زنقة 20. الرباط
بحلول شتنبر المقبل يكون قد مر عام كامل على خطاب جلالة الملك حول الجدية، والذي كان قد أحدث تفاعلاً كبيراً لدى الرأي العام الوطني والحزبي.
خطاب جلالة الملك بمناسبة عيد العرش العام المنصرم، حمل عدة رسائل واضحة للمسؤولين الحكوميين والمعارضة على حد سواء، كما حمل رسائل مباشرة للمنتخبين والسلطات العمومية والقطاع الخاص، للإنخراط بشكل جدي في بناء مغرب الأوراش الكبرى بعيداً عن المزايدات السياسوية.
ها نحن ندنو من مرور عام كامل على خطاب جلالة الملك، دون أن نشهد ذلك التفاعل المأمول من قبل وزراء بعينهم وقطاعات لازال الخمول والكسل يسيطر عليها كما الفشل في تدبيرها.
بل تبين للرأي العام الوطني أن هناك وزراء يضربون عرض الحائط الخطاب الملكي السامي حول الجدية، بإطلاق صفقات شراء سيارات فارهة لا يملكها حتى رؤساء دول عظمى، وأخر يختبىء خلف الطقس والمناخ ليعلن عن إستيراد مئات الألاف من رؤوس الأغنام بدل الكشف عن إستراتيجيته كوزير على القطاع للحفاظ على الرصيد الوطني من الماشية دون أن يأتي بأية إضافة، ووزير مكلف بالنقل فضل السفريات والإختباء عن الجلوس لطاولة الحوار مع نقابات النقل التي كانت تهدد بشل حركة تنقل البضائع قبل سنة، وحنينه لمنصب الموانئ حيث الراتب الوفير والمكتب الوثير.
وزيرة أخرى ظهرت وهي تروج للسياحة في تنزانيا، في الوقت الذي يفضل عاهل البلاد وولي العهد والأسرة الملكية ككل قضاء عطلهم بالمدن المغربية الجميلة، ووزيرة أخرى كلفت شركة فرنسية لتدبير القطاع الحيوي للطاقة والذي يشرف عليه جلالة الملك بشكل شخصي، قبل أن توفد جيشاً من المدعوين إلى دبي عبر رحلات مكوكية كلفت المليارات من المال العام لحضور مؤتمر المناخ.
وزير آخر مكلف بتقويم إعوجاجات قطاع التربية الوطنية، وجد نفسه أمام حقيقة لم يستطع الخروج منها سوى بالاستنجاد بوزراء آخرين، بعدما أبعد كفاءات متمرسة في القطاع وذات مصداقية مع النقابات.
خطاب الجدية يعيد بقوة ضرورة تعديل حكومي، يبعد أشباه الكفاءات التي تقدمت للإستوزار بقبعات حزبية، تبين أنها مزيفة، مع مرور نصف الولاية الحكومية، ليصبح التعديل الحكومي ضرورة ملحة، لمسايرة الوتيرة التي تشتغل بها عدة قطاعات حكومية لمواكبة الأوراش الضخمة على رأسها الحماية الإجتماعية وإصلاح قطاعي التعليم والصحة، فضلاً عن الإنخراط الجاد في إنجاح تنظيم بلادنا لحدث من حجم مونديال 2030 كما أراده جلالة الملك.
فليس خفياً على أحد يتابع الشأن العام، أن نصف التشكيلة الحكومية الحالية، وزراء مجتهدون بينما النصف الآخر ممن يتقنون الهبوط بالمضلات، جلهم يمتهن الإستعراض ويهوى الصور، وضمنهم من لا يستحق منصباً في الدواوين الوزارية، بإستثناء براعتهم في تبذير المال العام على الصفقات و”التبراع” بسيارات فارهة وسفريات لجيوش المرافقين.