بقلم : عادل أربعي / مدير عام مجموعة Rue20 الإعلامية
تابع المغاربة بإهتمام الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز، إلى بلدنا المغرب، وما تمخض عنها من تأكيد على دعم الوحدة الترابية للمملكة ومواصلة تمتين العلاقات الثنائية في إطار من الإحترام المتبادل و حسن الجوار و التعاون والتكامل والتشاور المستمر، وفق ما تم الاتفاق عليه في اللقاء السابق الذي جمع السيد سانشيز بجلالة الملك محمد السادس بالرباط قبل سنتين.
الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة الإسبانية، بقدر ما حملت مكاسب لبلادنا والعلاقات الثنائية، بقدر ما حملت نقاط سلبية تتعلق بالصورة التي تداولها الوفد الإعلامي الضخم الذي رافق السيد سانشيز، إلى الرباط.
الزملاء في الإعلام الإسباني في الوفد المرافق لسانشيز، وبحكم التواصل المهني منذ فترة إطلاق النسخة الإسبانية لجريدة Rue20، تواصلوا معنا، مؤكدين أنهم حلوا بالمغرب بوفد من 21 صحافياً من مختلف المنابر المستقلة في الجارة الإيبيرية (بالنظر للتقدير الذي تحضى به الصحافة المستقلة)، إلى جانب وكالة الأنباء الإسبانية والتلفزيون الإسباني وإعلاميين من كبار المحللين السياسيين المعروفين في إسبانيا.
ففي الوقت الذي أصبحت المملكة في حاجة ماسة لتقوية جبهتها الإعلامية الداخلية وتعزيز حضورها السيادي في المناسبات والتظاهرات الكبرى (مونديال 2030 المشترك كمثال) لتسويق صورتها الحداثية المرتبطة بالمكتسبات الكبرى في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك والإمكانات الإقتصادية والسياحية والرياضية والثقافية الهائلة، فإن ما يعاش ويُرى يعطي الإنطباع بأن كل شيء يسير عكس التيار.
تهميش الإعلام والصحافيين المغاربة في ندوة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مثال حي عن إستمرار وجود بعض العقليات التي ترى في “إجتهاداتها” الصواب، بينما لا تزيد في عصر التطور التكنولوجي هذا سوى إساءة للوطن والمؤسسات.
العبد الضعيف، بصفتي مدير عام مجموعة Rue20 الإعلامية التي تنشر النسخة الإسبانية، تواصل معي بعض الإعلاميين الإسبان الذين حضروا الندوة الصحافية، وتسائلوا عن سبب غياب منبر ناطق باللغة الإسبانية عن ندوة رئيس حكومة إسبانيا تقام ببلدي المغرب، بينما حضر صحافيون عن منابر ناطقة بالفرنسية و العربية دون توفير الترجمة باللغة العربية.
لم أجد ما أجيب به هؤلاء الزملاء الإسبان، سوى أنني طريح الفراش بينما بقية الزملاء في الجريدة لم يجدوا بداً من متابعة الندوة عبر التلفزيون الإسباني.
لكن الحقيقة، أن الحكومة المغربية التي نظمت وصول وتنقل الوفد الصحافي الإسباني وعودته إلى المطار، لم تخصص نفس الإهتمام لدعوة الصحافيين المغاربة، على الأقل المتخصصين في الشأن الإسباني، والناشرين باللغة الإسبانية، حيث لم يحصل سوى شخصين على فرصة تغطية الندوة الصحافية، لرئيس الحكومة الإسبانية، الى جانب قنوات القطب العمومي، بينما تظهر كراسي المكان المخصص للإعلاميين المغاربة شبه فارغة عكس الجانب الإسباني الممتلئ عن آخره.
وهكذا غطت مختلف المنابر الإعلامية الإسبانية الندوة بشكل مباشر، بينما لم تحصل نظيرتها المغربية على نفس الفرصة رغم كون الندوة الصحافية مقامة بالرباط عاصمة المملكة المغربية وهو ما أثار إستغراب الصحافيين الإسبانيين أنفسهم في إتصالاتهم بنا حول أسباب تغييبنا عن الندوة.
صحافيون إسبان تسائلوا عقب ندوة رئيس الحكومة الإسبانية الذي كان منفرداً، عن أسباب غياب الصحافيين المغاربة خارج الإعلام العمومي الرسمي. كما أن الندوة شهدت حضور إثنين من المحللين السياسيين المشهورين في إسبانيا الذين لم يطرحا أي سؤال، وإكتفيا بملاحظة ما يقع لمناقشته في برامج حوارية على القنوات التلفزيونية حين العودة إلى مقرات عملهم، ومن بين ما لاحظوا وتحدثوا حوله هو قلة أو غياب الصحافيين المغاربة في الندوة الصحافية المنظمة بالمغرب.
المحللين السياسيين المعروفين، الذين حضرا الندوة الصحافية لسانشيز بالرباط، تداولا أيضاً غياب رئيس حكومة البلد المضيف عن الندوة الصحافية، كما أن منبر Rue20 النسخة الإسبانية كان يخطط لإستضافة هذين المحللين الإسبانيين على هامش هذه الزيارة في حوارات مقتضبة بالنظر إلى قصر فترة تواجدهم بالمغرب رفقة رئيس حكومتهم.
ويتواصل بهذا، مسلسل تحقير الصحافة الوطنية على حساب الأجنبي، في الوقت الذي لا تجد الدولة المغربية، غير الصحافة الوطنية خلال المناسبات التي تتعرض فيها البلاد لهجمات إعلامية شرسة تمس المؤسسات، وبمختلف اللغات.
فمن يتعمد تحقير الإعلام والصحافيين المغاربة في وطنهم، بهذه التصرفات عليه أن يتوقف أو يتم إعفائه من هذه المهمة لأنها إساءة للبلد وفشلٌ ذريع في حد ذاته.