أمريكا، الصحراء و حديث الصورة
بقلم : امحمد لقماني
و يبقى الأمريكان أوفياء لعقيدتهم الدبلوماسية القائمة على البراغماتية السياسية حيث لا مكان فيها للصداقة المبدئية. في حالة المغرب و كلما حاول الانفراد بمواقف سيادية في قضايا دولية كما هو الحال في نصرة القضية الفلسطينية أو كلما عمق شراكاته الاقتصادية مع منافسي امريكا، إلا و أشهر البيت الابيض( الديمقراطي خاصة ) في وجهنا ورقة الصحراء و حقوق الإنسان و تجميد صفقات الأسلحة، و غير ذلك.
و عودة إلى موضوع الصورة التي نشرتها السفيرة الأمريكية بالجزائر فعلى حسابها في منصة X خلال زيارتها لتندوف. هنا، ترتدي السفيرة قبعتين: واحدة باسم بلدها و الثانية باسم منظمات مانحي “اللاجئين ” بتندوف، ثم تردف بأن التصرف محايد و ليس فيه أي موقف.
لكنها لم تتردد في أخذ صورة مدروسة مع اعضاء ميليشيا البوليساريو و في خلفية نفس الصورة زعيمهم، الارهابي ابراهيم غالي، سارق المساعدات الانسانية المقدمة للمحتجزين في المخيمات، و أكثر من ذلك المتابع قضائيا على الصعيد الدولي لارتكابه جرائم ضد الانسانية.
أليس امريكا هي صاحبة القلم في ملف الصحراء داخل مجلس الأمن الدولي و يفترض على دبلوماسييها معرفة حساسية الملف بالنسبة ل”صديقهم ” المغرب أكثر من غيرهم؟
أليس هذا الارهابي هو نفسه زعيم التنظيم الذي أمر و اعترف رسميا بمسؤوليته عن الأحداث الإرهابية التي ضربت مدينة السمارة، مما يفرض بديهيا على امريكا، بصفتها صديقة المغرب، التعاطف و التضامن معه، الشيء الذي لم يحصل ؟
هل كانت السفيرة الأمريكية تجهل فعلا هذه الاعتبارات أم أن لكل مقام مقال، أم هي، ببساطة ، لعبة تبادل الأدوار مع الإدارة الأمريكية التي قال الناطق الرسمي باسمها غير ذلك، و لم يكن مقنعا حتى ؟
الواقعية السياسية تفرض علينا النظر الى الامور كما هي لا كما نشتهي ، و الخارجية المغربية تدرك ذلك جيدا، و تدرك أيضا أن حجم الضغوطات و موازين القوة في الوقت الراهن تفرض التعامل بتأنٍ و إنضاج شروط الرد المناسب في الوقت المناسب. لكن خطاب الطمأنة المبالغ فيه حول الموقف الأمريكي اتجاه قضية الصحراء، هو مغامرة و لن يفيدنا في شيء.