الأعيان والإنتخابات.. بين السمسرة وإشكالية إنتاج “النخب”
زنقة 20 . الرباط
تختلف نظرة الفاعلين في المشهد السياسي بالمغرب لمسمى “الأعيان”، باختلاف واقع الممارسة والخلفيات النظرية التي تؤطر تأويلاتهم لأدوار هذه الفئة، فعبد العزيز أفتاتي عضو الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، يحذر من سطوتهم على المشهد الانتخابي القادم، بينما يدافع رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الاشتراكي عن حقهم في الممارسة السياسية المؤسساتية، في مقابل يعيد حسن طارق -أكاديمي وعضو الفريق الاشتراكي- صياغة مفهوم الاعيان ويمايز بينه وبين “سماسرة الانتخابات” ويربط ظهور هذه الفئة بما أسماه بإشكالية “التنخيب” لدى الأحزاب السياسية.
وهنا يرى عبد العزيز أفتاتي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، بأن ما نراه من تحركات لهذه الفئة (الأعيان) “لا يوحي بالثقة بأن ما سيجري في الانتخابات الجماعية سيعزز الديموقراطية أكثر”. معتبرا أن “الأحزاب تعيد انتاج البؤس نفسه، وستقدم أسوأ الوجوه لإنقاذ نفسها من الهلاك، وهم يبحثون عن ممولين بنهم منقطع النظير، ولكن لا نتوقع من أشخاص ليس لديهم شهادة الدروس الثانوية، ويتزعمون أحزابا، أن يستقطبوا النوابغ، سيكون كل ما سيفعلونه هو أن يأتوا بمن هو مثلهم أو أقل، وسيفرضونه على الجميع”.
من جهته، اعتبر رشيد روكبان، النائب البرلماني وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وبحسب تحقيق لجريدة “أخبار اليوم” حول “الأعيان بالمغرب” صدر اليوم الاثنين، وفي نظرة مغايرة لموقف أفتاتي، نراه يحبذ تسمية هذه الفئة “بالطاقات والفعاليات الانتخابية” بدل الأعيان، ويعرفهم بأنهم “أشخاص يتمتعون في كثير من المرات، بالمصداقية والمكانة الشعبية ولديهم الكفاءة في التدبير، ومنهم من يتميز بالاستقامة، ولا يحق لنا القول بأنهم كائنات انتخابية، لأنه ثبت أنهم يتبنون مشاريع الأحزاب، ويجدون أنفسهم داخلها”.
مضيفا بأن “القوانين أصبحت تطوع الأعيان أكثر فأكثر، وسيكون مثل هؤلاء مجبرين في الجماعات على عدم مغادرة أحزابهم، وإلا سقطت عضويتهم في المجالس الجماعية بمقتضى القانون”.
وبنظرة أكاديمية أكثر، قال حسن طارق، النائب البرلماني والأستاذ الجامعي، بأن “هؤلاء الأعيان، ليسوا هم المؤثرين في الحقل الانتخابي بالمغرب حاليا، لأن ما نحن بصدده هو ما يمكن تسميته ب “سماسرة الانتخابات” وهناك فرق كبير في الوضع والوظيفة والخلفية الاجتماعية والموقع في التراتبية الاجتماعية بينهم وبين الأعيان في مفهومه السوسيولوجي”.
معتبرا بأن الاعيان كسماسرة للانتخابات، “ظاهرة حضرية أكثر، وأسبابها ترتبط بثابتين كبيرين في المشهد السياسي والحقل الانتخابي المغربي، فمن جانب، هناك العزوف، ومن جانب آخر، هناك اللاتسييس، وهنا يتحول الصراع ليس بين برامج بل بين شبكات محترفة تضم مجموعة من الوسطاء”.
مؤكدا أن المشكلة ترتبط بما أسميته “اشكالية التنخيب” لأن العديد من الأحزاب أصبح لديها “بروفايل واحد للمرشح، وباتت معايير الترشيح نمطية عندها باستثناء حزب العدالة والتنمية وبعض أحزاب اليسار، فالاتجاه العام يسير نحو تنميط المرشح ليصبح هو كل شخص لديه المال الكافي، وعلاقات طبيعية مع السلطة، علاوة على شبكة علاقات فعالة”.