زنقة 20. موسكو
أجهض حلم أسود الأطلس بالذهاب أقصى ما يمكن خلال مونديال روسيا بعد خسارة لا تعكس حقيقة ما جرى خلال المباراة ،التي جمعتهم بالمنتخب البرتغالي اليوم الأربعاء على ملعب لوجنيكي بالعاصمة موسكو ، وأبانت النخبة الوطنية بكل موضوعية عن علو كعبها واستحقت الانتصار .
وقد سيطر لاعبو هيرفي رينارد ، الذي قام بإجراء ثلاثة تغييرات على تشكيل المقابلة الاولى ضد إيران بإدراج مانويل دا كوستا وخالد بوطيب ونبيل درار ،على مجريات اللعب منذ البداية وازداد أداؤهم تطورا وتحسنا مع مرور الوقت ،وهو ما نال استحسان الجمهور المغربي العريض الذي حج بكثافة لروسيا لدعم النخبة الوطنية ،وهو ما كان الحال عليه خلال لقاء اليوم ،الذي سجل رقما قياسيا في عدد الحضور وبلغ أزيد من 78 ألف متفرج ا من بينهم حوالي ثلاثة أرباع من المغاربة.
وجاء هدف البرتغال من كرة ثابتة بعد خطأ في تمركز المدافعين المغاربة ما استغله كريستيانو رونالدو لفتح التسجيل عند الدقيقة الرابعة ،وهو مقطع من سيناريو سيئ لم يمهل اللاعبين المغاربة للدخول في أجواء المقابلة والاستئناس بمجرياتها ،وكان مدرب النخبة الوطنية قد حذرا سابقا من ” ترك أي فرصة أمام المهاجمين البرتغاليين “،خاصة أمام هداف البرتغال مهاجم نادي ريال مدريد ،الذي خصه بالذكر .
ولا شك أن عناصر الفريق الوطني ، التي سيطرت كليا على المباراة ، قد ندمت على الفرص الكثيرة التي تم تضييعها و لم تستغل بالشكل المطلوب بسبب غياب مهاجم حقيقي ، “اللاعب الذي يمكن أن يستغل أنصاف الفرص لتسجيل الأهداف ويشكل خطرا في منطقة الجزاء ،إذ أن الأكثر موهبة هم الذين يصنعون الفارق” ، كما اعترف بذلك مدرب أسود الأطلس في حديثه بالخصوص عن كرستيانو رونالدو.
وكانت المجموعة المغربية في مستوى هذه المقابلة خاصة ما يتعلق بالدولي نور الدين أمرابط ،الذي أبان عن استماتة وقتالية كبيرين ك”محارب حقيقي” ، لكن أداء لاعب واحد بشكل جيد ليس كافيا أمام فريق له ثقة تامة في إمكانياته .
ومع ذلك ، تمكنت عناصر المنتخب المغربي من السيطرة على وسط الميدان و خلق فرص حقيقية للتسجيل ،والتي كان الكثير منها أقرب الى تغيير نتيجة المباراة ،منها فرصة العميد بنعطية ،الذي كان على مرمى حجر من تحقيق التعادل (الدقيقة 11) ، ثم زميله حكيم زياش بتسديدة كانت قريبة من هز الشباك وبعدها عميد الفريق مجددا ،الذي كاد أن يحول كرة جانبية من بلهيندة الى شباك الخصم لولا سوء الحظ .
ومع توالي زمن المقابلة رفع أصدقاء بنعطية من وتيرة اللعب في مواجهة عقارب الساعة ،كما رفعوا من مردودية لعبهم من أجل تدارك النتيجة ،وإيجاد الحل للتسجيل على فريق خصم منظم بشكل مثالي، حتى أنهم تمكنوا من إشعال النار في قفص “روي باتريشيو” مرات عديدة و أجبروا دفاع البرتغال على محاولة إطفاء هجوم اللاعبين المغاربة بتشتيت الكرات وإبعادها بأي شكل عن مربع العمليات .
وغالبا ما تولد الطاقة المهدرة لتدارك النتيجة عدم الانتظام التكتيكي، وفي هذا السياق كانت العناصر البرتغالية قريبة من التسجيل بعد أن أتيحت فرصة لغونسالو جويديس بتمريرة من صاحب الكرة الذهبية ، إلا أن حارس عرين الأسود أنقذ مرماه بأطراف أصابعه.
وعرف وسط الميدان صراعا كبيرا بين لاعبي المنتخبين ومع ذلك كانت الغلبة دائما للنخبة الوطنية ،ما صعب على البرتغاليين القيام بتمريرات بينية أو في العمق و الخروج بالكرة من ملعبهم.
و الحقيقة أن لاعبي النخبة الوطنية ،ورغم أنهم تلقوا هزيمة لا يستحقونها ،أبانوا عن علو كعبهم وكفاءة استثنائية ،ومع ذلك لم يكن الجهد الذي بذلوه والأداء المتميز كافيا لتغيير قدر المباراة الذي لم ينصف المغاربة .
ومع اقتراب نهاية المباراة شمر اللاعبون المغاربة مجددا عن سواعدهم ولم يتوقفوا عن تهديد مرمى الخصم بفضل تنسيق جماعي محكم وانسجام ممتاز بين خطوط المنتخب ،وكشروا عن أنيابهم وأبانوا عن شجاعة أمام أحد الفرق المرشحة للفوز بمونديال روسيا ،بل أكثر من ذلك مارسوا الضغط العالي على الفريق الخصم رغم أن الأمر كان بمثابة مغامرة في بعض الأحيان .
وتوالت مع مجريات المقابلة فرص كثيرة مهدرة ،خاصة مع اقتراب نهاية المواجهة ، وبدأت السلسلة مع بلهندة ،الذي سعى الى استعادة التكافؤ ولكن قذيفته لم ترسل الى عنوان مرمى الخصم بالشكل الجيد ولم تجد المسار الصحيح (الدقيقة 57 ) ثم تلاشت حماسة العودة عندما أهدر عميد الفريق الوطني مرتين (60 و 76) ،ونفس الحال بالنسبة لحكيم زياش الذي استهدف المرمى بقذيفتين ،مرت الأولى أعلى من القائم (68) و الثانية عند الدقيقة ال90 ،التي حولها أحد مدافعي البرتغال الى الخارج .