الهيني: ‘إستقلال النيابة العامة إمتحانٌ لـ’النباوي’ لتحويلها لمدرسة للدفاع عن الحقوق والحريات لجميع أطراف الدعوى العمومية ومناهضة الخروقات’

زنقة 20. الرباط

بقلم : محمد الهيني

رئيس (المركز الدولي عدالة للاستشارات القانونية والتحكيم)

استقلال النيابة العامة ؛ماذا بعد ؟

ان تسلم الوكيل العام للملك بمحكمة النقض لرئاسة النيابة العامة يوم السبت 7 اكتوبر 2017 يعتبر يوم تاريخي ليس في تاريخ السلطة القضائية فحسب بل في تاريخ المغرب ككل
انه يوم طال انتظاره لان السلطة القضائية باتت موحدة بعدما كانت سابقا مقسمة بين جناحين النيابة العامة التي كانت تتبع السياسي وزير العدل وبين القضاء الذي كان لا سلطة للوزير عليه على الاقل على مستوى اصدار الاحكام بعد تاسيس هذه السلطة وفقا للدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة .

ان استقلال النيابة العامة يؤسس للوضوح في الاختصاصات والمسؤوليات اي انه ابتداء من اليوم ستتحمل هذه المؤسسة مسؤولياتها ولا سبيل لالقاء اي مسؤولية لا على وزارة العدل ولا على اي جهة اخرى في الدولة ربطا للمسؤولية بالمحاسبة
على النيابة العامة اليوم مسؤولية جسيمة وكبرى ان تؤسس لاستقلالية عملية وليس نظرية فحسب بان تكون نيابة عامة ذات فعالية اكبر ونجاعة شفافة وقريبة من المتقاضين وحامية للحق والقانون وراعية للامن القضائي .

المطلوب اليوم اكثر مما مضى ان تنمحي تلك الاسطورة التي علقت بالنيابة العامة كغراقة لسانها هو لسان الضحايا وليس المتهمين لسان الادانة وليس البراءة لسان رفض الدفوع والطلبات والملتمسات وليس لسان الشرعيةو التعاطي القانوني معها بكل بموضوعية وحرفية قانونية.

حين كنا نناضل من اجل استقلال هذه المؤسسة العتيدة لم يكن ببالنا ابدا ان الاستقلالية تعني احلال قاض محل وزير لاننا لا نؤمن بالشكل بل بالجوهر اي العبرة بجوهر المؤسسة وبموضوع القرارات الصادرة عنها وبعدالتها وحمايتها للحقوق وصونها للحريات

واذا كان الاجماع منعقد حول استحقاق وجدارة الدكتور ذ عبد النباوي بالنظر لكفاءته وما راكمه من تجربة نظرية وعملية بحكم تكوينه المزدوج الاكاديمي والقضائي فان المعول عليه هو تصريف هذه الخبرة لخدمة المؤسسة وتطويرها وعقلنة ادائها وحوكمته بشكل مؤسساتي باتجاه ان تكون مؤسسة حقوقية بامتياز ومدرسة للدفاع عن الحقوق والحريات لجميع اطراف الدعوى العمومية ومناهضة الخروقات والتصدي للاجرام بمختلف انواعه العادي او الاقتصادي والمالي بغرض حماية المصالح العامة للدولة وحقوق وحريات المتقاضين
وتفعيل استقلالية النيابة العامة وضمان حكامة في تسييرها وشفافية اعمالها.

واقترح لتحقيق هذا الهدف يتعين مأسسة رئاسة النيابة العامة باحداث مجلس للوكلاء العامين للملك يضم جميع الوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف ويعمل هذا المجلس تحت اشراف ورئاسة الوكيل العام للملك بمحكمة النقض ويخول له مساعدة رئيس النيابة العامة في تنظيم ووضع مخططات استرتيجية لاعمالها واقتراح المشاريع والمقررات المرتبطة بمهامها كما يحق له البت في التظلمات المرفوعة بشأن عمل النيابات العامة بالمغرب ومراجعتها باعتبار ان المشرع لم ينظم طرق الطعن في اعمالها .

ولا تفوتني الإشارة الى ضرورة منح رئيس النيابة العامة اختصاصات في مجال التعاون الدولي في المجال الجنائي بحكم تخصصه في المجال ومنحه صلاحية توقيع الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد