زنقة 20. الرباط
تحولت شركة ألزا الإسبانية للنقل الحضري إلى غول حقيقي بعد سيطرتها على 6 مدن مغربية استراتيجية (الدار البيضاء /مراكش/الرباط /طنجة/اكادير…) ، منذ عام 1999 عندما فازت بصفقة النقل الحضري بمراكش.
غير ان تقرير المجلس الأعلى للحسابات الخاص بسنتي 2016 و2017 كشف في تقريرين فيهما الكثير من “الخروقات الفظيعة” المتعلقة بهدر المال العام، لكن للأسف لم يتم فتح تحقيق بشأن الخروقات التي وقف عليها قضاة المجلس الأعلى للحسابات.
وبدأت الشركة في التوسع من مراكش إلى مدينة أكادير سنة 2010، ثم مدينة طنجة سنة 2014 وخريبكة في سنة 2015 وإلى الرباط والدار البيضاء في سنة 2019.
في مدينة أكادير التي دخلتها الشركة رسميا سنة 2010، اصدرت المحكمة الإدارية حكما ببطلان العقد الموقع مع شركة أىزا لمخالفته لدفتر التحملات، وهو ما يُخالف القانون رقم 54-05 المتعلق بالصفقات العمومية، والذي ينص على أن أي عقد يجب أن يكون محدودا في الوقت، وخاصة الخدمات المفوضة.
واثارت المحكمة الانتباه إلى أنه لم يتم إشراك الجماعات الترابية صاحبة الاختصاص في إدارة مرفق النقل الحضري، حيث قامت ولاية جهة سوس ماسة بإجراءات الصفقة، وكذا عدم أداء ضمان بنكي قدره 20 مليون درهم، كما هو محدد في دفتر التحملات الخاص بالصفقة، الى جانب فرض شروط تعجيزية على الشركات المغربية التي شاركت في الصفقة.
وبتاريخ 13 أكتوبر من سنة 2009 أيّدت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير، الذي أقر بوجود خرق لمقتضيات قانون الصفقات العمومية المغربي.
وبالرغم من كل ما قضت به المحكمة الإدارية ابتدائيا واستئنافيا، فقد قامت الجماعة الترابية لأكادير بعقد دورة استثنائية للتداول في موضوع النقل الحضري،و تم تعديل دفتر التحملات، وذلك في فبراير من سنة 2010 ليتم بعدها توقيع عقد التفويض بين “مؤسسة التعاون بين الجماعات” التي تشكل أكادير الكبير و”شركة ألزا للنقل الحضري”.
إن التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، والتي تناولت الوضعية المالية للشركة على مستوى مدينة أكادير، وقفت على أن الشركة الإسبانية للنقل الحضري “ألزا” سبق لها وأن تعهدت وفقا للاتفاق الموقع مع “مؤسسة التعاون بين الجماعات” بأن تعمل على تجديد أسطولها مع نهاية شهر سبتمبر سنة 2020، إلا أن ذلك لم يتم بعدما تراجعت الشركة عن تنفيذ هذا التعهد بالرغم من أنها توصلت بدعم وصل إلى 165 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 وسنة 2018.
بينما لم يتجاوز استثمارها في تجديد الأسطول 55 بالمائة أي 254 مليون درهم بدل 456 مليون درهم التي تعهدت بها الشركة خلال العشر سنوات من الاستغلال، وفي مقابل ذلك استمرت شركة “ألزا” بأكادير في الحصول على دعم مالي حدد في 108 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 وسنة 2016 إضافة إلى مبلغ 57 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين 2016 وسنة 2018، حيث أن 68,4 مليون درهم من أصل 108 مليون درهم تم توجيهها لاقتناء 45 حافلة أي ما لا يتجاوز ثلث الأسطول بما يعادل 43 بالمائة من قيمة الاستثمار المنجز على أرض الواقع، فيما تم توجيه مبلغ 40 مليون درهم من أجل التوازنات المالية للشركة .
وكشفت الحصيلة المالية لسنة 2018 أن شركة “ألزا” لم تحول أي مبالغ مالية للسلطة المفوضة إلى حدود أبريل من سنة 2019، وفقا لما ينص عليه البند 11.05 من اتفاقية التدبير المفوض والتي تقضي بأن المُفوّض له مُلزم بأداء إتاوة سنوية لفائدة المفوِّض، مقابل تدبيره لمرفق النقل العمومي بواسطة الحافلات بأكادير الكبير. وتعادل هذه الإتاوة 0,5 بالمائة من رقم المعاملات السنوي، دون أن تقل عن 750.000.00 درهم.
وتظهر المعطيات أن شركة “ألزا” للنقل الحضري ملزمة بأن تدفع لمؤسسة التعاون بين الجماعات بأكادير مبلغ 3.06 مليون درهم في حين أن مبلغ الإتاوات كما حدده العقد أكثر من 6.8 مليون درهم حتى 31 دجنبر 2018.
وبناء على ما جاء به تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد بلغت النفقات الإجمالية لصيانة وإصلاح الحافلات خلال سنة 2015، 32.446.428,74 درهما دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة التي بلغت 5.759.982,92 درهما، وذلك بغض النظر عن مصاريف اليد العاملة التي يتحملها المفوَّض له ليستردها فيما بعد من شركة “IVAM”.
بينما تحول المليارات من الأموال العامة إلى الشركة الأم بإسبانيا عن طريق تضخيم فواتير الصيانة لحافلات أغلبها في وضعية مهترئة، وهو ما يضعها في فوهة الإفتحاص الضريبي حول معاملاتها ومدى أدائها للضرائب بشكل صحيح.
لم تسلم أموال الطلبة والتلاميذ من “نهب” شركة النقل الحضري “ألزا” فبعد أن قلصت الداخلية من الدعم الذي كانت تخصصه لبطائق التنقل الخاصة بالتلاميذ والطلبة، سارعت الشركة إلى التقدم بطلب إلى “مؤسسة التعاون بين الجماعات” بأكادير من أجل الحصول على الدعم التكميلي الذي يغطي الفرق الحاصل جراء سحب وزارة الداخلية لدعمها لهذه البطائق، لتعمل الجماعات الترابية بأكادير الكبير على المصادقة على قرارات تحويل الدعم التكميلي إلى الشركة في دوراتها العادية.
وصلة بذلك، فقد كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن التلاعب الذي قامت به الشركة في العدد المصرح به من البطائق والعدد الحقيقي الذي استفاد منه التلاميذ والطلبة حيث أن المصرح به هو 42 ألف بطاقة في حين أن العدد الفعلي لا يتجاوز 37 ألف بطاقة.
وتبعا لذلك، فقد عمدت شركة النقل “ألزا” إلى محاولة تدارك الملاحظة التي سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبّه إليها، والمتعلقة بغياب آلية لمراقبة مدى التزام الشركة بمقتضيات دفتر التحملات، فقد لجأت مؤسسة التعاون بين الجماعات إلى خلق المصلحة الدائمة للمراقبة تضم أربعة أشخاص تتولى شركة “ألزا” أداء أجورهم مما يتنافى مع مهامهم المتمثلة في تتبع ومراقبة تنفيذ عقد التدبير المفوض ومدى احترام المفوض له لالتزاماته، بسبب غياب الحياد والموضوعية