زنقة 20. الرباط
تواصلت لليوم السادس على التوالي موجة الاحتجاجات العنيفة التي تجتاح معظم المدن الأمريكية والتي اندلعت على خلفية مقتل مواطن أمريكي من أصل إفريقي ( جورج فلويد) خلال توقيفه بطريقة عنيفة من قبل الشرطة في مدينة مينيابوليس، الاثنين الماضي.
وعلى غرار الأيام السابقة، خرجت أمس الأحد مظاهرات سلمية في معظمها، تطالب بمحاكمة ضباط الشرطة الأربعة الضالعين في وفاة جورج فلويد.
غير أن هذه الاحتجاجات التي امتدت من بوسطن في الشمال الشرقي إلى سان فرانسيسكو غربا، انزلقت إلى أعمال نهب وتخريب للمحلات التجارية في وضح النهار ، ولا سيما في فيلادلفيا (شرق) وسانتا مونيكا ، كاليفورنيا (غرب).
وفي مدينة مينيابوليس التي كانت مسرحا لحادث وفاة جورج فلوي، حاولت شاحنة صهريج شق طريقها بالقوة وسط آلاف المتظاهرين على جسر وسط المدينة مما استدعى تدخل عدد كبير من عناصر الشرطة.
وقالت الشرطة المحلية في بيان، إنه لم تسجل على الأرجح إصابات في صفوف المتظاهرين، واصفة الحادث بأنه واقعة “مزعجة جدا”.
وفي العاصمة واشنطن ، تجمع مئات من الأشخاص أمام البيت الأبيض ، وألقى بعض المتظاهرين زجاجات المياه باتجاه قوات الأمن.
وخشية تفاقم الوضع ،.أعلنت عمدة واشنطن العاصمة، موريل باوزر، ليلة الأحد، عن فرض حظر للتجوال في عموم المدينة في ظل التوترات المتصاعدة بين المتظاهرين والشرطة .
وكتبت باوزر، في تغريدة بتويتر، أن حظر التجول سيكون ساري المفعول بدءا من الساعة الحادية عشرة من مساء الأحد حتى الساعة السادسة من صباح الإثنين. إلا أن المسؤولين المحليين قرروا في ضوء حالة الاحتقان السائدة ، تمديد حظر التجول لليلة الثانية على التوالي بدءا من الساعة السابعة من مساء اليوم .
وفضلا عن العاصمة الفيدرالية ، فرضت 40 مدينة امريكية على الأقل حظر التجوال وتم نشر عناصر الحرس الوطني في 15 ولاية. وتعد هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها هذا العدد من المسؤولين المحليين في وقت متزامن مثل هذا الإجراء لمواجهة الاحتجاجات المدنية منذ سنة 1968 ، إبان الاحداث التي أعقبت اغتيال القس مارتن لوثر كينغ.
وكانت الاحتجاجات قد أخذت منحى تصعيديا السبت في معظم مناطق البلاد منتهكة قرارات حظر التجوال الليلي وهو ما اضطر قوات الأمن إلى استخدام القوة لتفريق المتظاهرين.
وتحولت الاحتجاجات التي نظمت على نطاق واسع الى اصطدامات في عشرات المدن الأمريكية. وأ ضرمت النيران في سيارات الشرطة والمباني الحكومية ، وتم تحطيم النوافذ ، ون هبت المتاجر ، وتم تخريب المعالم الأثرية ، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لردع المتظاهرين.
وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ما لا يقل عن خمسة أشخاص لقوا مصرعهم في الاحتجاجات والاضطرابات التي تشهدها أغلب المدن الأميركية، مشيرة الى أن أغلب الوفيات سجلت في مدينتي ديترويت وإنديانابوليس. كما أفادت الصحيفة أن قوات الأمن أوقفت حتى الآن أزيد من 4400 متظاهر.
وفي الوقت الذي تحبس فيه البلاد أنفاسها خشية تفاقم الوضع ، وسط دعوات الى التهدئة من قبل العديد من القادة والسياسة المحليين ، اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليسار المتطرف بإثارة أعمال العنف التي شملت النهب وإشعال الحرائق.
وقال ترامب الذي أدان مرات عدة الموت “المفجع” لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل. معتبرا أنه “يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا”. ونسب حالة الإفلات التي تشهدها الاحتجاجات إلى “مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرف” وخصوصا المعادين للفاشية.
من جهته، قال وزير العدل بيل بار في بيان، إن الوزارة ستستخدم شبكتها المكونة من 56 فرقة عمل إقليمية تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي بشأن الإرهاب لتحديد “المنظمين الإجراميين والمحرضين” على العنف أثناء الاحتجاجات.
وفي خضم حالة الاحتقان السائدة على مستوى الشارع، خرجت العديد من الشخصيات الرياضية والمشاهير الأمريكيين عن صمتها للتنديد بالعنف الممارس من قبل الشرطة و بالعنصرية في الولايات المتحدة.
ونشر نجم الدوري الأمريكي للمحترفين مايكل جوردان تغريدة على تويتر قائلا، ” أشعر بحزن عميق وألم حقيقي وغاضب للغاية. أرى و أشعر بألم الجميع وغضبهم وإحباطهم”، مضيفا: ” أقف مع أولئك الذين ينادون بالخروج من العنصرية المتأصلة والعنف تجاه الأشخاص الملونين في بلدنا””.
نفس الموقف عبر عنه النجم السابق للدوري الاميركي للمحترفين كريم عبد الجبار الذي نشر عمودا في لوس انجليس تايمز ،كتب فيه “العنصرية في أمريكا مثل الغبار العالق في الهواء. تبدو غير مرئية – حتى لو اختنقت – لتدع الشمس تشرق”.
وشارك عدد من لاعبي الدوري الامريكي لكرة السلة للمحترفين في الاحتجاجات التي عمت أنحاء البلاد.
وبدورها ، نشرت لاعبة التنس سيرينا ويليامز المتوجة بـ 23 لقبا في بطولة جراند سلام مقطع فيديو مؤثر لفتاة ذات بشرة سمراء تتحدث ضد العنصرية.
وكتب ويليامز “لا أجد الكلمات للتعبير عن الأسى الذي أشعر به (…) لكنها ( الفتاة) وجدتها بدلا عني كما هو الحال بالنسبة لكثيرين غيري”.