بيدرو سانشيز ، لا ترحل…
بقلم : د. عبدالله بوصوف
” اسبانيا تحتاجك…بيدرو لا تتخلى عنا…” كانت هذه إحدى عشرات الشعارات التي رفعها الالاف من الإسبان( حوالي 12500 ) يوم أمس السبت أمام مقر الحزب الاشتراكي العمالي بالعاصمة مدريد ، مطالبين ” بيدور سانشيز ” رئيس الوزراء بعدم تقديم استقالته يوم الاثنين 29 أبريل…
بعد نشره رسالة مطولة يوم 25 ابريل على منصة X ..شرح فيها للإسبان موقفه من رفع دعوى قضائية ضد زوجته Begona Gomez بتهمة استغلال السلطة و تنازع المصالح…فأعلن عن توقيف جميع أنشطته الرسمية كمهلة للتفكير بين البقاء أو تقديم الاستقالة يوم الاثنين 29 أبريل…
فمن الواضح أن خروج الاسبان لثنــي رئيس الحكومة عن عدم تقديم الاستقالة..هو انتصار لمنجزات الرئيس بيدرو سانشيز في ملفات داخلية سواء اجتماعية أو صحية و تجاوز تداعيات كورونا و الحرب في أوكرانيا وأزمة المحروقات…أو ملفات خارجية من خلال احتضان إسبانيا اجتماع G7 وتقلد الساسة الإسبان مناصب مهمة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي و غيرها…
لكن الرئيس ” بيدرو سانشيز ” عودنا على مثل هذه الردود القوية..كان آخرها إعلانه عن انتخابات تشريعية مبكرة في ماي 2023 كانت مبرمجة في دجنبر ، وهي التي فاز بها في شهر يوليوز..
لقد وصف اتهام زوجته ” بالحرب القذرة ” التي يقودها أخطبوط اليمين المتطرف من أجل تلطيخ صورته بالوحل..فالرجل لم يلوح بالاستقالة عندما خسر بلديات ماي 2023..لكن عندما يصل الأمر الى جر اسبانيا الى ” المستنقع “…فإنه فعلها و رمى بالكرة في ملعب الناخبين و كل الخصوم السياسيين لليمين المتطرف الذي وظف منظمتـه ” الأيادي النظيفة ” Manos Limpias من أجل جـر زوجة سانشيز أمام القضاء ، ليس لأنها مذنبة و لكنها بكل بساطة… لأنها زوجة الرئيس سانشيز..
إذ سبق ” لمكتب الدولة لتضارب المصالح ” بالبرلمان أن حسم في القضية بعد رفعها من طرف الفريق النيابي للحزب الشعبي..بإحالتها على الحفظ لعدم وجود قرائن و أدلة قانونية ضد السيدة Begona Gomez و بعدم وجود موانع لترأس ” سانشيز” لأشغال المجلس الحكومي الذي صادق على الدعم المالي لشركة الطيران المهددة بالإفلاس في زمن كورونا…
لكن اليمين المتطرف سيواصل لعبته المفضلة أي التشهير و ” الوحل الإعلامي ” و ذلك بتسريب خبر اتهام زوجة سانشيز إلى أبــواقهـم الإعلامية وفي مقدمتهم El Cofidencial و The Objective …ليس من أجل البحث عن الحقيقة ، ولكن من أجل تلطيخ الرجل الذي هزمهم منذ مجيئه للسلطة سنة 2018 والذي تحالف مع أحزاب الكطلان و الباسك ، و يقترب من إعلان العفو عن متزعمي استفتاء الانفصال بكطالونيا…
فـالشخصية القيادية القوية ” لسانشيز ” هي التي دفعته إلى الدعوة لانتخابات مبكرة في ماي 2023 ، وهي التي دفعته الى التلويح بالاستقالة يوم 25 أبريل عقب اتهام زوجته من طرف منظمة يمينية أشتهر رئيسها Miguel Bernard أمام القضاء الإسباني برفعه قضايا التشهير في وجه السياسيين و الاعلاميين ورجال القضاء و حتى رجال الدين…وكان القضاء الاسباني يحفظ جميع الاتهامات و القضايا… ومن جملتها اتهام منظمة ” الأيادي النظيفة ” الرئيس السابق “خوسيه لويس زباطيرو ” بإلحاق الضرر بالمصالح الاقتصادية الإسبانية…
لا أعتقد أن ” بيدرو سانشيز ” سيقدم استقالته يوم الإثنين 29 أبريل…أولًا ، لانه حصل على الجواب الذي كان ينتظره من رسالته…أي الدعم الشعبي و النفسي الغير المسبوق..
و ثانيًا ، لأنه عرى اليمين المتطرف سواء أمام البرلمان الإسباني بقرار ” مكتب الدولة لتضارب المصالح ” ، أو أمام الرأي العام الاسباني بخروج آلاف الإسبان داعمين الرئيس سانشيز في صراعه السياسي مع قوى اليمين واليمين المتطرف…
ثالثًا ، التكوين السياسي ” لسانشيز ” سيمنعه من تقديم الاستقالة في زمن الترتيب لانتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل..لأن الاستقالة تعني أيضًا إعلان عن تشريعيات مبكرة و ما يتبعها من لوائح انتخابية وبرامج وحملات…كما قد تحمل معها استقالته من الحزب وهذا لوحده إشكال خطير يهدد قوى اليسار الاسباني..
رابعًا ، الاستقالة تعني هزيمته الشخصية من طرف قوى اليمين المتطرف..وهو الخبير بأساليبهم في التشهير و الوحل الإعلامي…
فإسبانيا تحتاج اليوم بالفعل الى قيادي قوي من طينـة ” بيدرو سانشيز ” الذي حمل معه قيمة سياسية مضافة من الواقعية و الفعالية.. وأخرج اسبانيا من نفق كورونا و حرب الغاز الطبيعي … واعتمد سياسات عمومية ساهمت في تحسين مجالات العمل و الصحة و الرفاهية و جودة الخدمات و مناخ الاستثمار والأعمال..لكل هذا رفع الإسبان في مسيرة حاشدة يوم السبت شعار ” بيدور لا تتخلى عنا…”