وزيرة إسبانية في حوار شامل مع Rue20: إستعمار سبتة ومليلية أصبح من الماضي والإعتراف بمغربية الصحراء لم يكن خطأً
زنقة 20. الرباط
خصت الوزيرة الإسبانية السابقة، السيدة ماريا أنطونيا تروخيو، جريدة Rue20 بحوار شامل حول مسارها وقضايا سياسية تشغل البلدين المغرب وإسبانيا، فضلاً عن تدبير المغرب لجائحة كورونا ووضع مدينتي سبتة ومليلية والصحراء.
فيمايلي الحوار الكامل :
سؤال :
1- السيدة تروخيو، قضيت أربع سنوات كمستشارة التربية والتعليم بسفارة إسبانيا في المغرب، كيف مرت هذه السنوات؟ تزامنت مهمتك مع جائحة كوفيد-19، هل تعتقدين أن هذه الأزمة الصحية العالمية أوقفت جدول أنشطتك المبرمجة؟
جواب : لقد كانت مرحلة متميزة في المجال التعليمي وفيما يتعلق أيضا بالعلاقات الثنائية. كانت مرحلة مثمرة وأفتخر بها. إن علاقاتي مع المغرب من خلال عملي الشخصي وتجربتي السابقة كوزيرة، بالإضافة إلى زواجي بمواطن مغربي من تطوان -رحمه الله- الذي كان يعد مرجعا في العمل النقابي والسياسي في المغرب (FDT و USFP)، كل هذه الأمور مهدت لي الطريق وفتحت لي كل الأبواب.
أحب المغرب وشعبه، مثلما أحب بلدي إسبانيا، هذا الحب كان بمثابة الأداة الأولى التي اعتمدت عليها من أجل العمل بشكل ناجح.
وينبغي استحضار ذلك كل يوم. كان المغرب مثالا يحتدى به على مستوى العالم في التعامل مع جائحة كوفيد-19. أثناء عملي كمستشارة للتعليم كنت أؤكد على هذا الشيء باستمرار. على سبيل المثال، في الوقت الذي كانت فيه إسبانيا لم تقدم التلقيح بعد للأساتذة داخل التراب الإسباني، كانت المدارس الإسبانية بالمغرب قد استفادت من التطعيم من قبل السلطات التعليمية المغربية وكانت أول المستفيدين.
صحيح أن إيقاع الأنشطة تباطأ بسبب ظروف مختلفة لمدة عامين وتأثرت ثلاث مواسم دراسية، لكن في الواقع تم تحقيق العديد من الإنجازات في أوقات صعبة للغاية تعلمنا منها الكثير.
سؤال :
2 – بصفتك كعضو في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE)، هل تعتبرين القرار الإسباني الجديد بشأن ملف الصحراء كتحول تاريخي في السياسة الخارجية لإسبانيا تجاه المغرب أم أن هذا القرار هو عملية بدأت في عام 2008 مع حكومة خوسيه لويس رودريغيز؟
جواب : إن أرشيفات الصحف مليئة بتصريحات المؤيدين والمعارضين بشأن مخطط الحكم الذاتي المقترح منذ سنة 2007، دون أن يعرفوا محتواه حقًا…
الأساس العلمي أفضل من التصريح السياسي أو التحالفي أو المتحيز، لأنه في النهاية لن يحترم الحقيقة بأكملها بشكل كافٍ ولن يتطابق مع حقيقة الأشياء. لقد نسيت إسبانيا على مدى سنوات عديدة التاريخ والجغرافيا والقرابة التي تربطنا بالمغرب.
انطلاقا من الآن، مع تغيير موقف إسبانيا، نريد حقًا أن نرى أنه يتم العمل من أجل تعزيز العلاقات الثنائية. الأهم هو أن إسبانيا، رغم أن القرار جاء متأخرا، قد اعترفت بجهود وكرم ومسئولية المغرب ودعمت مخطط الحكمالذاتي المقدم عام 2007.
في آخر المطاف، مخطط الحكم الذاتي للصحراء مستوحى من إسبانيا التي تعتمد على هذا النمط من الحكم. لقد أبدت المملكة المغربية، مرة أخرى، جديتها ومصداقيتها من خلال طرح طريق ثالث لإنهاء مرحلة الركود والمضي قدما نحو حل سياسي.
حتى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أشاد في عام 2007 بالجهود الجادة والمصداقية التي يبذلها المغرب لتسوية هذا النزاع. جاء مخطط الحكم الذاتي نتيجة لعملية تشاور واسعة أجريت على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية حيث تمت مناقشة الجوانب المتعلقة بالمنطقة والهيئة الانتخابية واحترام الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، من بين أمور أخرى…
نتيجة الاكتساح الدبلوماسي الذي قام به المغرب، اعترف العديد من المراقبين الموضوعيين والكثير من الدول الإفريقية ودول من قارات أخرى بجهود المغرب، معتبرين مبادرة الحكم الذاتي بمثابة السبيل الوحيد لطي ملف الصحراء.
سوال :
3- هل تعتقدين أن قرار حكومة بيدرو سانشيز سيصب في صالح الحزب الاشتراكي أم العكس، في الانتخابات القادمة؟
جواب :
منذ أشهر ونحن في حملة انتخابية في إسبانيا، حيث ستُجرى الانتخابات البلدية والإقليمية في مايو 2023 وستجرى الانتخابات العامة في نهاية عام2023.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ننظر إلى الحالة الكاتالونية حيث بعد خروج “حزب معا لأجل كتالونيا” (Junts) من حكومة “حزب اليسار الجمهوري لكتالونيا” (ERC)، هناك إمكانية إجراء انتخابات إقليمية مبكرة.
بعبارة أخرى، نجد أنفسنا أمام مشهد شبه انتخابي تستغل فيها الأحزاب كل شيء من أجل البحث عن كسب الأصوات. في هذه الحالة، لا يمكن أن تمر قضية الصحراء مرور الكرام.
يجب التمييز بين الحكومة والحزب الاشتراكي (PSOE). لسوء الحظ، لتكن هناك مواقف واضحة عند كلا الجانبين منذ البداية. يضاف إلى ذلك أنه في إسبانيا لا يتم شرح حقيقة ما يحدث حول قضية الصحراء المغربية، والجميع ينساق خلف الخطابات الإغرائية للجزائر وجبهة البوليساريو.
لا يوجد شعب صحراوي ولا أمة صحراوية ولا هيئة انتخابية في مخيمات تندوف قبل عام 1974، أي قبل المسيرة الخضراء.
الصحراء جد شاسعة، هناك عدة كيلومترات مربعة، وعدة دول، بها قبائل لا تسترشد بالحدود وهناك صحراويون من كل هذه البلدان، بما في ذلك الصحراويين الإسبان، وفي مخيمات تندوف هناك صحراويون من قبائل تنتمي إلى العديد من البلدان. لا ينتمون جميعا إلى الصحراء الإسبانية القديمة. لا ينبغي أن ننخدع أكثر وينبغي أن نعرف التاريخ بشكل أفضل وينبغي أن يُسمح لكل هؤلاء المواطنين المحاصرين بممارسة حقوقهم في إطار مخطط الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية.
صحيح أن اليسار الاشتراكي الإسباني قد تجاهل هذه القضية لعقود، وكان هناك انزعاج كبير لدى اليسار بشكل عام بعد إعلان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز. لكن اليوم يمكننا القول بأن الاعتراف بالصحراء المغربية من قبل إسبانيا ليس خطأ بل هو “نجاح كبير” في العلاقات الدولية لبلدنا، من خلال تبني قرار سياسي يحترم الشرعية الدولية وأنا على قناعة بأن هذا الوضع الجديد سيأخذ بعين الاعتبار من طرف الناخبين الإسبان أثناء دعم الحزب الاشتراكي (PSOE) في الانتخابات المقبلة.
سؤال :
4 – أنت خبيرة في القانون الدستوري وعلى دراية كبيرة بالمخطط المغربي للحكم الذاتي الذي قدمه المغرب أمام منظمة الأمم المتحدة عام 2007. في مداخلتك الأخيرة في تطوان، ذكرت أنه “خارج المجال الأكاديمي المتخصص، هناك جهل كبير ليس فقط عن مغرب اليوم ولكن أيضا عن تاريخه”. ما هو برأيك سبب هذا الجهل الكبير؟
عدم المعرفة هذه سببها الجهل والنسيان والقصد. لقد ذكرت أن هناك العديد من الأشياء المشتركة التي تزيف تاريخ المغرب وحاضره والتي لا تنبني على التحليل الجاد للبيانات. مع مرور الوقت، تم خلق العديد من الأحكام المسبقة التي ترسخت فيما بعد، وكذا العديد من المغالطات الزائفة لدرجة أنه يصعب إزالتها.
خارج المجال الأكاديمي المتخصص – الذي يظهر أيضًا مواقف متعارضة – هناك جهل كبير ليس فقط حول مغرب اليوم بل أيضًا حول تاريخه.
الجانب التاريخي هو الخط التحليلي الذي اعتمد عليه كثيرا العديد من المؤلفين. الكثير منهم، ليس الإسبان فقط بل الأجانب أيضًا، شككوا في كل من الوجود التاريخي للمغرب (كيان سياسي وثقافي واجتماعي) ووحدة المملكة، دون الأخذ في الاعتبار أن العديد من البلدان، التي لا يمكن لأحد أن ينكر اليوم هويتها ووحدتها، لقد عانت من تمزقات مختلفة عبر التاريخ (إسبانيا، وبريطانيا العظمى، وألمانيا، وإيطاليا، على سبيل المثال لا الحصر). ونفس الشيء حدث مع المغرب.
وقد تسبب هذا الجهل والنسيان والقصد فيما يتعلق بالحقائق التاريخية والجغرافية في إنتاج كثير من حالات سوء الفهم في المجتمع الدولي. غالبًا ما يؤدي الميول الغربي لتطبيق معاييره الثقافية أو السياسية أو القانونية على حقائق مختلفة جدًا إلى سوء الفهم هذا. كل هذه المواقف تتوافق مع المصالح الاقتصادية والسياسية والجيواستراتيجية، بالإضافة إلى الجهل والنسيان والقصد.
يعتبر المغرب كدولة ذات سيادة ومستقلة ولها تاريخ طويل يمتد إلى اثني عشر قرنًا. وعلى الرغم من أن الاستعمار احتل عدة مناطق من البلاد، إلا أن هذا لم يؤثر على وحدتها أو هويتها، وحصلت على الاستقلال في جزء من أراضيها في عام 1956 ثم استعادت لاحقًا كل التراب الوطني – التي كانت بعضها تحت الحكم الإسباني (طرفاية عام 1958 ، إفني عام 1969 والصحراء عام 1975) -.
سؤال :
5- ينبغي على البلدين بدء مرحلة جديدة من التعاون، كما دعا إلى ذلك قائدي المملكتين. ما الذي ينبغي فعله لتجنب الأزمات المتكررة ولتعزيز التعاون في خضم منطقة مضطربة؟
يمكن أن يصبح التاريخ والجغرافيا وحتى الأحكام المسبقة (إذا تمت معالجتها بشكل صحيح) قاعدة صلبة لتحسين العلاقات الثنائية وتعزيزها. من خلال التحليل المناسب والجاد يمكن تحويل الخلاف والصراع إلى أساس متين لبناء علاقة جديدة ، تقوم على الصدق والتعاون والحاجة إلى تحويل الاختلافات إلى إطار تفاهم يزيل أو، على الأقل، يبدد سوء الفهم.
بالإضافة إلى الاختلافات، فإن الأمور التي تجمع بين المغرب وإسبانيا أكثر بكثير من الأشياء التي تفرق بينهما. إن النظام السياسي والاجتماعي للمغرب هو الأكثر تقدما في العالم العربي. هذا، بلا شك، نقطة اتصال مهمة يمكن وينبغي استغلالها وتطويرها كعامل حاسم في تعزيز العلاقات الثنائية، من أجل هدف واضح يتجلى في تحويلها إلى شراكة متينة.
يعتبر الاقتصاد والتجارة الثنائية المتبادلة والاستثمار كركيزة أساسية للعلاقة. كلما كانت العلاقة الاقتصادية بين البلدين أكثر مثانة وأهمية، كلما ضعفت إمكانية حدوث أزمات أو حتى التوترات التي كانت للأسف متكررة للغاية في تاريخ علاقاتنا الثنائية.
يتعلق الأمر بالحفاظ وتعميق ما يسمى ب “شبكة المصالح” الذي وضعته الحكومات الديمقراطية في إسبانيا، وخاصة الحكومات الاشتراكية، بعد الحكم الديكتاتوري لفرانكو.
لا يزال هناك مجال كبير لاستعادة وتحسين مستويات الود والثقة التي كانت موجودة بين البلدين في الماضي وتحت حكومات بمختلف ألوانها السياسية، وبشكل أكثر مع الحزب الاشتراكي (PSOE)، كما توضحه التجربة التاريخية.
إن التعاون في مجال الأمن والإرهاب والهجرة غير الشرعية أمر ضروري لتحسين العلاقات بين المغرب من جهة وإسبانيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. نجحت أجهزة المخابرات والسلطات الامنية المغربية في ترسيخ مكانة البلاد كواحدة من أكثر الشركاء فعالية بالنسبة للدول الديمقراطية الأكثر تقدمًا في العالم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والتجارة في البشر.
ينبغي أن يكون هذا الأمر موضوع تعاون ثنائي وثيق بين إسبانيا والمغرب، كما هو الحال اليوم أيضًا، فهذا مجال آخر يساعد على تعزيز العلاقات وتكثيف التعاون، نظرًا لأن هذه القضايا تهم البلدين بشكل كبير.
إن الإسبانية كلغة عالمية – وهي اللغة الثانية لما يقرب من 20٪ من المغاربة – هي بلا شك إحدى الركائز الأساسية التي يجب الاعتماد عليها لإعادة بناء العلاقة…
يجب أن نضيف إلى هذا ما يسمى بـ “القوة الناعمة” الإسبانية، أي الثقافة والطبخ (يفضل المغاربة الطبخ الإسباني بالإضافة إلى الطبخ المغربي) والرياضة والأدب، والسينما، والطبخ و السياحة. هذا ركيزة أساسية لمستقبل علاقاتنا الثنائية.
كان دور اليهود المغاربة (السفارديم) حاسما في التقارب بين إسرائيل والمغرب ويمكن أن يكون حاسما أيضا في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسبانيا. هناك أكثر من مليون من اليهود المغاربة في إسرائيل لديهم حب جد خاص نحو المغرب والكثير منهم يواصلون التحدث بالدارجة. هذه زاوية يجب تحليلها بعمق.
التقارب بين إسرائيل والمغرب لا يشكل تهديدا لأوروبا أو الناتو كما قيل من قبل. كلما توطدت العلاقات مع إسرائيل، كلما قل الخطر على الناتو وأوروبا.
أظهرت إسبانيا باستمرار أنها الشريك الصديق الأكثر نشاطا ووفاءا للمغرب في أوروبا، في الوقت الذي كان فيه بعض أكبر شركاء الاتحاد الأوروبي يقترحون تقليص التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. لم يكن الأمر سهلا. كانت الضغوط مهولة والمغرب لم يعترف بالجهود الكبيرة و “الأقلام” التي سخرتها إسبانيا في هذا المسعى.
هذا هو الوقت الذي يجب أن نبدأ فيه في تحديد أولويات وقطاعات جديدة لبناء علاقة جديدة قائمة على الثقة والشفافية. لقد طور المغرب سياسة خارجية نشطة وديناميكية للغاية في إفريقيا، مع نجاحات ملحوظة مثل إعادة الدخول في الاتحاد الأفريقي أو التقارب مع البلدان التي كانت معادية جدًا للمغرب بالأمس القريب، مثل نيجيريا. يمكن لإسبانيا والمغرب، محاولة تنسيق بعض الجوانب في إفريقيا، حيث ازداد نفوذ المغرب بشكل كبير.
كما ازداد اهتمام وتركيز المغرب على أمريكا اللاتينية بشكل ملحوظ، حيث افتتح سفارات في جميع الدول الأكثر أهمية في المنطقة لدرجة أن لديه واحدة من أهم الشبكات الدبلوماسية في أمريكا اللاتينية من بين جميع أعضاء جامعة الدول العربية.
هنا السياسة الخارجية المغربية تعطي الأولوية المعروفة للصحراء، ويمكن فتح مجموعة من المصالح في البلدان التي تقيم معها إسبانيا علاقات خاصة للغاية.
وفيما يخص الرياضة وخاصة كرة القدم. لا يوجد بلد في العالم عندهم شغف بكرة القدم الإسبانية مثل المغرب. فمباراة الكلاسيكو تقسم المغرب إلى نصفين تقريبًا، والكل يتوقف لمشاهدتها. هذه نقطة ذات أهمية قصوى ويجب استغلالها بشكل أكثر نجاعة. بدأ المغرب في “تصدير” لاعبين من مستوى عال إلى أهم البطولات في أوروبا.
إسبانيا ليست استثناء، فبعض نجوم الأندية الكبرى في الدوري الاسباني من المغرب وهم إسبان في كل شيء ويلعبون في المنتخب المغربي. عندما تلعب الفرق التي تضم نجوما مغاربة (حتى أولئك الذين ولدوا في إسبانيا أو لهم الجنسية الاسبانية) ، يزداد الشغف والحماس. هؤلاء النخبة من الرياضيين هم جسور فعالة للغاية لخلق التفاهم بين البلدين.
سؤال :
6- تم تصنيفك ك “شخص غير مرغوب فيه” من طرف مجلس سبتة ومليلية. تصريحاتك الأخيرة في جامعة تطوان حول المدينتين أغضبت بعض القطاعات الإسبانية.
“هذا هراء، أشياء تتعلق بطبقة سياسية تتنافس من أجل كسب الأصوات، ولا علاقة له بأي حق أساسي… قد وصفوا سابقا مانويل فراغا (Manuel Fraga) في مليلية وسانتياغو أباسكال (Santiago Abascal) ب ‘شخصيات غير مرغوب فيها’. أنا لا أدخل معهم في هذه اللعبة. أحب النقاش العلمي والمنطق وليس السخافة”.
سؤال :
7- هل يصعب التعبير بحرية في بلد ديمقراطي مثل إسبانيا عندما يتعلق الأمر بقضايا بهذا الحجم؟
من الصعب التعبير بحرية، ليس عندما يتعلق الأمر بالقضايا المهمة التي تخص كلا البلدين، مثل قضية الصحراء أو سبتة ومليلية، ولكن عندما يبتعد المرء عن التفكير الرسمي، مثل ما وقع لي شخصيا.
سأكون غير صادقة إذا قلت إنني لم أكن أتوقع ردة فعل كهذه من جانب الصحافة الإسبانية بشأن مواقفي. على الرغم من اعتبارها واحدة من أكثر البلدان الديمقراطية تقدمًا في العالم، لا يوجد في إسبانيا قانون يحمي من الإهانات والافتراءات التي يتعرض إليها أولئك الذين تحملوا مسؤوليات عامة داخل الدولة. لا فرق بين الحياة الخاصة والحياة العامة، وبين الأكاديمية والشارع. لا توجد حرية تعبير في إسبانيا عندما ينفصل الشخص عن الفكر الرسمي الوحيد، كما قلت سابقا.
من الواضح أن حرية التعبير والمعلومات مكفولة في المغرب أكثر بالمقارنة مع إسبانيا. أود أن تحتدي إسبانيا بهذا البلد وألا يتم المزيد من التضليل والتلاعب.
سؤال :
8. هل حان الوقت لفتح ملف سبتة ومليلية بين المغرب وإسبانيا”؟
“لقد حان الوقت. لم يعد ممكنا النظر في اتجاه آخر. لقد طالب المغرب بهذه الأراضي في مناسبات عديدة وحتى يومنا هذا: عبر عن ذلك في مختلف المنتديات الدولية والوطنية، ومن خلال جهات فاعلة متعددة. فمثلا، خلال يوم الخميس 13 أكتوبر وجه المغرب رسالة لمجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة بالاضافة إلى التوضيح اللاحق حول الحدود البرية / نقاط العبور لهذه المدينتين، الشىء الذي أعاد فتح النقاش في إسبانيا. هذا الموضوع لا يزال موجودا فوق الطاولة”.
هذه القضية ليست جديدة، فلا ننخدع. إنه موضوع مستمر. مع بروز القومية المغربية، بدأوا يطالبون بجميع الأراضي التي كانت في حوزة إسبانيا. نستحضر هنا لقاء الملك الحسن الثاني والجنرال فرانكو، في عام 1963، وهذا اللقاء معروف باسم “روح باراخاس”، والذي جمد المطالبة حتى عام 1974، وهو العام الذي جدد فيه الملك الحسن الثاني المطالبة مرة أخرى. لكن أحداث 1975 عجلت الأمور، وبعد سنوات، طلب المغرب إنشاء “خلية تفكير” «célula de reflexión» للتوصل إلى اتفاق مع إسبانيا. ابتداءً من عام 1994، تم الدخول في مرحلة من التعاون، لكن الإشارات إلى تحرير الأراضي التي تحتلها إسبانيا لم تتوقف أبدًا حتى يومنا هذا (من خطاب العرش لعام 2002 إلى عام 2021، عندما أعلن رئيس الحكومة المغربية السابق أن سبتة ومليلية هما مدينتين مغربيتين مثل الصحراء) وأن السبيل الوحيد لإيجاد حل هو اللجوء إلى حوار سياسي.
كما ظهرت في إسبانيا أصوات، ليس بالقليلة، تؤيد إرجاع هذه الأراضي إلى المغرب. من بين هذه الأصوات نذكر سفراء مثل خايمي دي بينييس (Jaime de Piniés) في عام 1975 و ماكسيمو كاجال (Máximo Cajal) آخر مرة كانت في عام 2003.
«لا ينبغي التشكيك في مغربية سبتة ومليلية وذلك من أجل المصلحة الجماعية للشعب الإسباني ولإزالة هذا المزيج من الخوف والشك والاستياء التاريخي نحو المورو (العرب)… لكونه وضعًا استعماريًا يمثل إهانة للمغرب وعنصرًا من عدم الارتياح وضميرًا وطنيًا سيئًا لإسبانيا، وهو ما يتفجر بمجرد ذكر الموضوع “، يقول ماكسيمو كاجال، سفير إسبانيا ومستشار الحزب الاشتراكي الإسباني، في كتابه الموسوم ب “سبتة ومليلية و أولايفينزا وجبل طارق. أين تنتهي إسبانيا؟”.
في عام 1979، أشار المؤرخ تشارلز باول (Charles Powell), في كتابه “ملك الديمقراطية”، إلى تقرير مشفر قيل عنه الكثير ولكن لا شيء محقق في هذا الشأن. حيث هناك مجموعة في الكتاب الإسبان الذين اقترحوا سيادة مشتركة إسبانية-مغربية لمدة 50 عامًا. حتى الحزب الشيوعي الإسباني في عام 1987 وافق على إعادة سبتة ومليلية إلى المغرب لفترة معينة.
تتحدث الخطابات الرسمية عن التعددية الثقافية والتسامح والتفاهم. لكن هناك العديد من المؤلفين الذين يقولون إن كلتا المدينتين تمثل كل ما هو سيء في أوروبا. إنها مدينتين تعرف صراعات ومفارقات كثيرة وتمثل استثناءات كثيرة في مجالات عديدة (اقتصادية، وقانونية، وسياسية، واجتماعية).
في الختام، على الرغم من أنهم يقولون إننا نحن الخبراء في القانون نمتلك القدرة على معرفة كيفية استحضار أطروحات خبراء مشهورين آخرين في المجال لتبرير آرائنا وحججنا – ويمكن نقل هذا إلى أي مجال من مجالات المعرفة – فهذا لا ينطبق علي في هذه الحالة بالضبط، بمعنى أنني لا أقول ما أعتقده بالاعتماد على أقوال الآخرين، وهو موقف لا ينبغي ربطه بكون أنه لدي أصدقاء مغاربة أو أنني أدافع عن مواقف لصالح المغرب، بل أعتبرها مواقف صحيحة ومناسبة. كل ما أريد قوله هو أنني لست أول من يدافع عن هذا الموقف.
أعتقد أن قضية سبتة ومليلية – والصخور والجزر الصغيرة – تمثل إهانة لوحدة أراضي المغرب. إنها بقايا الماضي تتعارض مع الاستقلال الاقتصادي والسياسي للمغرب والعلاقات الطيبة بين البلدين.
الثقل النسبي للحجج التاريخية والقانونية يستسلم أمام تطور الأحداث التي تتطلب جوابا سياسيا وأخلاقيا ومعقولا ومقبولا لكلا البلدين من خلال حوار مفتوح وصادق.
لتفادي الآثار السلبية لحدود غير سليمة، يكون الجواب السياسي هو الحوار وعدم النظر إلى الاتجاه آخر وعدم الصمت. مطالبة المغرب بسبتة ومليلية لها ما يبررها تماما وهي مدرجة في الإيديولوجية الوطنية المغربية وغير قابلة للتصرف.
“إذا أخذنا بعين الاعتبار كل هذه الأمور، وبما أن إسبانيا قد غيرت موقفها التقليدي بشأن الصحراء، فلماذا لا تستطيع تغيير موقفها حول قضية سبتة ومليلية والجزر الصغيرة والصخور؟”.
شكرا على هذا التقرير الصحفي و شكر خاص للسيدة المحترمة ماريا انطونيا تريخيو على هذه المواقف الفكرية و السياسية و الأخلاقية النبيلة إزاء المغرب و العلاقة الإسبانية المغربية التي هي في الحقيقة علاقة إنسانية لها عمق تاريخي لقرون من الزمن لا يمكن لأحد أن ينكره أو يجادل فيه