زنقة20 وكالات
هَل يمكن الحديث عن عيد حقيقي في المغرب عندما يتعلق الأمر بعيد الأم؟ هل وصلنا في هذا البلد لمرحلة الاحتفاء، حقيقة وفعلياً، بكامل الابتهاج والفرح بالدور الذي تقوم به المرأة الأم؟ هل نلاحظ في المجتمع مظاهر العيد، كلَّما حلَّ هذا الموعد السنوي العالمي؟ هل نجزي الشكر على جميل ووافر العطاء الذي تقدمه الأم المغربية على مدار السنة، وبدون كَلَلٍ أو شكْوى؟ هل نتوقَّفُ هُنًيْهَة لنتأمَّل معنى الأمومة في عُلُوّ قيمتها الإنسانية المتفردة؟….
الحقيقة المُرَّة تدعونا للجَهر بالنَّفي، فلم نصل بعدُ – للأسف- إلى هذه المرحلة من الرُّقِيّ من خلال الاعتراف للأم المغربية في يومها العالمي، والى الاحتفال بها وتخصيص يومها للعناية والتكريم والتعبير عن الحب.
وفي بعض المؤسسات التعليمية الخاصة – على وجه الخصوص-، يجعلون من هذا اليوم حدثاً، ويحرضون التلاميذ على صنع أشياء يدوية أو حلويات أو رسومات، أو إنشاد أغنيات تعكس مدى حبهم للأم، ويعبرون عن الشكر بطريقة بريئة وخالصة، منبعها الطفولة وسِمَتُها البراءة.
أما الأزواج، هنا في هذا البلد السعيد، فلم يعتادوا بعدُ على هكذا احتفال، لا ورود ولا هدايا ولا مفاجآت سعيدة، إلا إذا استثنيْنا بعض العائلات الميسورة التي لا تفوِّت فرصَها لإقامة سهرات وحفلات بمناسبة أو بأخرى، حتى يستمر حبل الود موصولاً، وحتى يعُمَّ السلام داخل البيت (على سبيل الفكاهة فقط).
الأم المغربية عموماً، امرأة مثابرة، مكافحة، تناضل يومياً من أجل توفير حياة أكثر راحة، نماذج كثيرة يزخر بها المجتمع المغربي.
وتقول السيدة لطيفة التي تشتغل في شركة إنتاج دولية، في المغرب في تصريح خاص لموقع CNN بالعربية: “استيقظُ عند الساعة الخامسة صباحاً، لأركب حافلة الشركة، التي تقل موظفيها لنكون عند الساعة السادسة في العمل، يستمر عملي إلى حدود الساعة الرابعة بعد الظهر، يكون لي خلالها الحق في نصف ساعة من أجل الغذاء، لا أصل البيت إلا على الساعة الخامسة، استقبل طفليَّ العائدين من المدرسة، أقوم بإعداد لهما شيئا لقهر جوعهما، وأراجع معهما دروسهما اليومية، بعدها أعد العشاء، دون أن أنسى أن أعد غذاء الغد، ولا أخلد إلى النوم إلا بعد أن أكون قد نظفت البيت والثياب…إنه طقس روتيني يومي، ولا يمكنني التخلف عنه حتى ليوم واحد، ذلك واجبي وهذا قدري…”
ورداً على سؤال حول عيد الأم، توضح لطيفة: “نحن لا نحتفل إلا بعيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى، عدا ذلك من الأعياد، نعتبره ترفاً لا قدرة لنا عليه…”
هل يجب التفكير في تخصيص يوم عطلة لهذا العيد؟ ربما غفلت بعض الهيئات ومؤسسات المجتمع المدني في الإصرار على هذا المطلب المجتمعي الهادف، فقط لنقول شكراً لمن تتحمل تسعة شهور من الحمل، وبعدها العمر كله من العطاء والسخاء والحرص والعناية وشاسع الدعوات.
وتزخر بعض مواقع التواصل الاجتماعي، برسائل الحب وأغنيات الأمومة، إلا أن ذلك لا ينعكس على الجو العام داخل البيت. ولا نجد في أرشيف الأغنية المغربية، أغنية تتغنى بحنان ودفء الأم، وتقديماتها التي لا تعد ولا تُحصى. ومن أجل ذلك يستعين الشباب المغربي بما تراكم لدى الدول الأخرى من أغنيات لها صلة بالموضوع.
لعلنا، لا يمكن أن نرجو الكثير من مجتمع لا يعترف بأفضال الأم التي هي المنبع الأول لكل شيء، وحتى لا نكون سلبيين، نترك باب الأمل مشرعاً، على غد يأتي، لا نفعل فيه أي شيء، سوى تقبيل اليدين التين عليهما تربينا، ومن ثَمَّ الجلوس عميقا إلى هذا الكائن النادر الذي إذا فقدناه، فقدنا معه معنى الحياة: الأم.