زنقة 20. الرباط
مازال التسويق السياسي، الذي يعتمد على نفس تقنيات التسويق التجاري من أجل الترويج لمرشح أو برنامج انتخابي أو حزب سياسي، قليل الانتشار بالمغرب لأسباب ثقافية ومالية.
فالإشهار والعلاقات العامة والعلاقات مع الصحافة والاتصال الرقمي وغيرها… كلها وسائط يستخدمها التسويق السياسي من أجل تحفيز وإقناع الناخب لاختيار مرشح معين.
وإذا كان اختيار المرشح ووضع البرنامج الانتخابي من اختصاص الحزب السياسي، فإن مهمة الترويج لهما تقع في هذه الحالة على عاتق هيكل الاتصال المهنية.
وهي مهمة تتمثل في اعتبار المحتوى السياسي بمثابة منتوج “للبيع” للمستهلكين المحتملين، وهم الناخبون، وضمن رؤية أوسع، قاعدة الناخبين على الصعيد الوطني.
ويخطو نمط الاتصال هذا، المنتشر على نطاق واسع في الغرب، خطواته الأولى بالمغرب. فقليلة هي الأحزاب السياسية التي تنخرط في هذه الممارسة التي تتطلب موارد مالية مهمة.
وفي هذا الصدد، اعتبر مصطفى بناني، مستشار وخبير في التسويق، أن “التسويق السياسي في المغرب ليس منتشرا على نطاق واسع على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الاتجاه. هناك العديد من المقومات الغائبة التي من شأنها أن تجعل هذه الاستراتيجية حجر الأساس لنجاح حملة انتخابية”.
وأبرز السيد بناني في هذا السياق أنه “بالنسبة للناخبين المستهدفين ، على سبيل المثال، تظل الرسالة دون تغيير على مستوى الشكل وينتهي بنا الأمر إلى اعتماد التواصل نفسه مع جميع فئات السكان المستهدفين، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى سوء تفسير، بل وإلى ازدراء الحزب و/أو من يمثله”.
وأوضح أنه “انطلاقا من هذه الوقائع، يتضح تمام ا أن غياب مهنيي التسويق السياسي يكون في غير صالح الأحزاب المتنافسة والناخبين وبالتالي السكان”.
وتوقف الخبير بهذا الخصوص، عند مزايا التسويق السياسي مقارنة بالأشكال التقليدية للتسويق، مسجلا أنه يسلط الضوء على الرسائل ذات المضامين القوية، ولا يغير هويات والمسار التاريخي للأحزاب السياسية، ويحترم شخصية المرشحين ويقترح برامج انتخابية معقولة تتماشى مع المشاريع الكبرى لتنمية البلاد.
وأضاف أن التسويق السياسي يرتكز على معرفة عميقة بالهيئة الناخبة وتشخيص دقيق لظروف الانتخابات. ويتم إثر ذلك وضع تشخيص سوسيو- سياسي، وهو ما يتيح وضع استراتيجية الحملة.
وأوضح أن هذا التشخيص السوسيو- سياسي يرتكز على أربعة عناصر أساسية لتحديد الاستراتيجية: تحديد موقع المرشح (أو الحزب السياسي) ، وموقع المنافسين، وسلوك الناخبين، وأخيرا معايير الانتخاب، مضيف ا أن هذه الاستراتيجية تتكون من رسالة قوية موجهة إلى السكان المستهدفين، يتم نقلها عبر وسائل الإعلام المختارة.
وبالنسبة للسيد بناني ، فإن التسويق السياسي في المغرب يعد سوقا “واعدة”، لكن “هناك للأسف العديد من الثغرات التي يجب ملؤها من جهة، ومن جهة أخرى بإمكان الجميع أن يجد فيه ضالته، بدء من المواطن العادي وصولا إلى الهياكل العليا، مرورا بمختلف الفاعلين في المشهد السياسي المغربي”.
واقترح بهذا الخصوص “يمكننا وضع نموذج للسوق المغربية وتكييف مختلف استراتيجيات التسويق السياسي مع الاحتياجات المتنوعة لهذه السوق، ومن خلال خلق متغيرات فريدة لا تنطبق إلا على بلدنا”.
واعتبر أن “معدلات المشاركة المتدنية المسجلة خلال الانتخابات السابقة تثبت لنا مدى أهمية وضرورة الاهتمام بالسكان والناخبين في العملية الانتخابية عن طريق استراتيجية تحفيزية وتشاركية للتسويق السياسي”.
وفي ما يتعلق بالعقبات التي قد تعيق تطور هذا المجال بالمغرب، قال السيد بناني إن الأمر يتعلق بالخصوص بعراقيل ذات طابع نفسي وثقافي (بالنظر إلى تركيبة المجتمع والهيئة الناخبة القروية وغير المتعلمة).
ومن شأن تكليف المتخصصين في الاتصال بمهمة الترويج للحزب ومرشحيه وإدارة الحملة الانتخابية المساهمة في تصالح المواطنين المغاربة، وخاصة الشباب، مع العمل السياسي والتأثير على نحو إيجابي على نسبة المشاركة، خاصة في ظل الأزمة الصحية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا.
غير أن تطوير أداة الاتصال هذه يصطدم بعدد من العراقيل، ولا سيما عقلية الفاعلين السياسيين، وكذا تكاليفها الباهظة.