زنقة 20 . الرباط
استعرض المغرب في كلمة ألقاها أمس الأربعاء 2 مارس 2016، أمام الدورة ال33 لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد بتونس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس، تجربة المغرب في محاربة الارهاب واصلاح الشأن الديني.
واعتبر “الضريس” أن “المملكة المغربية وعيا منها بجدية الخطر الإرهابي، بادرت، منذ الأحداث الإرهابية التي عاشها المغرب في 16 ماي 2003، إلى وضع استراتيجية شمولية ومندمجة تقوم على مبادئ واضحة وتتميز بقدرتها على التكيف مع نوعية وتطور التهديدات الإرهابية”.
واستعرض “الضريس” في سياق ذلك المحاور الأساسية للمقاربة النشيطة والمندمجة التي تبنتها الحكومة المغربية تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس والمتمثلة في بعدها التشريعي من خلال تحيين الترسانة القانونية لجعلها في مستوى مواكبة التحديات الناتجة عن التهديدات الإرهابية والجرائم المستجدة، عن طريق إدخال تعديلات مهمة على القانون الجنائي والمسطرة الجنائية همت تجريم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والإشادة به، والدعاية لقادة التنظيمات الإرهابية، وتجريم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالجماعات الإرهابية”.
أما على المستوى الديني فإن التجربة المغربية اعتمدت في مقاربتها على سياسة متكاملة تجسدت في إصلاح الحقل الديني وجعل شأنه اختصاصا حصريا للملك محمد السادس بوصفه أميراً للمؤمنين، بشكل يسمح لبلادنا بوضع العقيدة بمنأى عن كل مزايدة سياسية.
وأضاف “الضريس” أه “تم إيلاء العنصر البشري العناية اللازمة من خلال تكوين مؤطرين دينيين من علماء وأئمة واعين بمقاصد الدين ومصالح الأمة، بعيدا عن الاستغلال الإيديولوجي الضيق للدين الإسلامي الحنيف”.
وأشار، في هذا الصدد، إلى ما حظيت به التجربة الدينية المغربية من إشعاع دولي جعلها محط اهتمام العديد من الدول الصديقة التي طلبت الاستفادة منها في تكوين الأطر الدينية، مبرزا أن المغرب بادر سنة 2014 إلى إنشاء “معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين و المرشدات” ببعد دولي يروم إقامة شراكات وربط علاقات مع المؤسسات والهيئات الأجنبية ذات الاهتمام المشترك. كما تطرق الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية للمستوى الاجتماعي للمقاربة المغربية والمتمثل علاوة على العديد من المخططات القطاعية الحكومية، في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس، سنة 2005، والتي كانت بمثابة قرار تاريخي يسعى إلى تجديد نمط إدارة الشأن العمومي، واضعا المواطن في صلب الأولويات، من خلال الاهتمام بمحاربة الهشاشة والتهميش والإقصاء الاجتماعي، بغية تحصينه من الأطروحات الهدامة للتيارات المتطرفة.
أما فيما يخص المستوى الأمني، فقد أشار الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية في معرض مداخلته المعززة بالأرقام، إلى أن السلطات الحكومية المغربية وضعت استراتيجية أمنية حرصت من خلالها على تعزيز الأجهزة الأمنية الفاعلة في مجال الجريمة الإرهابية، واعتماد آليات وتقنيات حديثة لمواكبة وتتبع تحركات الخلايا الإرهابية ورصد الوسائل المستعملة لتسويق خطابها المتطرف بغية استقطاب الشباب.
كما أكد أن فعالية الاستراتيجيات الأمنية الرامية إلى مواجهة المخاطر الإرهابية والتيارات المتطرفة تظل رهينة بوجود دولة قوية بمؤسساتها الديمقراطية، وبأجهزتها الأمنية الفاعلة، وبمخططاتها التنموية، وبمكوناتها المجتمعية المنخرطة بكل دينامية في مسلسل البناء، مبرزا في هذا الصدد أنه “إذا توفر كل ذلك، فإن دعاة التطرف لن يجدوا سبيلا لنشر أفكارهم الهدامة وطروحاتهم العدمية”.
وشدد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية في الختام على انخراط المغرب في القيم الإنسانية العالمية للحرية والسلم، وتشبثه بانخراطه التام في المنظومة العربية، وحرصه على أداء دوره في دعمها وتفعيل آلياتها، على غرار حرصه على تطبيق التزاماته الأمنية أمام باقي الهيئات المشكلة للمنتظم الدولي، مؤكدا أيضا انفتاح المغرب، بحكم ما راكمه من تجارب متميزة في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود، على كل المبادرات البناءة الرامية إلى تطوير واستقرار المنطقة العربية في احترام تام لخصوصيات دولها وسيادتها ووحدتها الترابية، واستعداده لتبادل خبراته المكتسبة مع كل المنظمات الدولية والدول الصديقة.
وكان “الشرقي الضريس” قد حل بتونس للمشاركة في أشغال الدورة ال33 لوزراء الداخلية العرب، على رأس وفد يضم، على الخصوص، سيدي إدريس الجوهري، الوالي المدير العام للشؤون الداخلية، وحميد شبار، الوالي مدير التعاون الدولي، ومحمد فرج الدكالي، سفير المملكة المغربية بتونس.