زنقة 20. الرباط / عادل أربعي
علم منبر Rue20 من مصادر رفيعة، أن وزير العدل عبد اللطيف، حل صباح اليوم الثلاثاء بمكتبه الوزاري بالرباط، بعدما غادر جنيف غاضباً مكتفياً بلقاء بعض المسؤولين بينهم وزير العدل المالي، إثر إستبعاده من تقديم كلمة المغرب بمجلس حقوق الإنسان، وتكليف وزير الخارجية والتعاون الأفريقي ومغاربة العالم، ناصر بوريطة بتلاوة كلمة الدولة المغربية بأرفع مجلس أممي لحقوق الإنسان، مباشرة بعد لقائه وزير الخارجية الفرنسي بالرباط في اليوم ذاته.
مصادر الجريدة، أكدت بأن وهبي كان قد غادر المملكة الأحد في إتجاه جنيف لتلاوة كلمة المملكة المغربية، كما واضب على ذلك بشكل سنوي وبقوة القانون، بحكم أن مرسوم إختصاصات الوزراء أعضاء الحكومة، أناط بوزير العدل مهمة الوصاية على المندوبية الوزارية لحقوق الانسان، وهذه الأخيرة هي المكلفة بحقوق الإنسان وكذا الإستعراض الدولي الشامل والتقارير الفرعية وجميع الآليات المرتبطة بموضوع حقوق الإنسان.
وشددت مصادرنا على أن عودة الوزير وهبي كانت مبرمجة بعد غد الخميس، بعد أن يكون قد تلى كلمة المغرب بجنيف، وحضر كافة الأنشطة المرتبطة بالمجلس، غير أن إبعاده عن تلاوة الكلمة وتكليف وزير الخارجية من جهات عليا، عجل بعودته للرباط، ليصبح اليوم الثلاثاء في مكتبه بوزارة العدل.
جدير بالذكر، أن عبد اللطيف وهبي، ومنذ توليه حقيبة وزارة العدل واضب سنويا على تلاوة كلمة المملكة المغربية بمجلس حقوق الإنسان بجنيف، حيث يشرف على المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان كما يترأس جلسات الإستعراض الدولي الشامل و التقارير الفرعية بصفته وزيراً للعدل.
هل هي بداية نهاية عبد اللطيف وهبي السياسية ؟
مصادر جريدة Rue20 الرفيعة، كشفت بأن إبعاد عبد اللطيف وهبي عن تلاوة كلمة المغرب، كان قراراً حكيماً خاصة وأن خصوم المملكة كانوا يترصدون أخذه الكلمة لمهاجمة المملكة التي ترأس المجلس لأول في تاريخها، بسبب نفس الشخص الذي ليس سوى وزير العدل والذي حطم كل الأرقام القياسية بمجموع 161 شكاية في بلاده بمتابعة عشرات الصحافيين و الصحف التي تنتقده ونشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، مستغلاً منصبه للجم الصحافة وقمع حرية التعبير وجعلها على مقاسه الخاص.
إلى ذلك، يرى متتبعون أن قرار إبعاد وهبي بصفته وزيراً للعدل عن تلاوة كلمة المغرب في جنيف بهذا الشكل لابد أن يأتي من جهات عليا، بعدما سافر لأجل ذات المهمة، رسالة تحمل بين طياتها الكثير من الرسائل، أولها أن إبعاده عن قيادة ثاني أكبر حزب في المملكة، لم يكن من الصدف، بل قراراً رفيعاً في حد ذاته تمهيداً لخروجه في أول تعديل حكومي، وثاني الرسائل هي أن المحاسبة حول كل ما يروج أمرٌ محسوم ومجرد وقت فقط، لمباشرتها.
كما كان حضور بوريطة وازناً في جنيف، حيث تباحث على هامش انعقاد الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مع عدة وزراء خارجية أجانب، وكذا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، السيد فولكر تورك.
المغرب يعلن أنه سينخرط بمصداقية وديناميكية خلال رئاسته مجلس حقوق الإنسان
إلى ذلك، أكد السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الثلاثاء بجنيف، أن الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان ستنخرط بمصداقية وديناميكية وبسعي إلى التوافقات البناءة من أجل تحقيق أهداف هذه الهيئة الأممية.
وقال السيد بوريطة، في كلمته في إطار الجزء الرفيع المستوى من أشغال الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان الذي يرأسه المغرب، إنه “انطلاقا من مكتسباتها على المستوى الوطني ووفقا لالتزاماتها الدولية، ستنخرط الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان بنفس المبادئ والقيم وطرق العمل التي عرفت بها الدبلوماسية المغربية، بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وعلى رأسها: المصداقية في العمل، والدينامية في الأداء، والابتكار في الأساليب، والسعي إلى التوافقات البناءة، لتحقيق الأهداف النبيلة التي من أجلها تم إحداث هذه الهيئة”.
وذكر بأن انتخاب المملكة على رأس هذا الجهاز الأممي الهام، شكل اعترافا دوليا بالتزام المغرب الراسخ، وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وأوضح أنه بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، قطع المغرب أشواطا مهمة لإرساء منظومة متكاملة لحقوق الإنسان، عبر تنزيل العديد من الأوراش الإصلاحية والمبادرات النوعية، من قبيل التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، وورش تعديل مدونة الأسرة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، والنموذج التنموي الجديد وتعميم الحماية الاجتماعية، و”كلها أوراش ملكية تضع المواطن المغربي في صلب توجهات وبرامج التنمية المستدامة”.
من جهة أخرى، ذكر السيد بوريطة بأن الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان تنعقد في سياق دولي معقد، يطرح تحديات عصيبة، من أهمها الاستقطاب الحاد على المستوى الدولي، الذي يقوض دعائم التوافق العالمي الكفيل بتعزيز حقوق الإنسان، واستمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العديد من مناطق العالم وتراجع المكتسبات التي حققها المنتظم الدولي في قضايا جوهرية، كالتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومكانة المرأة، وحقوق الطفل، ووضعية المهاجرين واللاجئين وتصاعد خطاب الكراهية.
وأشار إلى أنه رغم الإنجازات المتميزة التي حققها المجلس منذ إنشائه، فهو يواجه تحديات تعيق مسيرته، إذ يشهد حاليا محاولات استغلال بعض القضايا وتحريفها عن أهدافها، من أجل خدمة أجندات لا علاقة لها بحقوق الإنسان.
وأكد أن المملكة المغربية، من خلال رئاستها لمجلس حقوق الإنسان، ستعمل على إطلاق مجموعة من المبادرات، من ضمنها الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس حول موضوع توافقي، سيتم التشاور حوله، واحتضان خلوة لتقييم فعالية المجلس ورسم توصيات عملية في مسار مراجعة أساليب عمل مجلس حقوق الإنسان، المرتقب خلال سنة 2026، ثم إطلاق مبادرة، مع مجموعة من الشركاء، حول المرأة في العمل الدبلوماسي، وبالخصوص في مجال حقوق الإنسان.
وعلى هامش مشاركته في فعاليات الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان، عقد السيد ناصر بوريطة لقاءات ثنائية مع نظرائه في البحرين وكازاخستان وهولندا. كما أجرى مباحثات مع المفوض السامي للاجئين والمفوض السامي لحقوق الإنسان.