الأكاديمي الإسباني بيرنابي غارسيا في حوار مع Rue20 : البوليساريو دمية في يد الجزائر وسبتة ومليلية ستحل في إطار قضية جبل طارق
زنقة 20. المحمدية – حاوره توفيق سليماني للنسخة الإسبانية
يعرف بشكل كبير المغرب وبمحيطه الأكاديمي والثقافي. معجب كثيرا بمدينة طنجة وساكنتها. نتحدث عن بيرنابي لوبيز غارسيا، أستاذ بجامعة مدريد المستقلة، تخصص تاريخ الإسلام المعاصر. حاصل على دكتوراه من جامعة غرناطة عام 1973. درس أيضا في جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس (المغرب) في 1974-1976 و 1980-1983 و 1986-88.
نشر العديد من المؤلفات عن المغرب والعالم العربي. كما نشر مقالات عن المغرب في جريدة “الباييس” ودراسات في معهد إلكانو الملكي للدراسات الدولية والاستراتيجية. في هذه المقابلة التي أجرتها معه صحيفة Rue20 Español المغربية ، يتحدث عن الإنجاز التاريخي للمغرب في مونديال قطر 2022، ويحلل الصراع حول الصحراء المغربية ومواقف المغرب والجزائر. بالإضافة إلى تحليل الوضع الحالي للعلاقات الإسبانية المغربية.
1- أنت تعرف بشكل كبير المغرب والشعب المغربي. إن إنجاز المنتخب المغربي في مونديال قطر على لسان الجميع. الكل يتحدث عن المغرب. هل توقعت أن ينتصر المغرب على إسبانيا ويتأهل إلى نصف النهائي بعد فوزه على البرتغال؟
كنت أحلم بأن يتأهل المغرب للنهائي وأن يفوز أيضا على الأرجنتين. لكني كنت أخشى أن يسبب هذا النجاح شيئا من الغطرسة وأن يستخدم لجعل الناس ينسون كل ما لا يزال يتعين على المغرب القيام به ليواصل بناء دولة الحق والقانون، الشيء الذي يتمناه الكثيرون، بمن فيهم أنا.
2- هل يمكن لهذا النجاح الرياضي أن يعزز ويحسن صورة المغرب على المستوى الدولي والأوروبي؟ هل يمكنه أيضًا محاربة الأحكام الجاهزة والصور النمطية في كل من إسبانيا وأوروبا حول المغرب؟
ساهم هذا النجاح الرياضي في أن يظهر للعالم بأن المغرب قادر على منافسة الكبار في المجال الرياضي. كما ساعد هذا النجاح أيضا في القضاء على الأحكام الجاهزة، وتحديداً في بلدي إسبانيا وفي الدول الأوروبية التي يتواجد فيها المهاجرون المغاربة. لكن هذه الإنجازات، كما قلت، لا ينبغي إخراجها من سياقها ويجب أن تجبرنا على تذكر ما لا يزال عالقا.
3- هل تعتقد أن النجاح الكروي والإدارة الرياضية الجيدة سينعكس على قطاعات أخرى؟
نتمنى ذلك. لا أريد أن يكون النجاح الرياضي بمثابة ستار يجعلنا ننسى التطور غير المتكافئ في البلاد، والبؤس الذي لا يزال موجودًا في بعض المناطق من المغرب، وضرورة توسيع هامش حرية التعبير، كما لا ينبغي أن ينسينا أيضًا بأنه لم تحل دوليا بعد المشكلة الوطنية الأولى، أي قضية الأقاليم الجنوبية.
4- هل سيساهم هذا المجد الكروي في تسريع وثيرة التنمية في المملكة؟
قد يساعد على ذلك. لكن كما قلت، لا ينبغي أن يكون بمثابة ستار.
5- في كتابك الجديد “الصحراء والديمقراطية والمغرب” تتحدث عن طريق ثالث لحل نزاع الصحراء. لقد قدم المغرب حلا مدعوما من طرف المجتمع الدولي. في المقابل، تواصل البوليساريو التشبث بخطابها القديم. ألا تعتقد أن الجزائر وجبهة البوليساريو تتحركان ضد التيار أمام نزاع يتطلب حلاً اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
أتمنى لو كان الحل الذي قدمه المغرب (مبادرة 2007) يحظى بدعم كامل للمجتمع الدولي. سيحدث ذلك فقط عندما تقول الأمم المتحدة أن الملف قد تم طيه. نعم، إن جبهة البوليساريو تواصل خطابها القديم وهناك إمكانية أن تستمر في مؤتمرها القادم على هذا المنوال. لكن المغرب من جانبه كان عليه أن يتخذ خطوات لجعل مقترحه الذي قدمه سنة 2007 ذا مصداقية أكثر، وأن يظهر استعداده للتفاوض لإيجاد مخرج. لكي يكون الحكم الذاتي ذا مصداقية، يتطلب مستويات من الديمقراطية. ومن هنا جاء عنوان كتابي. الحل الوحيد هو الحوار كما تطالب به جميع قرارات مجلس الأمن.
6- الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وفرنسا والعديد من الدول الأخرى تدعم مغربية الصحراء. وهذا يعطي الانطباع بأن البوليساريو في تراجع وأن المغرب في وضع قوي وبأفكار واضحة.
لقد اعترفت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب بمغربية الصحراء – وحافظ الرئيس بايدن على هذا الاعتراف – لكن ألمانيا اعترفت فقط بأن المبادرة المغربية لعام 2007 هي “مساهمة مهمة” في التوصل إلى حل، وأن إسبانيا تعتبر مبادرة المغرب بمثابة “القاعدة الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”. أما فرنسا دعمت دائما المغرب لكنها دائمًا تترك هذا الدعم غامضًا. وبالتالي، نحن في منتصف الطريق للوصول إلى ما تطالب به قرارات الأمم المتحدة لإيجاد حل نهائي. وجبهة البوليساريو لا تزال في أيدي الجزائر. في يوم من الأيام يجب أن تتوقف عن أن تكون دمية في أيديهم.
7- إسبانيا، القوة الاستعمارية سابقاً، تؤكد سيادة المغرب على الصحراء. إشارة جيدة لدول أخرى. ليس هناك أعمى أسوأ من الذي لا يريد أن يرى انتصارات المغرب على مستوى السياسة الخارجية. ماذا تبقى لجبهة البوليساريو؟
إن الموقف الذي تضمنته الرسالة الموجهة من الرئيس سانشيز إلى صاحب الجلالة محمد السادس لا يؤكد سيادة المغرب على الصحراء. إنها تدعم مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007 باعتبارها أفضل طريقة للخروج من الصراع. يتعين على البوليساريو الجلوس للتفاوض من أجل التوصل إلى حل، كما طلبت منه قرارات الأمم المتحدة. دون الدعوة إلى استفتاء الذي أصبح مجرد خطاب قديم يتكرر.
8- كانت الأزمة الإسبانية المغربية فرصة لتحقيق المصالحة بأفضل طريقة. هل انتهت الأزمات الدورية أم لا يزال يتعين علينا توسيع وتعزيز ما يسمى بـ “شبكة المصالح”؟
لوضع حد للأزمات الدورية، يتطلب وجود حوار دائم وواضح، كما جاء في الإعلان الإسباني المغربي المشترك لعام 2022، وبدون طابوهات، والبحث عن اتفاقات حول القضايا التي لا تزال فيها الخلافات قائمة.
9- هل تتوقع عقد القمة الإسبانية المغربية نهاية يناير الجاري وبداية فبراير كما قال وزيرا خارجية المملكتين، أم يمكن أن تكون هناك تغييرات بسبب الأجندة السياسية شديدة الاستقطاب في إسبانيا؟ إذا تم عقدها، فما هي المستجدات التي ستحققها لكل من الإسبان والمغاربة؟
جاء في الإعلان المشترك أنه ستكون هناك قمة إسبانية مغربية قبل نهاية عام 2022. لكن في الأخير لم تنعقد. وقد أثار ذلك الكثير من الشكوك حول كل ما نص عليه الإعلان. من الضروري أن تنعقد هذه القمة وأن توضح أن هناك نتائج للطرفين. في إسبانيا، يشعر الرأي العام أنه مع الضغط الذي يمارس على إسبانيا، فإنهم يحصلون على ما يريدون ولكن دون تقديم أي شيء في المقابل.
10- هل يمكن أن يكون هناك حل لقضية سبتة ومليلية على المدى القصير أو المتوسط؟ ينبغي أن يكون هناك حوار وتفاوض بين البلدين لكي لا يضيع المزيد من الوقت ولتجنب الأزمات الدورية،…
في 20 أبريل 1963، أخبر الملك الحسن الثاني السفير الإسباني بالرباط، الذي كان جد الرئيس الأسبق أزنار، أن “مشكلة سبتة ومليلية، كما أراها، كما يراها ملك المغرب، لا يمكننا حلها لا أنت ولا أنا؛ ولا جيلك ولا جيلي. لكنني أعتقد أيضًا أنه يجب علينا إدراجها كمشكلة عامة للبحر الأبيض المتوسط، والتي تشمل جبل طارق”. لذلك، أنا مع فكرة تحويل قضية سبتة ومليلية لكي تسير على منوال قضية جبل طارق. وأؤمن أيضا بأهمية الاتفاقيات بين البلدين التي تساعد هاتين المدينتين على تحقيق الرفاهية لسكان المنطقتين. إن افتتاح مكتب جمركي في سبتة، ووضع حد للتجارة غير المشروعة والتهريب واستغلال النساء الحمَّالات، سيكون بمثابة خطوة مهمة نحو استقرار العلاقات.
11- في إسبانيا يتحدثون عن “صديقنا الأمريكي” وفي المغرب يتحدثون على “حليفنا الأمريكي”. كيف تحلل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المملكتين (المغربية والإسبانية)؟
كانت دائما تهيمن عليها البراغماتية والواقعية السياسية. كان منذ عام 1975، أثناء المسيرة الخضراء. ونفسها الآن، بعد زيارة بلينكين إلى مدريد والرباط والجزائر في مارس 2022.
12- تبتعد المغرب عن فرنسا عندما تقترب من إسبانيا. هل هذا صحيح؟ وكيف ترى الأزمة الصامتة بين باريس والرباط على الرغم من الإشارات الإيجابية خلال الأيام الأخيرة؟
أعتقد أنه ينبغي الخروج من تلك الديناميكية الثلاثية. صحيح أن أن تنافس المصالح الاقتصادية، المرتبط بالمنطق الرأسمالي وبالتبعية ما بعد الاستعمارية، يسبب هذه الديناميكية. لكن الأزمة بين باريس والرباط، وكذلك أزمة مدريد مع الرباط ، لها خصائصها، مستقلة عن بعضها البعض.
13- تقول إن الأزمة الإسبانية-الجزائرية الحالية ظرفية وليست هيكلية. هل المصالحة بين إسبانيا والجزائر لها ارتباط بتطور قضية نزاع الصحراء أم أنها ترتبط بعناصر أخرى؟
إن المصالحة الإسبانية الجزائرية تتعلق بالمصالحة الجزائرية المغربية الضرورية والملحة. بالطبع نزاع الصحراء وراء ذلك. كما قال أحدهم إن هذا الصراع هو مسمار جحا دقه بومدين في نعل المغرب للسيطرة عليه.
14- هل ترى أن المرحلة الإسبانية-المغربية الجديدة ستساعد على تعزيز وترسيخ وجود اللغة الإسبانية في المغرب؟
إن التحسن في العلاقات الثنائية يكون له دائمًا آثار جيدة على اللغة الأسبانية، والتي أعتقد أنها تمر بلحظة جيدة.
15- لقد درست في المغرب منذ أربعة عقود. لماذا فقدت اللغة الإسبانية وزنها في المغرب وكيف يمكن استعادة بريقها وتوهجها مجددا؟
فقدت اللغة الإسبانية وزنها في المغرب لأن الرباط كانت ترى أنه أصبح من الضروري توحيد البلاد لغوياً لمنحه التماسك. من جانبها، لم تكن السلطات الإسبانية في ذلك الوقت تعرف كيفية تطوير سياسة ثقافية من شأنها الحفاظ على اللغة الإسبانية في شمال البلاد. لم يساهموا في تطوير المنطقة التي كانت تحت الحماية الإسبانية – كانت إسبانيا في ذلك الوقت غير متطورة للغاية – الشيء الذي كان سيساهم في جعل مما هو إسباني، بما في ذلك اللغة، كقيمة.
16- أنت من عشاق مدينة طنجة. كيف ترى طنجة اليوم مقارنة بالأمس؟
طنجة اليوم هي مدينة ذات جاذبية كبيرة بالنسبة لمن يزورها. هناك متاحف متعددة، مدينة منفتحة ورائعة منتزه بحري مضيء ومليء بالناس، هناك عملية ترميم للتراث القديم – بما في ذلك التراث الإسباني-المغربي، مثل مسرح سرفانتس- بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية للمنطقة، مما يجعل منها قطب مهم لتحويلها إلى المدينة العظيمة التي كانت عليها من قبل.
لكن لا ينبغي أن ننسى أنه، كما حدث في فترة طنجة الدولية، خلف تلك الواجهة الجذابة لا تزال هناك حالات من الفقر والمناطق النائية والتفاوتات الكبيرة.