيم من بينها 15 مركزاً قضائيا تَمّ إحداثها مؤخراً.
وشدد عبد النباوي أيضا على ضرورة تعويض القضاة الذين يحذفون من الأسلاك بسبب انتهاء مدة خدمتهم أو لأسباب أخرى (أكثر من 100 قاض كل سنة). فضلاً عن تدارك الخصاص الذي تعاني منه المحاكم حالياً، ومواكبة ارتفاع عدد القضايا الرائجة بالمحاكم، الذي يوازي زيادة حوالي 10 % كل سنة.
واشار الى ان المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتنسيق جيد مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل والمعهد العالي للقضاء يسعى حالياً إلى تدارك النقص في عدد القضاة حيث ينتظر أن تتخرج من المعهد خلال السنوات الثلاث المقبلة ثلاثة أفواج من الملحقين القضائيين.
و أوضح أن الوضع الراهن الذي ينتظر أن يستمر خلال سنتي 2023 و2024 والذي يتسم بارتفاع عدد النزاعات المعروضة على المحاكم والنقص العددي للقضاة، لا يخدم فعالية العدالة، التي تتطلب إصدار أحكام عادلة وفي أجل معقول.
وهما مهمتان يقول عبد النباوي تصبِحان من الصعوبة بمكان إذا لم يكن عدد الأطر القضائية متلائما مع عدد الملفات المعروضة على القضاء.
واعتبر المسؤول القضائي ، أن تحقيق تلك الغايات يقتضي توفير الوقت اللازم لدراسة كل قضية، لتحظى بالعناية الكاملة وتنال نصيبها من الأهمية في البحث والدرس. في حين أن جودة الأحكام تتأثر بكثرة عدد القضايا وبالضغط الكمي للملفات.
ولاحظ عبد النباوي، أن محاكم المملكة تعج بقضايا كان يمكن الفصل فيها خارج النظام القضائي عن طريق الوسائل البديلة، ولاسيما القضايا غير النزاعية مثل إثبات الحال أو توجيه الإنذار والمعاينات وما في حكم ذلك.
و ذكر أن بعض النزاعات البسيطة، يمكن حلّها خارج المحاكم، سواء في المادة الزجرية أو المدنية عن طريق وضع آليات تحكيمية وعدالة تصالحية محفزة للأطراف.
وعبر عبد النباوي ، عن امله في الإسراع بإقرار المقتضيات القانونية المتعلقة بهذه المواضيع وبمواضيع أخرى كبدائل الاعتقال الاحتياطي وبدائل العقوبات السالبة للحرية، التي تنظمها مشاريع بعض القوانين كقانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والقانون الجنائي. وهي مشاريع مدرجة ضمن ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
و قال عبد النباوي ، أن اكتظاظ المحاكم بالقضايا لا يقتصر على محاكم الموضوع، ذلك أن محكمة النقض تعاني كذلك، منه بشدة. وأن وضعيتها أصبحت خانقة، ولا تساير المصالح التي يستهدفها قضاء النقض، المتمثلة في توحيد الاجتهاد وتأطير العمل القضائي بالمحاكم بما يحقق الأمن القضائي.